أكثر من 50 شهيداً وإبادة عائلات بكاملها في قرى وبلدات قضاء بعلبك ومدينة بعلبك سقطوا أمس تحت وطأة توحش إسرائيلي أفلت من كل الروادع والضوابط بعدما انهارت انهياراً محققاً دراماتيكياً المبادرة الأميركية لوقف النار في لبنان قبيل أيام قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الثلاثاء المقبل. ولم يكن غريباً والحال هذه أن ينعى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي المشروع الذي توافقا عليه مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين والذي واجه صدّاً ورفضاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي بدا واضحاً أنّه من غير الوارد أن يسلف الإدارة الديموقراطية ورقة ثمينة لتوظيفها في مصلحة المرشحة الرئاسية كامالا هاريس على حساب منافسها دونالد ترامب بما يؤشر إلى انحياز نتنياهو ضمناً إلى ترامب. ولا يقف الأمر عند هذا الدافع فقط فنتنياهو لم يتخذ بعد خيار إنهاء الحرب في لبنان كما تكشف وقائع التصعيد الجنوني الذي حصل في الساعات الأخيرة، ولكن هذا التصعيد تحول إلى دوامة دموية لاستهداف المدنيين وتدمير المدن والبلدات والقرى من دون اتضاح المكاسب العسكرية الاستراتيجية التي تهدف إلى تصفية قدرات "حزب الله" الذي لا يزال يواجه بفعالية بارزة التوغل الإسرائيلي البري عند الشريط الحدودي الجنوبي كما يصلي معظم الشمال الإسرائيلي بصليات صاروخية لا تنقطع.
وخلال إستقباله القائد العام للقوة الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال ارولدو لازارو، جدد ميقاتي "التعبير عن تقدير لبنان للجهود الشاقة التي تبذلها اليونيفيل في هذه المرحلة الصعبة، والتمسك بدورها وبقائها في الجنوب وبعدم المس بالمهام وقواعد العمل التي انيطت بها والذي تنفذه بالتعاون الوثيق مع الجيش".
وعبّر عن "إدانته للاعتداءات الإسرائيلية على اليونيفيل والتهديدات التي توجه إليها"، مقدّراً "إصرار العديد من الدول الصديقة للبنان على استمرار اليونيفيل في عملها في الجنوب".وقال: "ان توسيع العدو الاسرائيلي مجددا نطاق عدوانه على المناطق اللبنانية وتهديداته المتكررة للسكان باخلاء مدن وقرى باكملها، واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجدداً بغارات تدميرية، كلها مؤشرات تؤكد رفض العدو الاسرائيلي كل المساعي التي تبذل لوقف اطلاق النار تمهيدا لتطبيق القرار 1701 كاملا".وجدد رئيس الحكومة "التزام لبنان الدائم بالقرار الاممي ومندرجاته"، معتبرا" ان "التصريحات الاسرائيلية والمؤشرات الديبلوماسية التي تلقاها لبنان تؤكد العناد الاسرائيلي في رفض الحلول المقترحة والاصرار على نهج القتل والتدمير، مما يضع المجتمع الدولي برمته أمام مسؤولياته التاريخية والاخلاقية في وقف هذا العدوان".
ولكن هيئة البث الإسرائيلية نقلت عن مسؤول أميركي، أن "لقاءات المبعوثين الأميركيين آموس هوكشتاين وماكغورك بشأن وقف إطلاق النار بلبنان جيدة والفجوات تقلصت". كما أفادت القناة 12 الإسرائيلية، بأن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي آموس هوكشتاين، والمبعوث الخاص لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، "أحرزا تقدما كبيرا لإنجاز تسوية على جبهة لبنان". وفي وقت سابق أفاد مسؤول إسرائيلي شبكة "أي بي سي" عن "تحقيق تقدم كبير نحو وقف إطلاق النار في لبنان".
ومع استمرار اسرائيل باستهداف بلدات ومدن تضم مواقع اثرية عريقة لا سيما بعلبك وصور وصيدا ووسط خشية من تعرضها للدمار، حذرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت من المخاطر التي تشكلها الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل على المواقع الأثرية، لا سيما في مدينتي بعلبك في شرق البلاد وصور في الجنوب، اللتين تعرضتا أخيرا لغارات مكثفة . وأشارت بلاسخارت إلى أن "مدنًا فينيقية قديمة ضاربة في التاريخ تواجه خطرًا شديدًا قد يؤدي إلى تدميرها"، مضيفةً أنه "يجب ألا يصبح التراث الثقافي اللبناني ضحية أخرى لهذا الصراع المدمر".