النهار

بعد تعيين نعيم قاسم... العميد حمادة للنهار: القرار الميداني ‏والسياسي لحزب الله في طهران
المصدر: النهار
بعد سلسلة ضربات تعرّض لها "حزب الله" ‏بداية ‏من ‏تفجيرات ‏‏"البيجرز" وصولا الى اغتيال أمينه ‏العام ‏حسن ‏نصرالله وكبار قادته ‏ومسؤوليه وتراجع ‏قدرته ‏الصاروخية ‏بحسب الجانب العسكري الإسرائيلي، عاد ‏الميدان ‏ليشكّل مادة ‏بحث ومراقبة للخبراء العسكريين مع ‏كثافة ‏النيران التي ‏تخرج من أرض الجنوب، وكثافة ‏البيانات ‏الحربية، إلى ‏الأهداف المختارة بدقة، والتصدي ‏للتوغلات ‏الإسرائيلية.‏
بعد تعيين نعيم قاسم... العميد حمادة للنهار: القرار الميداني ‏والسياسي لحزب الله في طهران
الشيخ نعيم قاسم
A+   A-

هذا الأمر يطرح السؤال عن أي غرفة عمليات ‏تقود ‏‏"الحزب" ‏حالياً؟ وهل استعاد "حزب الله" المبادرة ‏فأعاد ‏ترتيب ‏أولوياته ‏في الميدان وتفعيل معادلات الردع ‏والتدرج ‏باستخدام ‏أوراق القوة ‏والمفاجآت؟

 

في قراءة تحليلية، رأى مدير المنتدى الإقليمي ‏للاستشارات ‏والدراسات العميد  الركن خالد حمادة في ‏حديث ‏لـ"النهار"، ‏أنه "لا شك في أن حزب الله تلقى ضربات ‏قاسية ‏اعترف بها ‏الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله ‏قبل ‏اغتياله، سواء ‏على المستوى منظومة الاتصال أو ‏على ‏مستوى بنيته التحتية ‏سواء في الضاحية الجنوبية أو ‏الجنوب ‏أو البقاع. ثم أتت ‏سلسلة اغتيال القادة التي ألقت ‏بنتائجها ‏وتداعياتها على أداء ‏الحزب". ‏

 

وأشار الى أن "ما نراه اليوم هو مقدمات لمواجهات ‏ميدانية ‏يتحضّر لها الحزب ‏منذ العام 2006 وحتى قبله"، ‏مذكرا بأنه ‏‏"في الـ2006 كان ‏هناك أداء ميدانياً الكل يعلمه ‏على المستوى ‏البري ‏بصرف النظر عن الدمار الذي ألحقه ‏العدو ‏الاسرائيلي ‏بالضربات الجوية على لبنان، لكن هذه ‏البنية ‏التحتية التي عمل الحزب على إقامتها  من الـ2006 ‏حتى ‏العام 2024، نتكلّم عن 18 عاماً، والتي خصصت لها ‏قدرات ‏مالية كبيرة وخبرات متفوقة مكنته من بناء منظومة ‏دفاعية  ‏يستند اليها اليوم في مقاومة  العدو الاسرائيلي". ‏

 

‏"هذه البنية الدفاعية بكل تجهيزاتها بالاضافة ‏إلى ‏المنظومة ‏الصاروخية التي لا زالت تطلق الصواريخ ‏بحيوية ‏كبيرة تتمتّع بقدرات كبيرة نتيجة هذا التراكم من ‏الخبرة ‏والقدرات التدريبية "، بحسب حمادة، الذي أكد ‏أن ‏‏"التحدي ‏اليوم الذي يواجه حزب الله في ظل تدمير كل ‏المعابر ‏بين ‏لبنان وسوريا، وتقطيع أوصال الطرق ما بين ‏القرى ما ‏يمثّل ‏عزلاً كبيراً، وفي ظل انعدام التواصل بين ‏الضاحية ‏الجنوبية ‏والجنوب، إلاّ بطريقة قد تكون قريبة الى ‏المستحيل، ‏ما يعني ‏أن هذه المنظومة وهذه الامكانات وهذه ‏القدرات ‏المتبقية لدى ‏الحزي  تخضع اليوم لهذا ‏الاختبار ‏القاسي للوقوف على مدى ‏قدراتها ليس على ‏المواجهة لأيام أو ‏لاسابيع بل على إمكانية ‏إستدامة هذه ‏المواجهة ولإمكانية ‏صمودها أمام هذه العملية ‏البرية التي تشنّ ‏على هذه الجبهة ‏الواسعة وبكل هذه الضراوة ‏والقوة". ‏

 

ضربات كبيرة تلقّاها الحزب بعد اغتيال ‏معظم ‏قادته ‏الأساسيين، فمن يقود حزب الله حالياً؟.. في هذا ‏الاطار،  ‏أوضح حمادة أن "قادة ‏ميدانيين تم تعيينهم أو ربما ‏هناك ‏معلومات عن أن الحرس ‏الثوري الايراني ضخّ ‏مجموعة من ‏القادة على هذه الجبهات ‏وتسلّموا ربما جزءا من ‏هذه العمليات ‏الميدانية، كذلك فإن ‏المعلومات تشير الى أن ‏الحزب استحضر ‏جزءا كبيرا من ‏مقاتليه الذين كانوا في ‏سوريا الى لبنان". ‏

وأضاف: "هذه الهيكلية التي استمر بناؤها 24 عاماً ‏هي ‏اليوم ‏التي تختبر، ولا شك أن هناك قدرات كبيرة ‏ولكن ‏المواجهة ‏أكبر والتحدي أكبر، وبالتالي يجب أن ننتظر ‏لنرى ‏ما ستسفر ‏عنه المواجهة البرية إذا نظرنا ما إذا كان ‏العدو ‏الاسرائيلي ‏سينجح في  التوغل عميقاً في لبنان واذا ما ‏كان ‏هناك ضوء اخضر أميركي بذلك". ‏

 

واستدرك حمادة قائلا: "ما يجب لفت النظر إليه هو ‏ما ‏ستكون ‏عليه جدوى هذه المواجهة في النهاية، فالجنوب ‏دُمّر ‏وجزء ‏كبير من البقاع والضاحية الجنوبية، كذلك دُمّر ‏اقتصاد ‏لبنان ‏وهُجّر مليون لبناني تقريباً الى بيروت، بالتالي ‏كل ‏هذه ‏المواجهة تم اتخاذ قرارها بدون الأخذ بعين ‏الاعتبار ‏تداعياتها على  ‏لبنان أو التحولات في المنطقة التي ‏يدفع لبنان ‏ثمنها، لبنان ‏الذي يقاتل اليوم للحفاظ على نفوذ ‏طهران في ‏المنطقة".‏

 

وأكد "أن العملية القتالية بكافة مخاطرها تنفّذ على ‏أرض ‏لبنان ‏والخاسر الأكبر هو لبنان، وإذا لم يكن هناك ‏ديبلوماسية ‏حيّة ‏تتمكّن من انتشاله فليس مهماً في النهاية ما ‏ستسفر عنه ‏نتائج ‏الميدان، بل إن التداعيات الاجتماعية ‏والاقتصادية ‏والدولية ‏والاقليمية على لبنان ستكون كارثية لأن ‏المضي في ‏هذه ‏المغامرة سيأخذ لبنان الى كوارث على كل ‏الاصعدة". ‏

 

وبعد نحو الشهر على اغتيال الامين العام لحزب ‏الله، ‏أعلن ‏‏"حزب الله" اليوم انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً ‏عامّاً ‏خلفاً ‏لحسن نصرالله الذي قُتل في ضربة على ‏الضاحية ‏الجنوبيّة ‏لبيروت، فماذا يعني هذا الخيار وكيف ‏سيكمل حزب ‏الله ‏معاركه مع هذا التغيير الكبير بالقيادات ‏والكوادر؟

 

تعقيباً على ذلك، لفت حمادة في حديثه لـ"النهار"، الى أنه ‏‏"لم ‏يعد ممكناً أن يبقى ‏حزب الله من دون أمين عام"، وقال: ‏‏"أعتقد ‏أن الهيكلية ‏الادارية تضع الشيخ نعيم قاسم في الواجهة، ‏لاسيما ‏بعد اغتيال ‏الأمين العام واغتيال رئيس المجلس ‏التنفيذي، ‏وبالتالي أصبح ‏هو المرشّح الطبيعي لملء هذا  ‏الموقع، ولا ‏أعتقد أن لديه ‏استراتيجية مختلفة، لاسيما أن ‏العمليات ‏العسكرية التي تتم ‏تفترض بالدرجة الاولى ‏المواجهة، ‏وبالدرجة الثانية فإن قرار ‏الذهاب الى مسار ‏ديبلوماسي وقبول ‏الحزب بالمبادرات ‏الدولية التي تطرح يبقى ‏في طهران وليس ‏في متناول الشيخ ‏نعيم قاسم كما كان الحال ‏في أيام نصرالله، ‏أي أن القرارات ‏الكبرى تؤخذ في طهران ‏وليس في لبنان". ‏


وختم حمادة مؤكدا "أن القرار الميداني لدى حزب الله ‏كما ‏القرار  السياسي سيبقيان في طهران". ‏

اقرأ في النهار Premium