أثار التحرك الاحتجاجي لأبناء رميش الحدودية (قضاء بنت جبيل)، على قرار إخلاء مخفر الدرك فيها، تساؤلات حيال مصير هذه البلدة التي تمرّدت على الإنذار الاسرائيلي بإخلائها، وأصرتّ على بقاء سكانها في أرضهم وعلى الصمود مهما حصل؟
هذه البلدة عايشت حوادث مصيرية مختلفة منذ عام 1969 عندما توسّع العمل الفدائي الفلسطيني في ذلك الحين من المنطقة الحدودية و"فتح لاند"، وتصاعدت في موازاته حدّة الاعتداءات الاسرائيلية والخسائر البشرية والأضرار في الممتلكات.
كذلك مرّت بأصعب الظروف في أعقاب اندلاع الحرب اللبنانية وانشقاق الجيش وقيام "حزام أمني" ترعاه الدولة العبرية وتقوده ميليشيا "جيش لبنان الحر" بقيادة الرائد سعد حداد ولاحقاً "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة اللواء أنطوان لحد.
ولم تنته المعاناة التي تجدّدت إبان عدوان عام 2006.
ومع إعادة إنتشار الجيش الذي كان متمركزاً في جوار البلدة والبلدات المجاورة ولاسيما منها عين إبل، شعر الأهالي بأن الوضع يضيق عليهم وربما قد يؤثّر على صمودهم، إذ إن الجيش كان يؤمّن لهم الحاجات الحيوية التي تعزّز صمودهم.
ونزل قرار إخلاء مخفر البلدة نزول الصاعقة على الأهالي المتمسكين بالعلم اللبناني والشرعية، إذ اعتبروا أن مثل هذا القرار يسحب عنهم غطاء الشرعية اللبنانية ويتركهم لقدرهم، على غرار ما حصل لهم مطلع الحرب الأهلية.
لذلك، تداعوا الى وقفة أمام المخفر، يتقدّمهم كاهن الرعية الأب نجيب العميل ونجله الأب جورج، رفضاً للقرار، مناشدين الحكومة "عدم التخلي عنهم وتركهم لمصيرهم كما فعلت في السابق".
ووجّه كاهن الرعية نداءً إلى الدولة اللبنانية داعياً إياها الى "عدم إخلاء مؤسسة قوى الأمن الداخلي وإغلاق مقرها"، مؤكداً "أن المخفر يلعب دوراً أساسياً في المحافظة على الأمن الداخلي"، سائلاً بمرارة: "هل تتخلى الدولة عنا مجّددًاً كما فعلت سابقًا؟".
وأكد أن أهالي البلدة "لن يقبلوا إلّا أن تكون الدولة اللبنانية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عنهم"، مشدّداً على " رفضهم القاطع إخلاء مقر قوى الأمن الداخلي في البلدة".
وعلم في وقت لاحق، أن قيادة قوى الأمن عادت عن قرارها وأبقت على المخفر رمزاً لوجود الدولة في هذه البلددة الحدودية.