|
تعرضت بيروت للعديد من الغارات الإسرائيلية منذ توسيع دائرة العدوان على لبنان بعد 23 أيلول (سبتمبر) الفائت. ولم تمض أيام قليلة على تكثيف الغارات على مناطق واسعة بدءاً من الجنوب وصولاً إلى الضاحية الجنوبية مروراً بالبقاع، حتى أغارت الطائرات الحربية على العاصمة، وبدأ مسلسل الاستهدافات.
بعد أسبوع على بدء تل أبيب تكثيف غاراتها على مناطق لبنانية عدة ومن ضمنها الضاحية الجنوبية لبيروت، جاء الاستهداف الأول للعاصمة في 30 أيلول (سبتمبر) حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية مبنى سكنياً في منطقة الكولا المكتظة والتي تعتبر مركز انطلاق لخطوط النقل في اتجاه الجنوب والشمال والبقاع وسوريا.
وكانت تلك الغارة الأولى على بيروت تستهدف مبنى سكنيا منذ صيف 1982، أي خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران (يونيو) من ذلك العام. والمفارقة أن ذلك الاعتداء جاء على مقربة من الأماكن التي استهدفت بغارات حربية قبل 42 عاما، ولا سيما أنه في تلك المنطقة كانت تقيم قيادات فلسطينية في مقدمها رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات (أبو عمار).
المبنى المستهدف يومها في الكولا كان يضم مكتبا للنائب السابق نجاح واكيم، لكن المستهدفين كانوا كوادر في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، التي نعت ثلاثة من قيادييها هم أعضاء في مكتبها السياسي ودائرتها العسكرية والأمنية.
أما الاستهداف الثاني فكان بعد 3 أيام في منطقة الباشورة القريبة من وسط بيروت، حيث أغارت مسيّرة إسرائيلية على مركز للدفاع المدني في "الهيئة الصحية الإسلامية"، ما أدى إلى استشهاد 9 مسعفين.
غارتان على البسطة والنويري
لم يمض أسبوع على استهداف الباشورة حتى عاودت طائرات جيش الاحتلال تنفيذ غاراتها على بيروت، واختارت منطقتي البسطة التحتا والنويري غير البعيدتين عن الباشورة. ومساء العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) شنت المقاتلات الحربية غارتين متزامنتين على مبنيين سكنيين، الأول في منطقة النويري والثاني في شارع فتح الله في البسطة التحتا.
أدى العدوان على تلك المنطقتين إلى استشهاد 22 مواطناً وجرح أكثر من 115.
تل أبيب أعلنت أن المستهدف في الغارتين كان مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا، لكن الحزب لم يعلق في بيان على ذلك الاستهداف، فيما نقل عن مقربين منه عدم اغتيال صفا.
مسلسل الغارات تواصل على العاصمة، وأعادت الطائرات استهداف منطقتين هما رأس النبع ومار الياس.
اغتيال عفيف غير المتخفي
لم يكن متوقعاً أن تقدم تل أبيب على اغتيال مسؤول وحدة العلاقات الإعلامية في "حزب الله" محمد عفيف، ولا سيما أنه كان يعقد مؤتمرات صحافية تنقلها وسائل الإعلام مباشرة على الهواء ومن قلب الضاحية الجنوبية لبيروت.
لكن العدوان المتفلت من كل الضوابط اختار المسؤول الإعلامي للحزب والذي لا يتخذ أي إجراءات أمنية، ويظل هاتفه في حالة تواصل مع الإعلاميين على مدار الساعة. وبالتالي كان تحت المراقبة الدائمة ولم يعمد إلى إقفال هاتفه والاختفاء.
وجاءت الغارة الخامسة على بيروت وتحديداً على منطقة رأس النبع الشديدة الاكتظاظ السكاني بعد موجة النزوح إليها من الضاحية الجنوبية ومن الجنوب، لتستهدف مكان وجود عفيف في مبنى يضم مركزاً لحزب البعث، ما أدى إلى استشهاده مع مرافقه وشخص آخر وامرأة.
ولم تمض ساعات حتى عادت بيروت إلى دائرة الاعتداءات، إذ اختار جيش الاحتلال منطقة مار الياس لتنفيذ غارة جديدة على العاصمة ليل الأحد، أدت إلى استشهاد صاحب محل لبيع الأدوات الإلكترونية وفتاة، فيما جرح 22 آخرون. تل أبيب أعلنت اغتيال مسؤول عسكري في المقاومة، لكن أهالي الشهيد محمود ماضي أكدوا عدم انتمائه إلى أي حزب، ما يكذب الرواية الإسرائيلية.
في المحصلة، أدخلت تل أبيب بيروت دائرة الاستهدافات، سواء كان ذلك لتنفيذ عمليات اغتيال أو للضغط على "حزب الله" وبيئته في ظل تصاعد الحديث عن إيجابيات في المفاوضات لوقف النار.