تبقى القمّة العربيّة الإسلاميّة المزمع انعقادها في المملكة العربية السعودية في 11 تشرين الثاني المقبل، حدثاً استثنائياً في توقيته، اذ ان الحرب من غزة إلى لبنان ملتهبة، في ظل عدوان إسرائيلي يُعدّ الأخطر على لبنان، لذلك يعوّل لبنان عليها لا سيما أن للمملكة العربية السعودية دوراً وموقعاً وعلاقة تاريخية مع لبنان، لذلك السؤال: هل سيكون لهذه القمة معطى يُبنى عليه لبنانياً من أجل وقف الحرب، وإعادة أعمار ما تهدم؟
شهد تاريخ لبنان مع القمم العربية محطات إيجابية، وأخرى لم تقدم شيئاً منذ اندلاع الحرب في 1975، ثم كانت قمة الرياض التي أسفرت عن إرسال قوات عربية لحفظ السلام، شكلت من كتائب سعودية وإماراتية ويمنية، وتحولت إلى قوات ردع عربية فقط من الجيش السوري، وبالتالي فالقمة الأبرز التي انعقدت لأجل لبنان، هي قمة فاس في المغرب وصولاً إلى الجزائر وتونس وسواها، لكنها وعود وانتظار.
وبالعودة إلى قمة الرياض المقبلة، فقد سبق أن كشف أن التحذيرات جارية على قدم وساق من الجامعة العربية لانعقادها، وهذا ما أكده الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط لدى زيارته لبنان، لذلك ثمة ترقب لما ستسفر عنه، إلى معلومات يرددها أكثر من مرجع سياسي وسفراء عرب وسواهم، بأن الأمور تبدلت وتغيرت تجاه لبنان، وبمعنى أوضح يجب وقف حروب الميليشيات على الأرض اللبنانية، وهو ما أشار إليه نائب رئيس دولة الإمارات عندما قال: لن نغطي بعد اليوم حروب الميليشيات، إضافة إلى أن الأجيال الحالية الخليجية مغايرة عن السابق، لديها نظرتها ورؤيتها والبعض "كفر" من الأزمات والحروب اللبنانية المتتالية، بمعنى أن ثمة شروطاً لإعادة إعمار لبنان خلافاً لما كان عليه الوضع السابق، أي انتخاب رئيس جمهورية وطني عربي توافقي، وتشكيل حكومة إصلاحية، والشروع في إصلاحات بنيوية، الأمر الذي أشار إليه مصدر دبلوماسي خليجي لـــ"النهار" في بيروت، عندما قال إن وضع لبنان سيكون عنواناً أساسياً في هذه القمة إلى وضع غزة، وبالتالي التركيز على حل الدولتين، وهناك معطيات مغايرة عن السابق تجاه لبنان، باتت معروفة ويرددها أكثر من مسؤول خليجي في هذا السياق.
النائب السابق فارس سعيد يؤكد لـ"النهار" أنه لا شيء يمكن البناء عليه من القمة العربية الإسلامية في الرياض، على غرار ما كان يحصل في السابق، وبمعنى آخر، الأمور تبدلت وتغيرت على الرغم من العلاقة التاريخية بين بيروت والرياض، ولم يسبق أن قصرت المملكة تجاه لبنان ولا أي دولة عربية وخليجية، حيث كان الدعم غير محدود، إنما اليوم ما يمكن التعويل عليه عبر هذه القمة، العودة إلى بيان الرياض في عام 2023، أي حل الدولتين، وستكون هناك دعوة لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة. ويضيف سعيد: المملكة اليوم لديها سياسة جديدة، أي الخلافة، إذ لأول مرة تنتقل الخلافة من الملك إلى الابن، وبالتالي السعودية تسعى اليوم إلى سياسة استيعابية وصفر مشاكل، ولا نُفاجأ إن كانت هناك مناورات بحرية بين السعودية وإيران، وكذلك المملكة بعد ضرب إسرائيل لإيران أخيراً، إذ صدر بيان سعودي يدين انتهاك السياسة الإيرانية، بمعنى أن العلاقات بين المملكة وسائر الدول متساوية، من أجل أن يكون للمملكة انتقال سلس يوماً ما من الملك إلى نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولا أعتقد أنها ستتخلى عن لبنان، لذلك هذه القمة المرتقبة قد لا تأتي بأي جديد على صعيد الوضع اللبناني واستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة، لكن أن توقف الحرب في لبنان فلا أرى ذلك راهناً، وستكون هناك دعوة لوقفها، ولكن ضمن بيان الرياض في عام 2023 .
ويختم سعيد بالقول: يجب أن يبقى نفسنا قائماً مع الرياض، سيأتي يوم ما ونعوزها ولتكن هذه الدعوة واضحة وتؤخذ في الاعتبار.