النهار

شركة طيران "الشرق الأوسط" مصدر فخر اللبنانيين بتحدّيها الحرب
المصدر: أ ف ب
شركة طيران "الشرق الأوسط" مصدر فخر اللبنانيين بتحدّيها الحرب
طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط (أ ف ب)
A+   A-

على حسابها على "إنستغرام"، نشرت تناز آغا صورة التقطتها من نافذة طائرة أقلعت بها من بيروت بعد وقوع غارات جوية مدمّرة قرب المطار، وأرفقتها بتعليق "فخورة بطيران الشرق الأوسط" الذي يواصل تسيير رحلات من والى العاصمة اللبنانية رغم القصف الإسرائيلي اليومي المتواصل منذ أكثر من أسبوعين.

منذ بدء التصعيد الأخير في المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل في 23 أيلول (سبتمبر)، والذي يتمثّل خصوصا بغارات جوية إسرائيلية عنيفة على مناطق عدة في لبنان أبرزها الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل "حزب الله"، التي يقع مطار رفيق الحريري الدولي على تخومها، ألغت كلّ شركات الطيران الأجنبية رحلاتها من وإلى بيروت. وبقيت شركة "طيران الشرق الأوسط" الوطنية الناقل الجوي الوحيد الذي يربط مطار بيروت، وهو المطار الوحيد في البلد الصغير، بالعالم.

وتصل وتقلع الى ومن المطار أيضا طائرات عسكرية تقلّ مساعدات إنسانية أو تنقل رعايا أجانب الى خارج لبنان.

وتقول آغا (46 عاما) التي سافرت في يوم اغتيال إسرائيل الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله في سلسلة غارات في حارة حريك في 27 أيلول لوكالة "فرانس برس" عبر الهاتف، "كنت على الجسر المؤدي إلى المطار عندما دوّت الانفجارات، كانت تجربة مروعة للغاية".

وتضيف أنها وصلت "مرعوبة" إلى قاعة المغادرة. هناك، وجدت موظفين "اعتنوا بنا وببعضهم البعض"، رغم "أننا كنا نراهم في الوقت نفسه يتلقّون اتصالات من عائلاتهم وعيونهم اغرورقت بالدموع"، على حدّ قولها.

وأقلعت طائرتها المتجهة إلى قبرص في موعدها. من نافذة الطائرة، كانت أعمدة الدخان المتصاعدة من حارة حريك ومحيطها ظاهرة.

وتوضح آغا التي عملت منسّقة معارض فنية وتدير مؤسسة عائلية أنها أرادت من الصورة التي نشرتها وبدت فيها الأرزة التي تمثّل شعار شركة الطيران، على مقدمة جناح الطائرة، أن تقول كم كانت "فخورة بالسفر على متن طيران الشرق الأوسط، فخورة بكوني لبنانية قادرة على السفر على متن خطوط طيران بلدي في زمن الحرب، مع علمي أنهم سيعتنون بنا وينقلوننا إلى برّ الأمان".

وتتابع: "وكنت أعلم أيضا أن الطائرة ذاتها ستعود أدراجها في غضون ساعات مع الطاقم إلى منطقة تشهد حربا".

 

تصفح هنا: "لديكم فرصة"... رسالة من نتنياهو إلى الشعب اللبناني

 

على غرار آغا، نشر مسافرون خلال الأيام الماضية صورا من داخل الطائرات أثناء هبوطها وإقلاعها، بعد أو قبل أو خلال تنفيذ اسرائيل غارات على ضاحية بيروت الجنوبية، مع سحب دخان أسود ترتفع من مكان قريب من المدرج، وكرات من النار ليلا. وأشادوا بشجاعة طواقم الطائرات "الأبطال" وبإقدامهم رغم المخاطر.

وأظهر البثّ المباشر لوكالة "فرانس برس" مرارا طائرات تقلع أو تهبط في المطار أثناء دوي غارات عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية.

إلا أن هذا الفخر لا يمنع الشكاوى من ارتفاع أسعار بطاقات السفر مع احتكار شركة طيران الشرق الأوسط سوق السفر في لبنان.

"تطمينات" لا "ضمانات" 
وتسيّر الخطوط الجوية اللبنانية رحلات الى وجهات عدة حول العالم، ومنذ أسبوعين، تغادر الطائرات مكتظة وتعود أدراجها شبه فارغة.

ومع ارتفاع المخاطر وامتناع شركات التأمين عن تغطية الطائرات، أعلن مجلس الوزراء الأسبوع الماضي تكفله بتغطية التأمين لضمان استمرار أعمال الشركة دون توقف.

ويقول وزير النقل علي حمية للوكالة: "تسعى الحكومة إلى أن تبقي المرافق العامة برا وبحرا وجوا سالكة وأولها مطار رفيق الحريري الدولي".

وعمّا إذا كانت الحكومة واثقة من عدم استهداف المطار، يقول حمية: "في الاتصالات الدولية الجارية نوع من التطمين"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى "فرق كبير بين التطمينات والضمانات".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الإثنين: "نعتبر أنه من الأهمية بمكان ليس فقط أن يبقى المطار مفتوحا، بل أن تظل الطرق المؤدية إليه مفتوحة أيضا".

ومنذ بدء التصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل قبل عام، اتخذت شركة طيران الشرق الأوسط إجراءات احترازية مع تخفيض قيمة التأمين على مخاطر الحرب من شركات التأمين، بينها ركن طائرات في الخارج كقبرص وتركيا.

وخلال نزاعات سابقة، كان مطار بيروت تحت مرمى النيران.

في صيف 2006، حين خاض "حزب الله" واسرائيل حربا مدمرة استمرت 33 يوما، قصفت إسرائيل مرات عدة مطار بيروت الدولي، لا سيما المدرجات وخزانات الوقود وأخرجته من الخدمة.

 

اقرأ أيضاً: غالانت: ربما تم القضاء على خليفة نصرالله

 

"التزام" 
عام 1968، خسر لبنان نصف أسطول طائراته المدنية إثر عملية كوماندوس إسرائيلية، تم خلالها تفجير 14 طائرة متوقفة في المطار في أقل من نصف ساعة، من دون مواجهات أو ضحايا. وجاءت العملية ردّا على هجوم كانت نفذته قبل يومين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ضد طائرة إسرائيلية وتخلّله احتجاز رهائن.

وبحسب الصحافة الإسرائيلية، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتانياهو في عداد قوة الكوماندوس.

خلال اجتياحها لبنان عام 1982، حاولت القوات الإسرائيلية الاستيلاء على المطار، وخاضت معارك عنيفة ضد التنظيمات الفلسطينية التي تمركزت في محيطه. وألحقت المعارك أضرارا بأبنية المطار ومدرجاته.

ويستعيد كابتن الطائرة المتقاعد إيلي الراسي (68 عاما) ظروف عمل صعبة خلال سنوات الحرب الأهلية (1975 -1990) التي عصفت بلبنان وقطّعت أوصال بيروت ومحيطها مع انتشار مجموعات مسلحة وإقامتها حواجز أعاقت التنقل بين شطري بيروت الشرقي والغربي.

ويقول الراسي الذي دفعته الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عام 2019 للهجرة الى كندا، "تعرّض المطار مرارا للقصف، كنا أحيانا نهرّب الطائرات إلى الخارج وأحيانا نقطع الحواجز سيرا على الأقدام".

ويقول الراسي: "ليس بإمكان أي طاقم أن يقول 'لا نريد الطيران' لأن طيران الشرق الأوسط هو الشركة الوطنية وعليها ان تواصل تلبية طلب اللبنانيين، كما يواصل الطبيب علاج المرضى في الحرب".

ويضيف: "تتوقف في ظروف مماثلة عن التفكير بنفسك. إنه التزام".

 

 

اقرأ في النهار Premium