منذ نحو شهر، تلقى عدد من السكان، لا سيما في بلدتي عين إبل ودبل، اتصالات من الجيش الإسرائيلي تأمرهم بالمغادرة فوراً، ليستفيق أهالي دبل في اليوم التالي بعد التهديد على استهداف منزل في البلدة، مما أدّى إلى مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة، وهم رجل وزوجته وابنهما الشاب، وهو عنصر في قوى الأمن الداخلي، وهنا كانت اللحظة المفصلية.
على وقع هذه الحادثة والتهديدات المتواصلة، اضطرت العائلات إلى النزوح بمرافقة الصليب الأحمر والجيش اللبناني إلى أماكن تعتبر أكثر أمناً، منهم من انتقل إلى دير بلدة رميش، الذي فتح أبوابه لاستقبال النازحين، والبعض الآخر انتقل إلى بكفيا، وتحديداً إلى مراكز خصصتها جمعية "كلنا عيلة" لإيواء العائلات النازحة من البلدات المسيحية.
"تهجّرت ثلاث مرات"
سعدة يونس واحدة من النازحين من دبل، انتقلت مع ابنتها إلى بكفيا، تروي عبر "النهار" قصتها، قائلةً: "نعيش الخوف والرعب منذ سنة مع بدء الحرب عند الحدود، إلا أننا بقينا صامدين إلى حين حصول فاجعة في الضيعة، بعد وفاة عائلة بصاروخ، ومن غير المعروف من أين جاء هذا الصاروخ، فقررنا النزوح".
وتضيف: "أجرينا اتصالات مع سامي الجميل، الذي قال لنا إن الأماكن ستكون جاهزة لاستقبالنا، فحزمنا أمتعتنا ونزحنا".
وبغصة كبيرة تقول: "أكثر ما أفتقد إليه هو منزلي في قريتي. لا يمكننا تحمّل أن تتكرّر هذه العملية كل 15 عاماً، فأنا ابنة الـ55 سنة، وهذه المرة الثالثة التي أتهجّر فيها. وكل ما حاولنا تأسيس حياتنا من الصفر نعود إلى الوراء وإلى التهجير، واليوم أمنيتي الوحيدة هي العودة إلى ضيعتي والعيش بسلام فيها".
حال سعدة كحال كثيرين من بلدتها ممن اضطروا إلى النزوح. فإيلي لوقا يتمنى بدوره أن تنتهيَ الحرب، وأن يعود مع عائلته إلى قريته. يقول لـ"النهار": من دبل جئت أنا وإخوتي الصغار، ومع شقيقتي وأطفالها إلى بكفيا. أشتاق كثيراً إلى المنزل؛ فكلّ شخص يتمنى أن يبقى في منزله، وأن يعيش بسلام واستقرار على أمل أن نعود قريباً".
حتى الأطفال كانت لهم صرختهم. تقول كلاريتا لوقا: "قلبنا في دبل، واشتقنا إلى القرية والمدرسة، وإلى أصدقائنا، ونتمنى العودة بخير وسلامة، وأن نجد منزلنا كما كان في السابق وليس مدمراً".
70 طفلاً من النازحين تسجّلوا في المدارس
أخذت جمعية "كلنا عيلة" على عاتقها إيواء نحو 360 نازحاً، وتحديداً 60 عائلة من عين إبل ودبل.
في السياق، يقول كلود أبو رحال، مدير المركز الصحي في الجمعية، إنه "بالتنسيق مع المعنيين، تم إخراج العائلات من عين وإبل ودبل بعد تلقي اتصالات منهم. وتم تحضير 3 مراكز للإيواء بسرعة قياسية وتجهيزها بأكثر الأمور التي تُشعر النازح إلى حد ما بأنه في منزله، بالرغم من أن ما من شيء يعوّض الفرد عن البقاء في منزله وضيعته".
ويضيف أبو رحال أن "الجمعية تحتضن 9 أطباء من كافة الاختصاصات، وعيادات طبية أصبحت كلّها بخدمة النازحين. ويتم العمل على تأمين ثلاث وجبات يومياً لهم، بالإضافة إلى نشاطات متنوعة للأطفال، مع الاهتمام بالصحة النفسية عبر مجموعة من الاختصاصيين".
وفي الشق التعليمي، يوضح أبو رحال بأن "هناك 90 طفلاً في المراكز فيما تمّ تسجيل 70 منهم في المدارس الخاصة، وبدأوا هذا الأسبوع بالذهاب كباقي التلاميذ إلى 3 مدارس ضمن بكفيا، وتمّ تجهيزهم بكافة المستلزمات التي يحتاجونها".
على غرار معظم البلدات الجنوبية، لم تسلم القرى المسيحية الواقعة عند الحدود من القصف الإسرائيلي؛ فسكّان قرى عين إبل، دبل، القوزح ورميش، اضطروا إلى ترك منازلهم والنزوح بعد أن حاولوا الصمود لسنة كاملة منذ بدء حرب الإسناد.