النهار

العلامة الأمين: علينا مسلمين ومسيحيين أن نفكر وطنياً في بناء الدولة الحاضنة
العلامة الأمين: علينا مسلمين ومسيحيين أن نفكر وطنياً في بناء الدولة الحاضنة
العلامة الأمين
A+   A-
وجه العلامة السيد علي الأمين رسالة إلى اللبنانيين "في هذه الظروف التي يمر بها لبنان" وقال: "منذ عهود مضت ولبنان كان واحة للحرية في العالم العربي وقد شكل نموذجاً حضارياً في العيش المشترك القائم على الانفتاح والتّسامح بين مختلف الطوائف اللبنانية وأعطى بذلك مثالاً على تجربة إنسانية ناجحة في احترام الآخر والقبول به ونبذ التّعصب الذي يشكل سمة من سمات الجهل والتخلف، وقد بقي رباط العيش المشترك يجمع اللبنانيين المتمسّكين بوطنهم لبنان على الرّغم من كل ما حصل على أرضه من حروب ونزاعات لا يتحمل الشّعب اللبناني المسؤوليّة عنها، إنّما كانت حروب الآخرين على أرضه الّذين استفادوا من ضعف الدّولة اللبنانية في تلك المرحلة ليقيموا دويلات الشّوارع و الزواريب و المناطق"

أضاف:"اللبنانيون اليوم كما في الأمس كانوا وما زالوا متمسّكين بلبنان الواحد ومشروع الدّولة الواحدة التّي تشكّل مرجعيّة لجميع اللبنانيين في مختلف الحقول والميادين من خلال نظام سياسي يجعل منها دولة الإنسان التي تحترم مختلف العقائد والمذاهب والأديان من دون أن يكون هناك امتيازات في الحقوق بين المواطنين بسبب الانتماء الديني والحزبي، بل يجب أن يكون الجميع متساوين أمام القانون في الحقوق و الواجبات. إن صيغة العيش المشترك التي قام عليها وطننا لبنان منذ الإعلان عنه في دولة لبنان الكبير الذي جمع اللبنانيين بكل طوائفهم تعتبر نموذجاً راقياً وحضارياً في عالم العلاقات الوطنية والانسانية لأنها تقوم على مبادئ التسالم والمحبّة والتعارف والعدل والمساواة بين البشر ونبذ الفوارق في الأعراق والمذاهب والأديان، وهي من المبادئ التي تسالم العقلاء في العالم على رفعة شأنها وسموّ قدرها، وهي من القيم التي لا تزال الميزان والمعيار في صحة الأفكار والمنظومات الأخلاقية في العلاقات الاجتماعية بين الناس. وقد حمل لبنان هذه الصيغة على أرضه وفي المنطقة، لذلك كان لبنان بهذه الصيغة التي بني عليها أكبر من وطن، إنه رسالة للعالم كما وصفه قداسة الراحل البابا يوحنا عندما زار لبنان في أواخر القرن الماضي· نعم، هذه رسالة لبنان وصورته التي عشناها صغاراً وعاشها الآباء والأجداد".

تابع:"من صور هذا العيش أهلاً والحب بين اللبنانيين ما نراه من احتضان لأهلنا النازحين من ديارهم إلى المناطق اللبنانية الأخرى في هذه الأيام العصيبة التي تمر على وطننا لبنان بسبب الحرب المفروضة عليه.  ونعود لنقول بأن هذه الرسالة التي يمثلها لبنان تحتاج إلى الرسل والمبشرين كما كانت عليه حال الرسالات السماوية ".

أضاف: " لذلك نقول اليوم ما قلناه في الماضي للأحزاب والقيادات المتصارعة على السلطة والنفوذ يجب علينا مسلمين ومسيحيين ألا نفكر مسيحياً أو إسلامياً وإنما يجب أن نفكر وطنياً وإنسانياً في عملية بناء الدولة الحاضنة للجميع والممثلة لهم بحيث تكون هي المسؤولة وحدها عن الجميع ومسؤولة أمام الجميع من خلال مؤسساتها القانونية والدستورية ويجب أن  تكون علاقات الطوائف في الداخل والخارج من خلال الدولة ومؤسساتها".

ختم:" نتطلّع إلى اليوم الذي تصبح فيه الدّولة اللبنانية هي المسؤولة وحدها عن الأمن  والدّفاع عن الأرض والشعب وعن السياسة الخارجية والمحلية،وعن الإقتصاد والتعليم وعن سائر المهام الّتي تقوم بها الدّول ذات السيادة في شعوبها وأوطانها،وأن تكون الدّولة هي الّتي ينخرط فيها الجميع وينضوي تحت لوائها الجميع وأن تكون وحدها من خلال مؤسساتها صاحبة القرار ومرجعية الحلول عند حصول الاختلاف بحيث يقبل الجميع بأحكامها وتنفيذ قراراتها بدون استثناء على قاعدة أن يكون الولاء للوطن والحكم لدولة المؤسسات والقانون، وبذلك نعزز حالة الانصهار الوطني والتنافس الديمقراطي في عملية إعادة بناء لبنان الذي نريد.

اقرأ في النهار Premium