عشرات الهكتارات من الأراضي الحرجية عموماً والصنوبرية خصوصاً، كانت في حصيلة أولية طعماً لمسلسل الحرائق المتنقلة التي تضرب غابات محافظة عكار والأراضي الزراعية والبساتين والممتلكات، ولاتزال تهدّد المنازل منذ 3 أيام، نظراً الى استمرارها ولا سيما منها الحريقين الكارثيين في خراج حرار - قبعيت-حبشيت، وعكار العتيقة.
وتبذل فرق الاطفاء جهوداً كبيرة في محاولة السيطرة على جحيم النار المستعرة والتي تتمدّد ملتهمة مساحات إضافية من هذه الجنّة الطبيعية، من دون معرفة سبب اشتعالها حتى الآن أو من تسبّب به، وهذا يتطلّب تحقيقات جدية للوقوف على حقيقة هذا الغضب المفتعل.
ويشير فريق "درب عكار" الى أن رقعة النار التي ضربت مثلث حرار- قبعيت وحيّزاً من أراضي حبشيت، بلغت مساحتها حتى الآن حوالى 30 هكتاراً، ولا تزال مستمرة.
وفي بلدة عكار العتيقة التي خرجت النار فيها عن السيطرة ليلاً، وتمدّدت بخط طولي الى ما يزيد عن 3 كيلومترات، لاتزال مستعرة وتهدّد بإيقاع خسائر كبيرة جداً.
وأسف عبدالقادر عبدالمجيد، المسؤول الاعلامي في فريق "المستجيب الأول" في اتحاد بلديات جرد القيطع، لـ"الحرائق الكارثية المتنقلة في الشمال وخصوصاً في عكار، حيث تشتعل النار في آن واحد في أكثر من مكان، وهي ليست مجرد حرائق تُخمد بالمياه. إنها نار تلتهم الأرض والقلوب، وتزيد من وجع شعبٍ يقف على حافة الانهيار، يعاني ألم الحرب والتهجير القصري والفقر والتخلي".
وأضاف: "في هذه الأرض المنسية، تختلط دموع السكان بدخان الحرائق، فتبدو عكار حكاية مؤلمة تُحكى في ظلامٍ لم يعد للضياء مكانٌ فيه".
ولفت الى "أن سلسلة الحرائق التي اندلع بعضها متزامناً وبعضها الآخر متتابعاً في خراج بلدات بزال وحبشيت وحرار وقبعيت وزوق الحصنية وعكار العتيقة وفنيدق والقموعة، أدّت إلى تفاقم معاناة السكان المحليين وإحداث أضرار بيئية واقتصادية كبيرة، وكشفت عن ضعف البُنى التحتية للتعامل مع الكوارث في منطقتنا نتيجة الأزمات المتلاحقة والحرمان المتراكم منذ الاستقلال".
وأشار الى "أن حريق قبعيت اندلع في ٢٥ تشرين الاول وانتشر بسرعة بسبب الرياح والجفاف ليطاول أكبر غابة صنوبر بري متبقية في حرار. وقد امتدت النار لتشمل مساحات كبيرة من الأشجار الحرجية والأراضي الزراعية وساهمت وعورة المنطقة وسرعة الرياح الشمالية، في توسع رقعتها بشكل سريع جداً ".
وأشار الى "أن الأضرار الناتجة من الحريق تتمثل بتدمير عشرات الهكتارات من الغابات التي كانت مأوى للحياة البرية في حرار وقبعيت كذلك أثارت النار مخاوف كبيرة لدى السكان وخسارة مصادر أرزاقهم الزراعية".
وأثنى على جهود الفرق المستجيبة وعلى رأسها الدفاع المدني والجيش والقوات الجوية التي كانت مساهمتها فعالة بالطوافات مدى يوميين، معتبراً "أن النقص في الوقود والموارد شكّل تحدياً رئيسياً أمام السيطرة على الحريق. كذلك، اعتمد كثيرون من السكان المحليين على جهودهم الذاتية لمكافحة النار، باستخدام معدات بدائية مثل أغصان الشجر والمعاول، في محاولة يائسة لحماية غاباتهم ومزروعاتهم".
ولاحظ "أن الآثار البيئية للحريق طويلة الأمد، فهو يمثل خطراً بيئياً كبيراً، إذ يتسبّب بفقدان مساحات شاسعة من الغطاء النباتي. ويتوقع أن تؤدي هذه الخسارة إلى تفاقم مشاكل التربة، مثل تآكلها وانجرافها، مما قد يؤدي إلى زيادة مخاطر الفيضانات وانجراف التربة. كما يتوقع أن يستغرق تعافي النظام البيئي سنوات عدة، مما يؤثر سلبًا على استدامة المنطقة الزراعية".
وأوضح أن حريق حرار "كشف عن حاجة ملحة الى تطوير بنية تحتية فعّالة للتعامل مع الكوارث، وتحسين القدرة على الاستجابة العاجلة للحد من الخسائر الكبيرة، فمن المسؤول؟"، واضعاً الأمور "برسم وزارتي البيئة والزراعة وقوى الأمن الداخلي".