هذا الأمر يطرح السؤال عن أي غرفة عمليات تقود "الحزب" حالياً؟ وهل استعاد "حزب الله" المبادرة فأعاد ترتيب أولوياته في الميدان وتفعيل معادلات الردع والتدرج باستخدام أوراق القوة والمفاجآت؟
في قراءة تحليلية، رأى مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات العميد الركن خالد حمادة في حديث لـ"النهار"، أنه "لا شك في أن حزب الله تلقى ضربات قاسية اعترف بها الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله قبل اغتياله، سواء على المستوى منظومة الاتصال أو على مستوى بنيته التحتية سواء في الضاحية الجنوبية أو الجنوب أو البقاع. ثم أتت سلسلة اغتيال القادة التي ألقت بنتائجها وتداعياتها على أداء الحزب".
وأشار الى أن "ما نراه اليوم هو مقدمات لمواجهات ميدانية يتحضّر لها الحزب منذ العام 2006 وحتى قبله"، مذكرا بأنه "في الـ2006 كان هناك أداء ميدانياً الكل يعلمه على المستوى البري بصرف النظر عن الدمار الذي ألحقه العدو الاسرائيلي بالضربات الجوية على لبنان، لكن هذه البنية التحتية التي عمل الحزب على إقامتها من الـ2006 حتى العام 2024، نتكلّم عن 18 عاماً، والتي خصصت لها قدرات مالية كبيرة وخبرات متفوقة مكنته من بناء منظومة دفاعية يستند اليها اليوم في مقاومة العدو الاسرائيلي".
"هذه البنية الدفاعية بكل تجهيزاتها بالاضافة إلى المنظومة الصاروخية التي لا زالت تطلق الصواريخ بحيوية كبيرة تتمتّع بقدرات كبيرة نتيجة هذا التراكم من الخبرة والقدرات التدريبية "، بحسب حمادة، الذي أكد أن "التحدي اليوم الذي يواجه حزب الله في ظل تدمير كل المعابر بين لبنان وسوريا، وتقطيع أوصال الطرق ما بين القرى ما يمثّل عزلاً كبيراً، وفي ظل انعدام التواصل بين الضاحية الجنوبية والجنوب، إلاّ بطريقة قد تكون قريبة الى المستحيل، ما يعني أن هذه المنظومة وهذه الامكانات وهذه القدرات المتبقية لدى الحزي تخضع اليوم لهذا الاختبار القاسي للوقوف على مدى قدراتها ليس على المواجهة لأيام أو لاسابيع بل على إمكانية إستدامة هذه المواجهة ولإمكانية صمودها أمام هذه العملية البرية التي تشنّ على هذه الجبهة الواسعة وبكل هذه الضراوة والقوة".
ضربات كبيرة تلقّاها الحزب بعد اغتيال معظم قادته الأساسيين، فمن يقود حزب الله حالياً؟.. في هذا الاطار، أوضح حمادة أن "قادة ميدانيين تم تعيينهم أو ربما هناك معلومات عن أن الحرس الثوري الايراني ضخّ مجموعة من القادة على هذه الجبهات وتسلّموا ربما جزءا من هذه العمليات الميدانية، كذلك فإن المعلومات تشير الى أن الحزب استحضر جزءا كبيرا من مقاتليه الذين كانوا في سوريا الى لبنان".
وأضاف: "هذه الهيكلية التي استمر بناؤها 24 عاماً هي اليوم التي تختبر، ولا شك أن هناك قدرات كبيرة ولكن المواجهة أكبر والتحدي أكبر، وبالتالي يجب أن ننتظر لنرى ما ستسفر عنه المواجهة البرية إذا نظرنا ما إذا كان العدو الاسرائيلي سينجح في التوغل عميقاً في لبنان واذا ما كان هناك ضوء اخضر أميركي بذلك".
واستدرك حمادة قائلا: "ما يجب لفت النظر إليه هو ما ستكون عليه جدوى هذه المواجهة في النهاية، فالجنوب دُمّر وجزء كبير من البقاع والضاحية الجنوبية، كذلك دُمّر اقتصاد لبنان وهُجّر مليون لبناني تقريباً الى بيروت، بالتالي كل هذه المواجهة تم اتخاذ قرارها بدون الأخذ بعين الاعتبار تداعياتها على لبنان أو التحولات في المنطقة التي يدفع لبنان ثمنها، لبنان الذي يقاتل اليوم للحفاظ على نفوذ طهران في المنطقة".
وأكد "أن العملية القتالية بكافة مخاطرها تنفّذ على أرض لبنان والخاسر الأكبر هو لبنان، وإذا لم يكن هناك ديبلوماسية حيّة تتمكّن من انتشاله فليس مهماً في النهاية ما ستسفر عنه نتائج الميدان، بل إن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والدولية والاقليمية على لبنان ستكون كارثية لأن المضي في هذه المغامرة سيأخذ لبنان الى كوارث على كل الاصعدة".
وبعد نحو الشهر على اغتيال الامين العام لحزب الله، أعلن "حزب الله" اليوم انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عامّاً خلفاً لحسن نصرالله الذي قُتل في ضربة على الضاحية الجنوبيّة لبيروت، فماذا يعني هذا الخيار وكيف سيكمل حزب الله معاركه مع هذا التغيير الكبير بالقيادات والكوادر؟
تعقيباً على ذلك، لفت حمادة في حديثه لـ"النهار"، الى أنه "لم يعد ممكناً أن يبقى حزب الله من دون أمين عام"، وقال: "أعتقد أن الهيكلية الادارية تضع الشيخ نعيم قاسم في الواجهة، لاسيما بعد اغتيال الأمين العام واغتيال رئيس المجلس التنفيذي، وبالتالي أصبح هو المرشّح الطبيعي لملء هذا الموقع، ولا أعتقد أن لديه استراتيجية مختلفة، لاسيما أن العمليات العسكرية التي تتم تفترض بالدرجة الاولى المواجهة، وبالدرجة الثانية فإن قرار الذهاب الى مسار ديبلوماسي وقبول الحزب بالمبادرات الدولية التي تطرح يبقى في طهران وليس في متناول الشيخ نعيم قاسم كما كان الحال في أيام نصرالله، أي أن القرارات الكبرى تؤخذ في طهران وليس في لبنان".
وختم حمادة مؤكدا "أن القرار الميداني لدى حزب الله كما القرار السياسي سيبقيان في طهران".