جبهة الجنوب
عاين اللبنانيون بأسى مكتوم مشهد "الانضباط المتبادل" بين إسرائيل وإيران في استعادة ثالثة منذ نيسان (أبريل) الماضي لتبادل الضربات المدروسة والمحددة بين الدولتين "العدوتين" اللتين أثبتتا تكرارا أنهما تتجنبان تصعيد التوتر والصراع بينهما الى حدود تفجر مواجهة إقليمية شاملة. ومبعث الأسى المبرر لدى معظم اللبنانيين الرافضين أصلا جرهم وزجهم في حرب مع إسرائيل بقرار أحادي متفرد من "حزب الله"، ان "المولعين" اللبنانيين بحرب وحدة الساحات خدمة لإيران ومحورها في المنطقة لا يعترفون بأن حليفتهم الإقليمية وراعيتهم وممولتهم والتي تسلحهم، أي طهران، تتقاسم ضمنا مع إسرائيل التي تتولى الآن محاولات تصفية "حزب الله" والإجهاز على كل قدراته وتدمر الكثير من مناطق لبنان، لعبة رسم خطوط حمراء لا تندفعان معها الى الحرب المباشرة بينهما، فيما تدفع ايران الحزب في لبنان عبر ادارتها المباشرة له بعد اغتيال السيد حسن نصرالله كما قبل اغتياله الى مزيد من الاستنزاف الحربي المفتوح مع إسرائيل، في حرب بالواسطة على ارض لبنان تنذر بدماره الشامل وبتضحيات بشرية مخيفة.
وقد اعتبرت الضربة الإسرائيلية أمس لإيران بأنها مؤشر "إيجابي" الى ان الأمور ليست ذاهبة نحو حرب شاملة في المنطقة، وذلك بعد فترة من حبس الأنفاس خوفا من ضربة اسرائيلية "مجنونة". وشكل الرد الاسرائيلي "المضبوط"، والذي أفادت تقارير إعلامية بأن ايران أُبلغت مسبقا به من قبل إسرائيل كما من جانب واشنطن، دليلا على ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو قد يكون تخلّى عن ورقة جر الشرق الاوسط برمّته الى النار. اما المواقف الايرانية الاولى بعد الضربة، فبدورها، حملت مؤشرات الى ان طهران ستمتص ما حصل ولن تذهب نحو رد على الرد. ولعب الأميركيون في كل الأحوال دورا أساسيا في الحفاظ على سيناريو ضربة لا تذهب بالمنطقة الى مواجهة واسعة .
ورغم المناخ المتوتر الذي أحدثه رد إسرائيل على ايران افادت وزارة الخارجية الأميركية بأن وزير الخارجية انتوني بلينكن بحث مع نظيره البريطاني ديفيد لامي "مساعي الحل الديبلوماسي في لبنان والتزام البلدين بالاستقرار”.
وفي هذه الاثناء، استمرت المواجهات على الحدود، واستمر القصف الاسرائيلي للجنوب حيث استخدم الجيش الاسرائيلي قنابل ارتجاجية لتفجير منازل ومنشآت، والضاحية الجنوبية والبقاع. كما نفّذ حزب الله سلسلة عمليات ضد اهداف وتجمعات عسكرية اسرائيلية. وبعد معلومات عن اخلاء اليونيفيل مواقعها في الضهيرة، اوضح الناطق باسمها أندريا تيننتي على أن "جنود حفظ السلام يواصلون عملهم الأساسي المتمثل في مراقبة ما يحدث على الأرض ورفع التقارير رغم التحديات". وقال: "لا زلنا في كل مواقعنا، ونعني بذلك كل موقع من هذه المواقع".
وسقط 5 شهداء من عائلة أبو ريا مؤلفة من أب وأم وأبنائهما، وهم: حسن أبو ريا، رقية أبو ريا، محمد أبو ريا، غنى أبو ريا، ونور أبو ريا جرّاء غارة إسرائيليّة استهدفت منزلهم في بلدة تفاحتا قضاء صيدا. وشن الطيران الاسرائيلي سلسلة غارات على اطراف العيشية وسجد والجرمق وبلدات عدة.
وأفاد مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان، بأن "غارة شنها العدو الإسرائيلي على مركز صحي في البازورية أدت إلى استشهاد مسعف من الهيئة الصحية - الدفاع المدني وإصابة 5 بجروح من بينهم ثلاثة مسعفين من الهيئة، وبذلك ترتفع الحصيلة الإجمالية للشهداء من المسعفين منذ بدء العدوان إلى 164 وعدد الجرحى إلى 275".
وتعرضت يحمر الشقيف لقصف بالقذائف الانشطارية الإسرائيلية المحرمة دوليا، بعد غارات شنها الطيران الحربي على اطراف البلدة لجهة نهر الليطاني. وقام الجيش الاسرائيلي بعمليات تفخيخ وتفجير واسعة في دير سريان والعديسة سببت ارتجاجات في الارض، شعر بها سكان البلدات المجاورة ظناً منهم أنها هزة أرضية. كما نفذ الجيش الاسرائيلي انفجارات ضخمة في بلدتي كفركلا والعديسة، سمع صداها في أرجاء الجنوب، وأعمدة الدخان تتصاعد. وشنت القوات الاسرائيلية غارة من مسيّرة استهدفت دراجة نارية في بلدة مجدل سلم، أدت الى سقوط قتيل. ونفذ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت مدينة بنت جبيل وبلدتي عيترون وبرعشيت. وقرابة الخامسة والربع من عصراً استهدفت غارة محيط موقف مستشفى تبنين الحكومي وتسببت بأضرار بمبنى المستشفى ومحيطه. وأفيد عن وقوع إصابات وغارة على بلدة كونين. وشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على منطقة مطربا عند الحدود اللبنانية السورية في البقاع أدت الى مقتل جنديين سوريين وجرح خمسة.
في المقابل، أعلن "حزب الله" استهداف مستعمرة كريات شمونة بصلية صاروخية. وأعلن قصف تجمع للقوات الإسرائيلية في محيط عيتا الشعب، وأعلن أيضا عن هجوم بمسيرات انقضاضية على قاعدة تل نوف الجوية وقال: "استهدفنا برشقة صاروخية قاعدة ميشار مقر الاستخبارات الرئيسية للمنطقة الشمالية في صفد. وقصفنا برشقة صاروخية الكريوت شمال مدينة حيفا. واستهدفنا تجمعًا لقوات العدو الإسرائيلي في منطقة المشيرفة في رأس الناقورة بصلية صاروخية ، واستهدفنا تجمّعاً لجنود إسرائيليين في شلومي برشقة صاروخية". كما أعلن أن عناصره قصفوا خمس مناطق سكنية في شمال إسرائيل بالصواريخ. واستهدف الحزب موقع جل العلام بصلية صاروخية.
وأعلن الاعلام الحربي في “حزب الله”، أنه استهدف موقع حبوشيت بصلية صاروخية، وثكنة معاليه غولاني بصلية صاروخية.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان أن الغارات الإسرائيلية على البلاد ليوم أمس الجمعة 25 تشرين الأول 2024 أسفرت عن الحصيلة الإجمالية 19 شهيدا وإصابة 108 بجروح.
بذلك ترتفع الحصيلة الإجمالية للشهداء منذ بدء العدوان حتى يوم الجمعة الماضي إلى 2,653، والجرحى إلى 12,360.