نازحون في بعلبك الهرمل.
تشير الأرقام الرسمية وإحصائيات الجمعيات المختصة، التي حصلت عليها "النهار"، إلى أن عدد النازحين في منطقة بعلبك الهرمل قد تجاوز الـ 60 ألفاً، يتوزعون على البلدات الآمنة، مثل دير الأحمر وقراها، عرسال، رأس بعلبك، القاع، جبّولة، الفاكهة والجديدة، الزيتون، معربون، مجدلون، حوش سنيد، وحدث بعلبك.
في قرى دير الأحمر والجوار، يقيم 22,991 نازحاً، بينما تحتضن بلدة عرسال 2050 نازحاً في داخل المنازل. وتستقبل مراكز الإيواء 1,805 نازحين، بالإضافة إلى 3,462 نازحاً سورياً في مخيمات النازحين السوريين. ويوجد أكثر من 10 آلاف نازح في القرى الأخرى، التي تمّت الإشارة إليها سابقاً، علماً بأن بعض العائلات لم يتمّ تسجيلها في سجّلات البلديات.
وفي ما يتعلق بالتداعيات وتأثيرها على تفاقم الأوضاع الصحيّة في منطقة بعلبك الهرمل، أشار النائب علي المقداد في حديثه لـ"النهار" إلى أن الاستجابة الطارئة للاحتياجات الصحية في بعلبك الهرمل تُعتبر مقبولة في زمن الحرب، بالرغم من محدودية الموارد والقدرات المتاحة.
ولفت المقداد إلى أن استعداد المستشفيات في المنطقة لتقديم الرعاية الطبية لا يزال مقبولاً، حيث تتوفر الأدوية والمعدات الجراحية، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة. وبالرغم من الضغوط الهائلة التي تواجهها، والتي تعيق قدرتها على التعامل مع جميع حالات المصابين نتيجة الغارات، فقد أُغلِقَ بعضها قسراً، ثم عادت إلى استئناف العمل في ظلّ استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشيّ الذي لا يرحم.
ميدانياً، يوجد العديد من التحديات التي تواجه المنظمات الدولية والمحلية، خاصة تلك المعنية بالصحة، مثل الصليب الأحمر اللبناني ومنظمة أطباء بلا حدود والهيئة الصحية الإسلامية.
وأشارت المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في لبنان، الدكتورة لونا حمود، لـ"النهار" إلى أن "الضربات الإسرائيلية أثرت سلباً على قدرة المنظمة على تقديم الرعاية الصحية في منطقة بعلبك-الهرمل. فالقصف المستمر أجبر أكثر من 50,000 شخص على النزوح، بمن في ذلك نحو 30 من موظفينا، مما صعّب وصولنا إلى المراكز الصحية ونقل الإمدادات الطبية إلى عياداتنا، وفريقنا يعمل في ظروف تتّسم بغياب الأمان، مما يؤثر على توفير الرعاية الصحية واستمرار الأنشطة اليومية".
وأكدت حمود الصعوبات الكبيرة، في ما يتعلق بتوفير الأدوية للعيادات، من خلال بذل جهود كبيرة لتأمين الأدوية اللازمة، خصوصاً للأطفال والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مرض السكري والصرع. "لدينا 58 مريضاً مصاباً بالسكري من النوع الأول في عيادة الهرمل فقط، بالإضافة إلى مرضى عيادة عرسال، وجميعهم يعتمدون على الأنسولين. أحد هؤلاء المرضى توقف عن تناول الدواء بسبب الغارات في المنطقة، مما أدى إلى تعرضه لنوبات زادت من معاناته، كما أن العديد من المرافق الطبية والصيدليات مغلقة الآن، مما يزيد من صعوبة الحصول على الرعاية. ونعمل أيضاً على توفير المستلزمات الأساسية مثل الأفرشة والأغطية، بالإضافة إلى الأدوية، لضمان استمرار الحد الأدنى من الرعاية في هذه الظروف الصعبة".
كذلك الحال في عمل الهيئة الصحية الاسلامية التي يوجد لها في البقاع 17 مركزاً للخدمات الصحية الأولية لتوفير الأدوية والرعاية الطبية، حيث يعمل 6 منها على مدار الساعة، بينما تعمل الأخرى وفق دوام عادي. وأكد مصدر معني لـ" النهار" أنه بسبب ظروف الحرب، تغيّر أسلوب العمل لديهم، وأصبح التركيز على المستوصفات المتنقلة، خصوصاً في المناطق التي لا تحتوي على مراكز صحية ثابتة، حيث تستقبل عدداً كبيراً من النازحين.
وأكد المصدر أن "التحدي الأكبر يتمثل بنقص الأطباء، إذ إن العديد منهم نزحوا، أو يعملون في أماكن مختلفة، مما يزيد من صعوبة تأمين الكادر الطبي، فيما يبقى الفريق الطبي للهيئة في جهوزية عالية ويتم توفير الأدوية والمستلزمات الأساسية، إضافة إلى تقديم حليب وحفاضات للأطفال في مراكز النزوح نتيجة الظروف المادية الصعبة. أما التنقلات فقد أصبحت خطرة، خصوصاً عند تأمين الأدوية للمستوصفات وتوزيعها بين النازحين المنتشرين في منازل أو مناطق آمنة محاطة بخطر. وإنه منذ بداية الحرب وحتى الرابع من الشهر الجاري، قدّمت المستوصفات المتنقلة نحو 255 ألف خدمة صحية، من معاينات طبية وتصوير صوتي وفحوصات مخبرية إلى رعاية أسنان ودعم نفسي".