قالت أربعة مصادر مطلعة على معلومات مخابرات أميركية محدثة لوكالة رويترز، إن قدرات جماعة "حزب الله" اللبنانية العسكرية تراجعت بشدة بسبب الضربات الإسرائيلية لكن الجماعة ستحاول على الأرجح إعادة بناء مخزوناتها وقواتها لتشكل تهديدا على المدى البعيد للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
وقال مسؤول أميركي كبير ومسؤول إسرائيلي ونائبان أميركيان اطلعا على معلومات مخابرات بعد أن طلبوا جميعا عدم ذكرهم بالاسم في التقرير إن أجهزة المخابرات الأميركية قدرت في الأسابيع القليلة الماضية أن "حزب الله" بدأ، حتى في وقت كانت فيه الحملة العسكرية الإسرائيلية مستمرة، في تجنيد مقاتلين جدد ويحاول العثور على سبل لإعادة التسلح عبر الإنتاج المحلي وتهريب مواد عبر سوريا.
وقال اثنان من المصادر إنه من غير الواضح إلى أي مدى تباطأت هذه الجهود منذ الأسبوع الماضي، عندما توصل "حزب الله" وإسرائيل إلى وقف هش لإطلاق النار. ويحظر الاتفاق تحديدا شراء "حزب الله" للأسلحة أو أجزاء الأسلحة.
وفي الأيام القليلة الماضية، حاولت إسرائيل إضعاف قدرة "حزب الله" على إعادة بناء قوته العسكرية، إذ قصفت العديد من منصات إطلاق الصواريخ في لبنان وقصفت المعابر الحدودية مع سوريا واعترضت طريق طائرة إيرانية يشتبه في أنها كانت تنقل أسلحة للجماعة.
وتشير تقديرات وكالات المخابرات الأميركية إلى أن "حزب الله" يعمل بقوة نارية محدودة، إذ خسر أكثر من نصف مخزوناته من الأسلحة وآلاف المقاتلين خلال الصراع مع إسرائيل، مما يعني بالتالي تقليص القدرة العسكرية الإجمالية لطهران إلى أدنى مستوى منذ عقود.
ولكن "حزب الله" لم يتم تدميره كليا. وقالت المصادر إنه لا يزال يحتفظ بآلاف الصواريخ قصيرة المدى في لبنان، وسيحاول إعادة ملء مخزونه باستخدام مصانع الأسلحة في الدول المجاورة التي تتوفر طرق نقل منها.
وقال أحد النائبين إن "حزب الله تمت عرقلته في الأمد القريب، وتقلصت قدرته على القيادة والسيطرة". لكن النائب أضاف" "هذه المنظمة مصممة من أجل أن تتعافى من الارتباك".
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق إزاء قدرة "حزب الله" على الوصول إلى سوريا، حيث شن مقاتلو المعارضة في الآونة الأخيرة هجوما لاستعادة معقلي الحكومة في حلب وحماة. ولطالما استخدم "حزب الله" سوريا ملاذا آمنا ومركزا للنقل، إذ ينقل المعدات العسكرية والأسلحة من العراق، عبر سوريا، إلى لبنان من خلال المعابر الحدودية الوعرة.
وقال مسؤول أميركي كبير إن واشنطن تحاول الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للحد من عمليات "حزب الله"، وتلجأ إلى دول أخرى في المنطقة للمساعدة. وذكرت رويترز يوم الاثنين أن الولايات المتحدة والإمارات ناقشتا إمكانية رفع العقوبات المفروضة على الأسد إذا نأى بنفسه عن إيران وقطع طرق توصيل الأسلحة إلى "حزب الله".
وقال مسؤولون في "حزب الله" إن الجماعة ستواصل العمل بوصفها "مقاومة" ضد إسرائيل، لكن نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله لم يذكر أسلحة الجماعة في خطاباته الأخيرة، بما في ذلك تصريحاته بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وتقول مصادر في لبنان إن أولوية "حزب الله" هي إعادة بناء منازل أنصاره بعد أن دمرت الضربات الإسرائيلية مساحات شاسعة من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.
تحديات تتعلق بالتدريب
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأسبوع الماضي إن "حزب الله" لم يضعف بسبب قتل إسرائيل للعديد من قادته منذ كانون الثاني (يناير) وهجومها عليه بريا منذ أوائل تشرين الأول (أكتوبر).
وذكر عراقجي أن "حزب الله" استطاع إعادة تنظيم صفوفه والقتال بكفاءة.
غير أن المصادر قالت لرويترز إن هناك معلومات مخابرات أميركية تشير إلى أن إسرائيل قضت على آلاف الصواريخ التي يملكها حزب الله في لبنان، مما دفع كوادر مقاتليه إلى التراجع عن الحدود مع إسرائيل.
وأضافت المصادر أن معلومات المخابرات تشير إلى أن "حزب الله" سيواجه على الأرجح تحديات كبيرة تتعلق بالتدريب لسنوات قادمة رغم أن حصر العدد الدقيق لمقاتليه يظل أمرا صعبا.
وقال مسؤولون أميركيون إن انهيار "حزب الله" يشير إلى فجوة متزايدة في قدرة إيران العسكرية ويثير شكوكا حول قدرتها على استخدام حلفائها في مهاجمة إسرائيل وخصوم آخرين لها في الأمد القريب.
وشن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب خلال فترة ولايته الأولى حملة على إيران مارس فيها "أقصى درجات الضغط" على طهران وفرض فيها عقوبات قاسية على قطاعاتها الاقتصادية الأكثر ربحية وأفراد من الجيش.