أطلّت مدوّنة الموضة وعارضة الأزياء اللبنانية نور عريضة منذ نحو أسبوع في مقطع فيديو توعويّ مع ابنتها إيلا، أوصلت من خلاله رسالة وطنية بامتياز، داعيةً إلى أهمية تعليم أطفال لبنان عن بلدهم حين يمر في ظروف صعبة. فبدلاً من سرد قصّة خيالية قبل النوم، اختارت عريضة قصة واقعية من تاريخ بلد عمره آلاف السنوات.
تقول عريضة في بداية حكايتها: "على مرّ التاريخ، الكثير من البلدان كانت أعينها على لبنان، جرّبت أخذه منا، ولكن... هذا مستحيل". وتابعت بسردِ معلومات تاريخية عن عراقة مدن لبنان، من بعلبك وجبيل وطرابلس وصور، إلى البترون وصيدا وصور، وبيروت "أم الشرائع"، مرفقة المنشور بعبارة بالانكليزية مفادها: "إنه الرد الملائم على البروباغندا، من خلال عرض الحقائق. أخبروا أطفالكم عن تاريخ لبنان وزوّدوهم بالحقائق".
تفاعل عدد كبير من الفنانين والمؤثرين اللبنانيين والعرب مع رسالة عريضة، بينهم الفنانة الإماراتية أحلام التي علّقت على الفيديو، قائلةً: "لبنان الحب الكبير، شكراً على هذه الثقافة، ليحفظ الأجيال تاريخها وتاريخ لبنان العظيم، ربي يحميه ويحميكم".
لكن، يبدو أنّ هذه الحقائق التاريخية عن وطن الأرز أزعجت إيلا واوية، نائبة المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي، التي أعادت عرض مستهل ما قالته عريضة في كلامها عن استحالة أخذ لبنان من اللبنانيين، في محاولة فاشلة لتشويه رسائل المؤثّرين اللبنانيين. وهذا الفشل ليس جديداً على واوية، ولا على رئيسها أفيخاي أدرعي، فهما يفشلان دائماً في استفزاز اللبنانيين باستخدام أغنيات فنانيهم العظماء كالسيدة فيروز، ورسائل المؤثرين مثل عريضة، التي حرصت على رفع الصوت الإنساني بعيداً من أي مضمون سياسي، قد يستخدم في أي سجال داخلي.
من دواعي السخرية أن تتكلم واوية عن حضارة لبنان، بعدما دمّرت حكومتها وجيشها أهم معالم لبنان الحضارية، آخرها ما حصل في مدينة النبطية. ومضحكٌ مبكٍ أن تأتي على ذكر مصطلحات مثل "التحضر" و"السلام"، فيما تنكّل إسرائيل بلبنان وشعبه منذ عام 1948. كما تتحدّث بتأثر كبير عن التهجير والتشريد والجوع والدمار، متجاهلة أنّ غارات جيشها هي المسؤولة عن هذه المآسي.
من دون أن تقصد، أسدت واوية للبنايين خدمة كبيرة، إذ شجّعت الكثيرين على العودة إلى فيديو عريضة، ومشاهدته مرة بعد مرّة تمسّكاً بتاريخ بلدهم وحضارته وثقافته، وإصراره على الصمود والنهوض بعد كل نكسة. لقد أحيت في كلٍّ منا فينيقاً لا يموت.