النهار

بالفيديو والصور: معبر جوسيه - القاع خارج الخدمة... إسرائيل أقفلته لإحكام حصارها البري على لبنان
لينا اسماعيل
المصدر: النهار
امتدت هجمات الطائرات الحربية الإسرائيلية فجر أمس لتطاول معبر جوسيه الحدودي الشرعي الذي يربط بين لبنان وسوريا في محلة مشاريع القاع الحدودية، إذ استهدفت الغارة المنطقة ما بين مكاتب الأمن والجوازات في الأراضي السورية، على مسافة حوالى مئة متر فقط من مركز الأمن العام اللبناني.
بالفيديو والصور: معبر جوسيه - القاع خارج الخدمة... إسرائيل أقفلته لإحكام حصارها البري على لبنان
آثار الغارات الاسرائيلية في معبر جوسيه - القاع
A+   A-

امتدت هجمات الطائرات الحربية الإسرائيلية فجر أمس لتطاول معبر جوسيه الحدودي الشرعي الذي يربط بين لبنان وسوريا في محلة مشاريع القاع الحدودية، إذ استهدفت الغارة المنطقة ما بين مكاتب الأمن والجوازات في الأراضي السورية، على مسافة حوالى مئة متر فقط من مركز الأمن العام اللبناني.وأسفرت عن إقفال المعبر إقفالاً تاماً، في خطوة تصعيدية خطيرة تحاكي الحصار الاسرائيلي البري للبنان.

جاء الاعتداء الإسرائيلي الأخير عقب سلسلة من الضربات اليومية العنيفة منذ الخامس والعشرين من أيلول المنصرم، استهدفت المعابر غير الشرعية الممتدة على طول الحدود اللبنانية - السورية في منطقتي الهرمل والقاع. ليظل معبر جوسيه المعبر الشرعي الوحيد الذي يواصل عمله، ويشهد حركة عبور كثيفة منذ إغلاق معبر المصنع، مما جعله بديلاً موقتاً منه، خصوصاً بعد أن أُغلقت الغارات المعادية  المعبر الأخير.

 

 

معبر حيوي
معبر جوسيه، المعروف شعبياً باسم "الأمانة - القاع" ، يُعدّ محوراً حيوياً على الحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا، يبعد حوالى 43 كيلومتراً عن مدينة بعلبك، علماً أن تاريخه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأحداث المختلفة التي شهدتها المنطقة، مما يجعله رمزاً لتقلبات الزمن وتحولاته.

 

 

في هذا السياق، يؤكد رئيس بلدية القاع بشير مطر لـ"النهار" أن المعبر صُنّف منذ ثلاث سنوات من الفئة الأولى بعد أن كان فئة ثانية، وكان الأهالي يتطلعون بشغف إلى استكمال المراسيم والإجراءات اللازمة وتوفير الكوادر البشرية والمرافق المناسبة له، ليصبح مؤهلاً للعمل وفق التصنيف الجديد.، وهو ما كان يتيح له أن يحل محل معبر المصنع في فترة إغلاقه، وما من شأنه أن يفتح أبواباً جديدة لفرص العمل ويعزّز الاقتصاد في البقاع الشمالي. لكن العدو قصفه وأغلقه، مما أدى إلى تفاقم الأزمة ةأصبح خروج النازحين السوريين إلى بلدهم في سياراتهم أمراً أكثر تعقيداً". 

ويوضح "أن حركة الدخول إلى سوريا ستشهد تغييرات ملحوظة بالنسبة الى اللبنانيين الذين يفضلون استخدام سياراتهم، ولاسيما منهم أولئك الذين يفرّون من جحيم الحرب القائمة. كذلك يعاني السوريون النازحون الوضع نفسه، فيما يمثل القصف استمراراً للحصار البري". 

 

ويرى "أن الأمور وصلت إلى حد أن الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني لم يعدا قادرين على الدخول أو الخروج في حالات الطوارئ القصوى"، مشيراً الى "أن إسرائيل قصفت سابقاً المعابر غير الشرعية، بدءاً من الشمال ووصولاً إلى منطقة الهرمل، ومن المثير للدهشة أن هناك بعض الأشخاص الاستغلاليين الذين لا يزالون يسعون الى فتح معابر غير شرعية للتهريب، مما يعرّض المنطقة والجيش اللبناني لخطر القصف المتكرر".

 

فئة أولى مع وقف التنفيذ

ويؤكد رئيس مجلس إدارة تعاونية القاع الزراعية طارق طعمة لـ"النهار"، أن إغلاق المعبر "لا يُحدث تأثيراً بارزاً على القطاع الزراعي، وذلك يعود إلى أن تصنيفه الرسمي فئة أولى لا يزال في انتظار استكمال الإجراءات الرسمية، وبالتالي، لا يمكن الشاحنات الكبيرة عبور هذا المعبر لتصدير المنتجات الزراعية إلى دول الخليج العربي، بينما ينعكس هذا الإغلاق سلباً على حركة انتقال العمال الزراعيين بين البلدين".

 

 

تاريخ هذا المعبر ينسج خيوطاً معقّدة من الأحداث السياسية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة، بحيث تتداخل فيه حكايات وصراعات متشابكة. 
منذ عقود، كان يُستخدم حلقة وصل للتجارة والتنقل بين البلدين. ومع اشتعال النزاعات في المنطقة، ولاسيما منها الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) وما تبعها من صراعات، شهد تغييرات كبيرة في أسلوب استخدامه وإدارته.

 

 

 وفي السنوات الأخيرة، أصبح محط اهتمام بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية، وجرى إغلاقه مراراً نتيجة التوترات بين الحكومتين اللبنانية والسورية، أو بسبب الأزمات الأمنية وخصوصاً مع بداية الثورة السورية عام 2011 حتى اليوم. النزاع في سوريا أدى إلى تدفّق اللاجئين إلى لبنان، مما زاد من أهمية المعبر قناة عبور للناس والبضائع. في بعض الأوقات، أُغلق المعبر مدة طويلة نتيجة الحوادث الأمنية وتعرّضه لاعتداءات من الإرهابيين. 

تلك الحوادث وغيرها ساهمت بعمق في تشكيل معالم معبر القاع، وأثّرت بشكل واضح على دوره الاستراتيجي. ورغم ذلك، يظل معبر جوسيه - الأمانة يُمثل شريان حياة حيوياً للتجارة والنقل بين لبنان وسوريا، ويعكس بجلاء التحديات التي تواجهها المنطقة، خصوصا في هذه الحرب التي تتسارع بعنفها ودمويتها. 

إقفال هذا المعبر اليوم يخلّف تأثيرات سلبية جسيمة على حركة الأهالي والبضائع عبر الحدود، مما يهدّد بعزل محافظة بعلبك - الهرمل ويعوق وصولها إلى الموارد الأساسية مثل الغذاء والدواء، الأمر الذي يفاقم الأوضاع الإنسانية. وعلى الصعيد التجاري، فإن حركة البضائع ستُقيّد مما يتسبّب بنقص حاد في السلع وارتفاع غير مسبوق في الأسعار.

اقرأ في النهار Premium