كأن ما يلحق بالطبيعة اللبنانية والبيئة البرية من أضرار وخسائر جراء العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان والذي تستعمل فيه الدولة العبرية أسلحة وذخائر محرّمة دوليا مثل الفوسفور الأبيض الذي أحرق ألوف الهكتارات من الأراضي الحرجية والرراعية، إضافة الى الحرائق المتعمدة والقطع الجائر للأحراج، جتى جاءت المفاجأة من البحر...
"جمعية الأرض " كشفت أنها رصدت "قدوم مركب بحري لشفط الرمول إلى منطقة الهري في قضاء البترون وركنه في مرفأ منتجع (...) سياحي".
وسألت في بيان عن "هدف استقدام هذا المركب علماً أن هذه المنطقة السياحيّة بإمتياز والحسّاسة بيئيّاً، مصنّفة منطقة مهمة للتنوع البيولوجي، وأي عمليّة لشفط الرمول تحتاج حكماً الى إعداد دراسة تقييم أثر بيئي لما لها من أثر سلبي على البيئة البحريّة والشاطئ."
لا... لشفط الرمول
هذا البيان حرّك الناشطين البيئيين الذين رفعوا الصوت مطالبين بمنع شفط الرمول من شاطىء الهري.
أستاذ علوم الجيولوجيا في الجامعة اللبنانية سمير زعاطيطي كتب تحت عنوان "ممنوع شفط الرمول من الشواطئ اللبنانية ونقطة على السطر" :
"لا داعي لشعار تحملونه دائماً ضرورة إجراء "دراسة تقييم بيئي!
المعطيات الجيولوجية هي الأساس لحماية البيئة وخبرة في جيولوجيا لبنان وبيئاته المتنوعة المختلفة بين ساحل وجبال غربية، سهل داخلي وجبال شرقية ".
وأضاف: "(هي قصة حبة الكوارتز (المادة اﻷساسية للزجاج أوكسيد السيليسيوم) الشفافة التي نتجت من تفتت صخور الغرانيت على طول مجرى نهر النيل، وحملتها فيضاناته الى البحر الأبيض المتوسط .
التيارات البحرية التي تدور في المتوسط بعكس عقارب الساعة من الجنوب الى الشمال، تطرح حبيبات الكوارتز على المناطق المخفوضة من سواحل المتوسط مكوّنة الشواطئ الرملية.
هذه العملية الجيولوجية المتواصلة ملايين السنين، توقفت تقريبا بعد انشاء السد العالي (في مصر عام 1971).
بمعنى آخر إن كل حبة رمل تشفط من شاطئ لبنان من أجل حفنة من الدوﻻرات، لن تعوّض إطلاقاً بعد اليوم، وسيبقى منظر الشاطئ إذا ما استمر الشفط مستنقعاً تختلط فيه المياه العذبة بالمياه المالحة، ويعشش فيه البرغش والذباب والخز البحري.
بكلمة واحدة سيجري تغيير معالم الشاطئ وسيشوه الوجه البحري الجميل للبنان الى اﻷبد".
ومع تبلغ محافظ الشمال رمزي نهرا بالأمر، وبصفته رئيساً لبلدية الهري المنحلة، أصدر قراراً فورياً بوقف الأعمال، طلب فيه الى قائد منطقة الشمال الاقليمية في قوى الامن الداخلي، "الايعاز الى القطعة المعنية في منطقة البترون وقف شفط الرمول من الشاطىء خلافا للقانون".
كذلك اتصل رئيس اللجنة النيابية للبيئة النائب غياث يزبك بقائد الجيش العماد جوزف عون، وشرح له مخاطر استخراج ٣٠ ألف متر مكعب من الرمول من بقعة واحدة عند شاطئ شكا - الهري، وأثره السيئ على النظام البيئي، علماً أن هذه الكميات كانت تستَخرج من كل الشاطئ اللبناني قبل ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣، فأبلغه العماد عون أن الجيش يشرف على هذه العملية لمصلحة وزارة الأشغال وحصته منها، لأغراض الدفاع الوطني، هي ٤٥ في المئة، لكنه وعد بأنه سيتواصل مع وزير الأشغال العامة، مانح الرخصة، سعياً الى إنقاص الكميات إن لم يكن وقف العمل كلياً.
وأوضح يزبك "أن المحافظ نهرا تجاوب مع مراجعاتنا، وأصدر أمراً بوقف التنفيذ فوراً وخصوصاً أن الإذن بالعمل غير مقرون بدراسة الأثر البيئي المفترض الاستحصال عليها من وزارة البيئة، إضافة الى أن الاعمال تحصل من دون علم البلدية المعنية".
ودعا وزيري البيئة ناصر ياسين والأشغال العامة والنقل علي حمية الى "سحب الترخيص منعاً لكارثة بيئية محقَّقة ستحل بالثروة السمكية والأَحياء البحرية على أجمل الشواطئ السياحية في لبنان".
هل تنجح هذه الجهود في ردع المخالفين أم أنهم سيستمرون في جرائمهم مستظلين العدوان القائم وضعف الدولة والفوضى المستشرية؟ سؤال برسم الآتي من الأيام فيما الناشطون يترصّدون موعد مغادرة المركب المريب شاطيء الهري.