معراب.
هي بمثابة برهة سانحة وعاجلة ستكون فيها معراب هي الوجهة السبت حيث قرّر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن يخترق صمت السياسة الذي بقي سكونه مسيطراً على اليوميات اللبنانية بعد مرحلة من التفجّر الحربيّ التي تلاحقت فيها أيضاً اغتيالات قادة "حزب الله"، فيما ارتأت "القوات" أنّ اللحظة قد حانت لأن تنظّم مؤتمراً تهدف من خلاله للعمل على المناداة والتأكيد بأنّ المرحلة تحتاج إنهاء الحرب أوّلاً، والتحرّك بحثاً عن كيفية إنهاء الاشتعال الحربيّ والتأكيد على أنّ اليوم التالي لانتهاء الحرب لا يمكن أن يكون على غرار المراحل التي عرفها ما بعد عام 2005. وإن كان لكلّ مؤتمرٍ فحواه على مستوى "القوات اللبنانية"، فإنّها تعمل على ترتيب مؤتمر يهدف للأخذ بمهمة الدفاع عن لبنان، بعدما كانت دقّت الناقوس لأهمية تطبيق القرار الدولي 1701 في مؤتمر عقدته لهذا المبدأ قبل أشهر وكان له لو نفّذ أن حيّد لبنان عن ضراوة الحرب الناشبة حالياً ..
وإذ تعتقد "القوات" أن المرحلة تتطلب مؤتمراً للدفاع عن الوطن، فإنها لا تغفل أنه لا يمكن القبول بعد اليوم دخول لبنان في حروب لا تخصّه، رغم الإبقاء على التضامن الأخلاقي والقيمي مع القضايا الإنسانية، لكن من دون تضحية في أولوية مشروع الدولة اللبنانية. ويتبيّن لـ"القوات" أنّ لبنان بات على تخوم لحظة تأسيسية للعبور إلى الدولة بعد تضييع مجموعة فرص، حيث يجب رسم خريطة الطريق القادرة على منع تكرار المشاهد المأسوية والحربية بعدما حصل توريط البلد واللبنانيين في وضعية كارثية.
وحصلت "النهار" على أهمّ النقاط التي ستشكّل فحوى المؤتمر الذي اتخذت معراب قراراً رشيقاً في تنظيمه، وهي على النحو التالي: التأكيد على أهمية تطبيق مندرجات القرار الدولي 1701 والقرار الدولي 1559 عندما يخفت ضجيج القنابل وتنتهي المواجهات الحربية شمولاً في حصرية السلاح وإمساك الدولة اللبنانية حصراً بكافة تعاريج الحدود اللبنانية وأن يتولى الجيش اللبناني حماية الحدود من كافة جوانبها. شجب أي خطاب سياسي يقوم على مصطلحات الغلبة الطائفية، إنما الذهاب باتجاه بناء دولة تضمن الأمن والمساواة بعيداً عن التهميش تتغلب فيه على سيطرة الدويلة. إعادة بناء المؤسسات الدستورية بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ثم العمل على تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات على أن يحصل التصدي للطريقة التي كانت متبعة سابقاً في السلطة.
وسيكون المؤتمر الذي دعت إليه معراب مشابهاً من ناحية نوعية الحاضرين للمؤتمر الذي كان انعقد قبل أشهر بهدف تحفيز العمل على تطبيق القرار الدولي 1701 شمولاً في نواب تكتلات المعارضة وعدد من المستقلين والناشطين السياسيين وأصحاب الفكر. ولم تحبذ "القوات" دعوة الساسة الذي كانوا تغيبوا عن حضور المؤتمر الخاصّ بتطبيق القرار 1701 وانتقدوا انعقاده في معراب حينذاك.
وارتأت "القوات اللبنانية" أن اللحظة الحالية مؤاتية جدّاً لانعقاد المؤتمر رغم أن الحرب لا تزال ناشبة لكن أي تأخير في ترتيب أهدافه في معراب سيترك تبعات على الشعب اللبناني، مع أهمية التحرّك اللبناني ديبلوماسياًّ وسياسيّاً للعمل على إنهاء الحرب والإعلان عن الوصول إلى خريطة طريق إنقاذية من شأنها أن تنحو بلبنان باتجاه مرحلة انتقالية. وإذا كان لا بدّ لمصدر منظّم في معراب من اختصار ما يتوخّاه المؤتمر فإنه بمثابة سعيٍ لبناء الدولة والمساواة والشراكة مع فرصة لطيّ صفحة الماضي اللبناني الأليم بحروبه ونزاعاته التي تركت رواسب لا يمكن إغفالها منها منذ ما بعد مرحلة الحرب اللبنانية.