مع بداية "حرب الاسناد" التي أطلقها "حزب الله" من جنوب لبنان، غداة عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس" في 7 تشرين الأول (اكتوبر) 2023، كثر الحديث عن الاستعدادات التي قامت بها الحكومة اللبنانية عبرالهيئة العليا للاغاثة والمحافظين في المناطق، من أجل دعم صمود الجنوبيين ونزوحهم في مواجهة آلة الحرب الاسرائيلية. غير انه مع توسع رقعة العدوان في تموز 2024 وشمولها الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع وأماكن أخرى في بيروت وجبل لبنان، انكشفت هشاشة الآليات المتّبعة وضعف الاجهزة الرسمية وحتى غير الرسمية في القدرة على إغاثة الجنوبيين الصامدين أو النازحين.
من هنا، لم تكن حال الدفاع المدني التابع لوزارة الداخلية والبلديات مختلفاً عن واقع الخطط الورقية التي أعلنتها الجهات الرسمية، من دون التثبّت من أنها قادرة على سدّ الحاجات المطلوبة لمواجهة أي توسّع للعدوان الاسرائيلي.
بحسب رئيس مركز النبطية الاقليمي للدفاع المدني حسين فقيه الذي يضم 21 مركزاً على مستوى محافطة النبطية، كان يعمل "منذ بداية العدوان في اطفاء النار في الاحراج وعلى الخط الازرق، نتيجة مباشرة لرمي القنابل الفوسفورية بما تيسر من امكانات لدينا، وقد نجحنا الى حد كبير في مهماتنا طوال عام كامل إذ قمنا بسبعة آلاف مهمة".
ولفت الى أنه "مع توسع العدوان في ايلول (سبتمبر) الماضي، بدأنا بالعمل مكشوفين، إذ دمّر العدو تباعاً 6 مراكز في منطقتي مرجعيون وبنت جبيل جنوب نهر الليطاني، فيما تضررت 40 في المئة من آلياتنا عبر الاستهداف المباشر أو في خلال المهمات (35 آلية)، كذلك سقط لنا 13 شهيداً و26 جريحاً علماً أن عددنا بين موظفين ومتطوعين زهاء 400 شخص".
وكشف لـ"النهار" أن متطوعي الدفاع المدني "لا يزالون يتوجهون الى كل الاماكن المستهدفة في منطقة النبطية لرفع الانقاض وعمليات الانقاذ والاطفاء انطلاقاً مراكزنا البديلة، لكننا نعمل خلافاً لكل الجمعيات الاهلية بلا خوذ ودروع واقية ولا أي حماية شخصية، كذلك نعاني نقصاً حاداً بالتجهيزات والمواد الخاصة لاطفاء الحرائق، مثل مادة الفوم الخاصة بالاطفاء في الاماكن المغلقة، ونحتاج الى الخراطيم، وإذا أمكن الى آليات جديدة كي نتمكن من العمل وخصوصاً أن الأسلحة المستخدمة تحدث حرائق كبيرة وتتوسع بشكل سريع".
وشدد على "أننا نعتبر أرزاق الناس وأرواحهم أمانة في أعناقنا، لذلك نسعى الى المساهمة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه كون المواطن ينظر الينا على أننا شبكة أمان له. وإن كان المدير العام للدفاع المدني ومحافط النبطية مشكورين يطلعان على عملنا يومياً ويقدمان الينا كل ما في حوزتهما، غير أننا نحتاج الى رعاية إضافية من أي جهة كانت كي نتمكن من القيام بمهماتنا على أكمل وجه في هذه الحرب غير المسبوقة. فالمطلوب سريعاً تأمين الدروع وغيرها من تجهيزات الحماية الشخصية أقله لكي نحمي أنفسنا".
لا شك في أن حال الدفاع المدني في النبطية التي تفصلها حوالى 12 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، لن تختلف عن حال الدفاع المدني في أي منطقة لبنانية. لكن ليتخيل، لمرة واحدة، أي مسؤول نفسه يعمل وسط الحرائق وبين الدمار بلا أي وسيلة حماية شخصية في ظل تحليق المسيّرات فوق راسه ناهيك بباقي المسلتزمات. فهل من يتطوع لاغاثة هؤلاء المتطوعين الذين لم يتخلفوا عن نداء الواجب رغم كل الصعوبات؟