أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقبله المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، اكتشاف الجيش الإسرائيلي أسلحة روسية "متطوّرة" داخل أنفاق "حزب الله" في بلدات جنوبية حدودية، ما طرح العديد من الأسئلة حول العلاقة التسلّحية بين روسيا و"حزب الله" وبينهما إيران، خصوصاً وأن الأخيرة كانت قد زوّدت روسيا بمسيّرات نوعية خلال السنوات الأخيرة.
ما هي أسلحة "حزب الله" الروسية؟
وفق مركز "ألما" للأبحاث، فإن الجيش الإسرائيلي عثر على مجموعة متنوعة من الأسلحة المصنَّعة في روسيا، بينها صواريخ كورنيت 9M133، والأنظمة المرتبطة بها التي تم إنتاجها بين عامي 2015 و2020، بالإضافة إلى أنظمة صواريخ أرض-جو إيغلا-إس، التي بدأ إنتاجها في عام 2015. كما وُجدت مكونات آر بي جي تم إنتاجها بين عامي 2018 و2021.
من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مطلعة على ترسانة "حزب الله" قولها إن الحزب حصل على صواريخ روسية مضادّة للسفن، بينها صاروخ ياخونت الذي يبلغ مداه 300 كيلومتر ويُطلق من الأرض ويقترب من هدفه على ارتفاع منخفض يتراوح بين 10 و15 متراً، لتجنّب اكتشافه من أنظمة الرادار، حسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
كيف حصل "حزب الله" على السلاح الروسي؟
ووفق التقارير، وبينها تقرير "رويترز"، حصل "حزب الله" على هذه الأسلحة، ومنها صواريخ ياخونت، بعد نشرها في سوريا ومُشاركته في الحرب الأهلية. وكانت موسكو قد أرسلت السلاح إلى دمشق قبل وبعد بدء الحرب لدعم النظام السوري، وفي العام 2010، وقّعت روسيا صفقة لإرسال صواريخ كروز مضادة للسفن بما في ذلك نسخة من ياخونت إلى سوريا.
وكان الأمين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصرالله كشف حصول حزبه على صواريخ كورنيت المضادة للدبابات روسية الصنع عبر سوريا، وقال في مقابلة صحافية إن وزارة الدفاع السورية اشترت الأسلحة من روسيا للاستخدام السوري، وأخذها "حزب الله" لاحقاً كشكل من أشكال "الدعم للدفاع عن لبنان"، بحسب وكالة "رويترز".
قبل الغوص بتفاصيل سلسلة التوريد من روسيا إلى "حزب الله"، يُشير الخبير الأمني والاستراتيجي العميد ناجي ملاعب إلى مبدأ "المستخدم النهائي" في عملية بيع الأسلحة، ويتحدّث عن قيود بيع الأسلحة وضمان عدم وصولها إلى جماعات غير حكومية، فيقول إن "الدولة المصنّعة مُلزمة تبليغ الأمم المتحدة تفاصيل صفقة الأسلحة ومتابعة استخداماتها، والدولة المُستلمة مُلزمة بتبرير استعمالها السلاح".
وبالتالي، فإن الأسلحة التي تمتلكها تصل إلى الجماعات "اللادولتية" إما عبر سرقتها من الجيوش النظامية أو شرائها وبيعها بطرق غير شرعية وبشكل خفي، أو عبر تهريبها. وفي هذا السياق، يُرجّح ملاعب أن تكون روسيا أرسلت الأسلحة إلى الحكومتين الإيرانية والسورية اللتين بدورهما أرسلتاه إلى "حزب الله"، ويُذكّر بتوقيف مصر عناصر من الحزب حاولوا تهريب السلاح إلى "حماس" قبل سنوات.
وعن تاريخ بدء مشوار "حزب الله" بالسلاح الروسي، وما إذا كان قد بدأ قبل الحرب السورية أم بعدها، يقول ملاعب إن الحزب لم يكن بحاجة إلى السلاح الروسي قبل الحرب السورية، وكانت إيران تزوّده باحتياجاته، لكن بعد عقد من الحرب في سوريا بات الحزب بحاجة إلى السلاح، وكانت الفترة الطويلة كافية لحصول جماعات إيران على السلاح الروسي.
مصلحة روسية؟
إلى ذلك، يبقى سؤال عن مصلحة روسيا في تهريب أسلحتها من إيران وسوريا إلى "حزب الله"، وهي تعرف أنها عملية غير شرعية قانوناً، وقد ترتّب عواقب سياسية عليها مع إسرائيل، خصوصاً وأن الطرفين ليسا أعداءً وإن كانت علاقة مميّزة تربط تل أبيب بواشنطن، خصم موسكو الأول، وكون إسرائيل وروسيا على تنسيق عسكري لتفادي الحوادث الجوّية في أجواء سوريا.
برأي ملاعب، يهم روسيا وجود جبهة أخرى في الشرق الأوسط تخفّف الضغط عنها في ظل حرب أوكرانيا، وهي تعتبر أن تسليح إيران وجماعاتها مماثل لتسليح الولايات المتحدة أوكرانيا والناتو، كما أن العلاقة التسلّحية بين روسيا وإيران قائمة، وفي حين أرسلت روسيا الصواريخ والدفاعات الجوية المتقدّمة إلى إيران وسوريا، فإن إيران أرسلت المسيّرات إلى روسيا.
في المحصّلة، فإن السلاح الروسي في مخازن "حزب الله" يحمل رسائل كثيرة. فتزويد إيران ومحورها بالسلاح يتعدّى الميدان التجاري ويصل إلى المستوى السياسي والأمني، ومن مصلحة روسيا وجود قوّة سياسية وعسكرية تواجه الولايات المتحدة وتضغط على حلفائها في المنطقة وبينها إسرائيل، وذلك يُعتبر قطعة من أحجية الصراع الروسي-الأميركي الاستراتيجي.