أثار كلام وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لـ"النهار" عن قرار نقل عدد من النازحين السوريين من وسط بيروت الى عكار، سيلاً من التساؤلات لدى فاعليات عكارية عدة عبّرت عن مخاوفها من أن تتحول هذه المحافظة، في ظل تطورات العدوان الاسرائيلي ملاذاً للنازحين السوريين من مناطق التوتر.
وتؤكد هذه الفاعليات أن عكار لم تتخلف يوماً عن القيام بدورها الانساني والوطني بكل حب، غير أنه ما عاد بإمكانها ان تتحمل هذا العبء الكبير، في ظل هذا الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يعانيه أبناؤها، وسط شح المساعدات وتخلي الدولة كما المنظمات الأممية عن المجتمعات المضيفة.
وسألت الحكومة عبر الوزير مولوي: لماذا عكار من دون غيرها من المناطق يجب أن تتحمل هذا العبء الكبير، ولماذا لم توزّع هذه العائلات السورية على المناطق الأخرى وخصوصاً أن عكار تستقطب اليوم أكثر من 17 ألف عائلة لبنانية اجبرتها الاعتداءات الاسرائيلية على ترك منازلها في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت ، وتستضيف قرابة 90 في المئة منها طوعاً في منازل 140 بلدة وقرية فيما يشغل في 10 المئة منهم فقط حوالى 100 مركز إيواء .
علماً أن في عكار أكثر من 250 ألف نازح سوري منذ اتدلاع الأزمة السورية، سيضاف اليهم وفقاً لقرار وزير الداخلية أكثر من ألف نازح سوري سيجري توزيعهم على 125 خيمة في 28 مخيم لجوء.
وعلمت "النهار" ان هذه الخطوة التي عبّر عنها مولوي كان بحث فيها مباشرة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين UNHCR ، من ضمن خطة طوارئ لحل مشكلة العائلات السورية وبعض عائلات مكتومي القيد الهاربة من جحيم الحرب الى وسط بيروت.
وفي هذا السياق، استقبل ميقاتي في السرايا الحكومية وفداً عكارياً ضم: النواب وليد البعريني، أحمد رستم، أسعد درغام، محمد سليمان، محمد يحيى، سجيع عطية، وجيمي جبور، المفتي الشيخ زيد محمد بكار زكريا، متروبوليت الروم الأرثوذكس المطران باسيليوس منصور، ، المونسنيور إلياس جرجس، رئيس دائرة الأوقاف الاسلامية الشيخ مالك جديدة، الأب ميشال بردقان، نائب رئيس المجلس الاسلامي العلوي شحادة العلي، وعضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى كفاح الكسار.
إثر اللقاء، قال المفتي زكريا باسم الوفد: "أوضحنا لدولته أن أعداد النازحين تزيد عن سبعين ألفاً، وشددنا على الإسراع في معالجة حاجات الناس من إيواء وغذاء ودواء واستشفاء ، وخصوصاً أننا على أبواب فصل الشتاء، والحاجة الماسة إلى الأمور اللازمة من تدفئة ومازوت ووسائل التدفئة ومقاومة البرد".
وأضاف: "طلبنا أن تعطى عكار التي هي في الأصل عنوان من عناوين الحرمان مزيداً من العناية والرعاية، وضرورة تخصيصها بأمور إضافية من المعونات والمساعدات من فرش وأغطية، وأيضا بالمازوت للتدفئة ولتشغيل المولدات الكهربائية في مراكز الايواء أو المزوّدة اشتراكات من المولدات الخاصة".
وأشار الى أن الوفد طالب أيضاً بـ"تخصيص أموال لإزالة النفايات"، وشدّد على "أهمية تشغيل مطار القليعات" و"الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم إقامة مخيمات جديدة للنازحين السوريين في عكار".
كذلك شدّد على "أهمية تجنّب الفتن"، وأثار موضوع المدارس و"أهمية ألا نخسر العام الدراسي وفي الوقت عينه أن نحفظ كرامة النازح".
اللبكي
على الصعيد الميداني، تفقد محافظ عكار عماد اللبكي رئيس غرفة إدارة الكوارث، ترافقه أمينة سر المحافظة رولا البايع، غرفة العمليات التابعة لوحدة إدارة الكوارث ولجنة إدارة النازحين في اتحاد بلديات جرد القيطع في بلدة حرار، للاطلاع على سير العمل والاستعدادات الجارية لمواجهة الأوضاع القائمة، في حضور رئيس الاتحاد عبدالاله زكريا وفريق SALAR International الذي يدعم بناء قدرات الاتحاد في الاستجابة للطوارئ.
ولفت اللبكي إلى "التحديات التي تواجه المنطقة في ظل محدودية المساعدات، إذ وصلت 2000 حصة طعام فقط لتلبية حاجات 17 ألف عائلة"، مشيرًا إلى أن عكار "تتلقى الدعم بشكل مشابه لباقي المناطق، لكنها في حاجة إلى مزيد من الموارد وخصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء وتزايد الأعباء".
وقدّم مدير الغرفة محمد فيصل زكريا، شرحاً مفصّلاً عن عدد النازحين، وآلية عمل الغرفة وأدوار فرق التدخل في مواجهة الأزمات.
مبادرات إنسانية
وفي إطار العمل الاغاثي الذي تقوم بها الهيئات المحلية والعربية والدولية، دشّن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مشروع "كنف٣" في لبنان لعام ٢٠٢٤ بالتعاون مع جمعية "الأيادي البيضاء" في مدينة طرابلس، حيث يهدف المشروع الى توزيع قسائم شرائية للحصول على الكسوة الشتوية من المحلات التجارية المتعاقد معها. ويستفيد منه ١٦ ألف طفل يتيم ومن ذوي الهمم من اللاجئين السوريين والفلسطينيين والأسر الأكثر حاجة من المجتمع اللبناني النازح والمضيف في مختلف المناطق اللبنانية. افتتح المشروع بإفادة قرابة ٣٠٠ طفل يتيم من القاطنين في المحافظة.
كذلك تستمرّ جمعية "الحداثة" في جهود استجابة أزمة النزوح في عكار وقضاء الضنية، من خلال توزيع 830 حصة من مواد النظافة على مراكز الإيواء، وبدعم من منظمة “من أجل عالم بلا جوع" (Welthungerhilfe) بالتنسيق مع البلديات والجهات المعنية.
واطلع رئيس الجمعية زاهر عبيد في جولة مع فريق الاستجابة، على أحوال النازحين وحاجاتهم، واعداً بمواصلة الدعم ليشمل قطاعات عدة.