من رفع الأنقاض بعد الغارة الإسرائيلية على منطقة البسطة "نبيل إسماعيل".
في الساعة 7:45 من مساء يوم الخميس 10 تشرين الثاني/ أكتوبر 2024، سُجّلت لحظة مأساوية في مدينة بيروت، وتحديداً في منطقتي فتح الله والنويري، حيث استهدف العدوان الإسرائيلي مباني سكنية مكتظة. هذه المناطق، التي يُفترض أن تكون ملاذاً آمناً، تضمّ مواطنين لبنانيين من مختلف الطوائف، إضافة إلى نازحين فرّوا من قصف الصواريخ الإسرائيلية. ومع ذلك، يبدو أنه لم يعد هناك مكان آمن في لبنان، سواء للنازحين من الجنوب والضاحية والبقاع أو لسكان مدينة بيروت وغيرها من المدن اللبنانية.
"النهار" جالت في مواقع الغارات، وأجرت مقابلات مع سكان تلك المناطق والنازحين إليها، ومن بينهم الشاب علي حمود، الذي وجدناه يحفر بين الأنقاض وينتشل صورة خاله من تحت ركام منزله. فقد حمود ثلاثة أفراد من عائلته، بينهم خاله علي عمار وطفلان، مشيراً إلى أن المنزل كان يضم 12 شخصاً أثناء الضربة، معظمهم من النازحين. وأوضح أنه لم يكن يتوقع أن يتعرّض قلب العاصمة بيروت للقصف، خاصة أن المنطقة تعج بالسكان من جميع الطوائف.
وأضاف حمود أن العدوان الإسرائيلي يستهدف المدنيين مباشرة، عازياً ذلك إلى زعمه أن القصف يطال مخازن أسلحة تابعة لـ"حزب الله". وعندما سُئل عن المناطق الآمنة التي يمكن أن يلجأ إليها النازحون، أكد أن الهجوم على المدنيين في قلب بيروت قد أزال أي أمل في وجود ملاذات آمنة، ليبقى الأمل في رحمة الله وحده.
في السياق نفسه، قال النازح علي حريري، الذي انتقل مع عائلته من الجنوب إلى بيروت، إنه كان يعتقد أن العاصمة هي المكان الأكثر أماناً. إلا أن الأحداث أظهرت عكس ذلك، حيث استهدف العدو الإسرائيلي المنطقة التي لجأوا إليها، وتحديداً بجانب مكان عمله الذي وجده في بيروت بشق الأنفس لكي يتمكن من إعالة عائلته وتأمين حاجات حياتهم اليومية. وأضاف أن بنك أهداف العدوان يشمل النساء والأطفال والمسنين، وهذا يثير القلق بشأن مستقبل المدنيين.
وعند سؤاله عن وجهته المقبلة، أجاب حريري بأنه لا يعلم إلى أين سينزح، إذ لا توجد أي منطقة في لبنان آمنة أو محصنة ضد القصف، مما يزيد المخاوف بين النازحين والمواطنين.
تظل هذه الأحداث بمثابة إنذار عالمي بضرورة التحرك لوقف دوامة العنف وحماية المدنيين. إن معاناة هؤلاء النازحين تتجسد بصورة أو بأخرى في مخاوف جميع سكان المناطق اللبنانية، إذ لم يعد هناك مكان آمن يلجأ إليه المواطن اللبناني في زمن الحرب.