ما زال معظم جمهور المقاومة في صدمة اغتيال أمينه العام السيّد حسن نصر الله، لا بل إن فئة منه ما زالت تعيش الإنكار ، وتتوقع أن يظهر على الشاشات ويحيي جمهور المقاومة، ويعود إلى خطاباته التي كانت تشكل لهم الدعم والمساندة، علماً أن متابعته كانت تعني الخصوم والكثيرين في العالم العربي والغربي، حتى الإسرائيليين ليبنوا على الشيء مقتضاه، من خلال الرسائل التي كان يوجهها السيد آنذاك.
من هذا المنطلق، وعلى الرغم من استشهاده، فان رجال المقاومة لم يقبلوا، أن يقال بأن السيد حسن نصر الله قد غاب عنهم، إنما هو موجود بينهم وسيطل في أي توقيت، ما حصل وإن بطريقة مغايرة، عندما عرضت له كلمة . أما السؤال فلماذا في هذا التوقيت وما الهدف منها؟ البعض يرى أنها جاءت في ظروف استثنائية بعد استشهاد السيد، ومعظم قيادات الصف الأول وكل ما يجري اليوم من حالة الإرباك التي سادت المقاومة، وأن جيوشاً تنهار لدى استشهاد قائدها، فكيف برأس الهرم وغالبية القيادات، إلى كل ما جرى من دمار وخراب، وصولاً إلى عملية النزوح، ما يعني أن هذه الإطلالة هدفها وفق المواكبين والمتابعين شحن المقاتلين وبث روح المقاومة في نفوسهم، ومن ثم التأكيد بأن "حزب الله" مستمر في قتال ومواجهة إسرائيل، بدليل أنه بعد هذه الإطلالة جرى قصف صاروخي باتجاه حيفا، إلى المسيرة التي انفجرت وأصابت عدداً كبيراً من الجنود الإسرائيليين. لذلك إعادة بث هذه الرسالة كانت مدروسة، وتحديداً حيال كيفية تلقفها من الذين يواجهون إسرائيل، وحتى البيئة الحاضنة التي تسودها حالة من الإرباك، لاسيما استشهاد السيد نصر الله وقادة الحزب.
عضو "كتلة التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم، يعتقد أن "الهدف الأول والأخير من إطلالة أمين عام الحزب الشهيد السيد حسن نصر الله، إنما هو بث روح المعنويات بين المقاتلين وجمهوره، وهذا يعتمد بالعلم العسكري، وبالتالي تأتي هذه الإطلالة في ذروة المواجهة والإنجازات والبطولات التي حققتها المقاومة في حيفا، وكل ما حصل في الساعات الماضية، لذلك قطعاً لدابر الاجتهادات حول كل ما يقال، فالظهور على الشاشات هدفه شحن النفوس من أجل رفع مستوى المعنويات، خصوصاً أمام العدوان الإسرائيلي المستمر، وفي خضم المواجهة البطولية التي يخوضها رجال المقاومة أمام العدو الإسرائيلي."
النائب السابق والعميد المتقاعد وهبي قاطيشا يقول لــ"النهار": "بصراحة هكذا إطلالات وخطابات قديمة، هدفها واحد، هو رفع المعنويات لا أكثر ولا أقل، وخصوصاً بعد تحقيق إنجاز في حيفا، ولا أعتقد أن لذلك أي دلالة بأن السيد ما زال حياً، وهذا الموضوع يجب إقفاله عبر احترام الموت والشهادة، وأؤكد بأنه في مثل هذه الظروف والأجواء دائماً تبث الأناشيد الحماسية والخطابات التي يلجأ إليها جمهور هذا الزعيم وذاك أو هذا القائد أو سواه".
وأخيراً، وأمام إثارة الشكوك في رسالة السيد نصر الله، وكل ما واكبها ورافقها من انطباعات وتأويلات واستنتاجات، فهي تأتي في إطار ما حصل مع زعماء وقيادات كثيرة، فعندما يستشهدون، تبث كلماتهم وثمة اناشيد خاصة بهم، إضافة إلى أن المحطات الاستثنائية وتحديداً في حقبة ومراحل الحروب، فيلجأ هذا الحزب وذاك أو هذا التيار وسواه، إلى استذكار قائدهم وملهمهم، ومن هذا المنطلق، فرسالة السيد ربطاً بهذا التوقيت مع ما حصل في حيفا، جاءت شكلاً ومضموناً مع الحدث أو الإنجاز الذي يعتبره حزب الله، وكأنه مهدى إلى سيده وملهمه، وعلى هذه الخلفية كانت الرسالة وخصوصاً كما يجمع أكثر من مرجع سياسي، بأنها لرفع المعنويات.