لا شيء يوحي بأنها المرحلة الحاسمة النهائية من الحرب، ولكنها قطعاً المرحلة الأشد عنفاً ودماراً وفق كل المؤشرات ما دامت مرحلة الديبلوماسية لم تشق طريقها بعد وما دام أفق الطروحات لوقف النار ولجم الحرب في لبنان شديد الغموض والتعقيد ويخشى أن يكون طرح المواقف والسيناريوات والدعوات والمطالبات في إطار ملء وقت انتظار ما ستفضي اليه هذه الحرب التي تتراكم أعداد الشهداء والضحايا فيها على نحو مفجع.
وإذ اتسمت الساعات الأخيرة بجنون تصعيدي امتدّ خط النار فيه للمرّة الأولى من قيساريا في وسط إسرائيل حيث منزل رئيس الوزراء إلى ساحل علما في قلب جونية وكسروان، لم تظهرأي معالم جدية بعد لمحاولات لجم هذا الجنون بمشروع حل قابل لكسر معادلة الموت والدمار إلّا أنّ محطتين منتظرتين الأسبوع المقبل سيكون من البديهي تركيز الآمال عليهما في السعي الحثيث إلى جعل العمل الديبلوماسي يفرمل اندفاعات التصعيد الحربي.
وهما الأوّل ترقّب زيارة يبدو أنها ستحصل في الأيام المقبلة للمبعوث الأميركي آيموس هوكشتاين إلى بيروت كما أعلن ذلك بنفسه ولو لم يحدد موعدها. والثاني انعقاد مؤتمر دعم لبنان في باريس الخميس المقبل في 24 تشرين الأول والذي يفترض أن يحشد الدعم للدول التي ستشارك فيه على صعيد المساعدات الإنسانية والإغاثية للبنان كما تخصيص حيّز كبير لدعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية ومن ثم الشق السياسي المتصل بالضغط لوقف النار وإطلاق مفاوضات التسوية السياسية.
إذن الساعات النارية التي عاشتها مناطق لبنانية عدة امس وادّت إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى ناهيك عن اتساع الدمار والتهجير والنزوح أعقبت السابقة الأولى من نوعها التي استهدف عبرها "حزب الله" للمرّة الأولى مقرّ إقامة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في قيساريا بمسيّرة وصلت إلى منزله من دون صفارات إنذار ما استدعى استنفاراً أمنياً مشدّداً.
واعتبر مسؤول في الحكومة الإسرائيلية أنّ "إيران حاولت اغتيال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو"، بحسب ما نقلت القناة 12 الإسرائيلية. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ انفجارات دوّت في قيساريا وحيفا والكرمل بعد اختراق 3 مسيّرات أطلقت من لبنان مناطق غليلوت وقيساريا والجليل الغربي وخليج حيفا.
وبعد ساعات على محاولة اغتياله ظهر نتنياهو في فيديو وهو يتمشّى في إحدى الحدائق مؤكداً "سنواصل حتى النهاية، ولا شيء قادراً على أن يردعنا".
وقال لاحقاً "عملاء إيران حاولوا اغتيالي وزوجتي وارتكبوا خطأ فادحاً". وأكّد مكتب نتنياهو أنّه لم يكن في المنزل وقت وقوع الهجوم ولم تقع إصابات.
بعد ذلك بقليل، استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة قرب محل حلويات l'abeille d'or على المسرب الغربي من اتوستراد جونية - ساحل علما وكان في داخلها رجل وامرأة.وفيما لم تحدد هوية المستهدفين، أشارت معلومات إلى أنّ المستهدف في جونية هو قيادي عسكري في مخابرات "حزب الله".
وأُفيد بأنّ المسيّرة التي استهدفت السيارة القادمة من الشمال، لاحقتهما بعد إصابة السيارة وهروبهما في الحرج المحاذي للأوتوستراد واستهدفتهما فاستشهدا على الفور، ونُقلا إلى مستشفى البوار الحكومي.
ومساء أمس نعى مركز الإمام الخميني معصومة كرباسي "من أعضاء مجموعات الجالية الإيرانية" مع زوجها الدكتور رضا عباس عواضة "نتيجة قصف مباشر لسيارتهم في منطقة جونية".
ثم تواصلت الغارات الاسرائيلية جنوباً وبقاعاً ما أدّى إلى سقوط عدد من الشهداء. وشنت الطائرات الإسرائيلية غارة جوية على مبنى في جل البحر صور قرب مركز المشرق الطبي في مجمع الساحلي، ما أدّى إلى إصابة 6 أشخاص إصابة أحدهم خطرة.
وبقاعاً، استهدفت غارة إسرائيلية بلدة زلايا في البقاع الغربي. كما أغار الطيران الحربي على محيط بلدة بعلول، حيث استهدفت شقة سكنيّة ما أدّى إلى مقتل رئيس بلدية سحمر حيدر شهلا ومعه خمسة شهداء.
واستهدفت طائرة مسيّرة بصاروخ شقة سكنية في مبنى قطايا في شتورا، أدّى إلى مقتل أحمد أبو زيد من حزرتا، كما نتج عن الاستهداف إصابة شخصين آخرين.
وظهراً وجّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إنذاراً عاجلًا إلى سكان الضاحية الجنوبية وتحديدًا المتواجدين في مبان محددة في خريطتين في حارة حريك وآخر الى سكان الشويفات ثم برج البراجنة. وعلى الأثر شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة على الضاحية تجاوزت الـ15 غارة مدمرة .
وقال الجيش الإسرائيلي مساء أمس انه "هاجم بتوجيه استخباري مستودعات أسلحة ومقراً استخبارياً تابعاً لـ"حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت وأنّ الهجوم جزء من الجهود المستمرة لاستهداف مستودعات الأسلحة ومواقع التصنيع التابعة ل"حزب الله".
في المقابل، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن إصابات مباشرة لمبان في حيفا إثر رشقة صاروخية أطلقت من لبنان. وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بإصابة 13 شخصًا بجروح إثر الصواريخ التي أطلقت من لبنان منذ صباح الجمعة. كما أعلن الجيش الإسرائيلي: "رصدنا إطلاق 55 صاروخًا من لبنان في اتجاه خليج حيفا والجليل الغربيّ والأعلى واعترضنا بعضها".
وأفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أنّ طائرات سلاح الجو بتوجيه من القيادة الشمالية قامت بالقضاء على ناصر عبد العزيز رشيد، نائب قائد منطقة بنت جبيل في "حزب الله" الجمعة.