في إطار التحذيرات التي يطلقها يومياً الجانب الإسرائيلي، اجتاحت صباح اليوم موجة اتصالات "مشبوهة" هواتف اللبنانيين في مناطق تُعد خارج نطاق الاستهداف الإسرائيلي اليوميّ وامتدت من بيروت إلى الشمال والبقاع.
وتُعد هذه الاتصالات جزءاً من الحرب النفسية التي تُمارسها إسرائيل منذ اليوم الأول للحرب بهدف زرع الذعر في قلوب المواطنين.
وتلخصت الاتصالات بنظام اتصال آلي يبدأ بعذ ثوان من الإجابة على الاتصال ويقول: "أنت بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله، سيعمل جيش الدفاع على تدميرها قريباً، لذلك عليك إخلاء المبنى بسرعة".
في حديث لـ"النهار" أكّد مستشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامر الطبش أنّ "شبكة الاتصالات اللبنانية مخترقة من قبل إسرائيل، والضعف اللبناني يكمن في انعدام العلاقات الدولية لملاحقة أو تعقّب الأرقام التي يتمّ التواصل مع اللبنانيين من خلالها في خضمّ حالة نكران تحت التهديد تعيشها الدولة اللبنانية".
وقال الطبش إنّ "لبنان يفتقر إلى أي تقنية قد تساعد في تعقّب أرقام الهواتف التي تصل منها الرسائل النصية والمكالمات الصوتية"، مشيراً إلى أنّ التقنية التي علينا استعمالها تكمن في مراسلة القضاء التابع للدولة التي تصل الاتصالات من الرمز التابع لها.
وفي ما يخصّ تطبيقات انتحال الأرقام أو الأرقام الإسرائيلية المقنّعة تحت رموز دول صديقة تمرّرها الشبكة اللبنانية وتتعرف إليها، يُلفت الطبش إلى أنّ "إسرائيل ليست بحاجة لاستخدام تطبيقات انتحال أرقام دولية لأنها تستطيع اختراق الشبكة بكل سهولة والوصول إلى جميع المعلومات بينما نحن لا نستطيع أن نعرف مصدر هذه الأرقام أو أن نتعقبها أو أن نحظرها من الاتصال بنا".
وأوضح أنّ "التواصل معنا يتم عبر إرسال الرسائل النصية المكتوبة أو الاتصال الهاتفي "بواسطة نظام الاتصال الآلي" لتحذيرنا بوجوب إخلاء مناطقنا".
وأشار إلى أنّ "إسرائيل لا تختار الأرقام عشوائياً بل تنتقيها بدقة مع الأسماء وجميع التفاصيل، تتصل بالرقم بعد تحديد موقعه والتأكد من معلوماته وتخاطبه باسمه الشخصي بواسطة نظام الاتصال الآلي".
الهدف الرئيسي لهذه التحذيرات يكمن في إثارة البلبلة واللعب على العواطف وتحديد نسيج المبنى والقاطنين فيه ومراقبتهم وتشكيل ضغط كبير على "حزب الله" وبيئته وملاحقتهم في أماكن النزوح، لكن من البديهي أن تحقّق إسرائيل أهدافاً عسكريّة في كل خطوة لها.
واعتبر الطبش أنّ "إسرائيل تُحاول أن تخلف بين المجتمع والمضيف والنازح من خلال هذه الإنذارات التي توجهها إلى ما تُسمى مناطق آمنة تضمّ مراكز إيواء بهدق إثارة بروباغندا نفسية لدى اللبنانيين".
على سبيل المثال، يقول الطبش إنّ الرسالة التي وصلت إلى المواطن في مبنى الروشة لإخلائه أخافت سكان المبنى الذين أصروا على أن يُخلي المستأجر الشقة في مبناهم لأنه يشكّل خطراً عليهم، إذ إنهم اعتقدوا أنّه معرّض للاستهداف بعد الرسالة التي وصلته.
ويوضح الطبش أنّ "إسرائيل تهدف إلى إحداث شرخ مذهبي وافتعال المشكلات الداخلية، فمحاولة إخلاء مناطق معينة يمكن أن يُنظر إليها كخطوة لتقليص الدعم الشعبي للطائفة الشيعية أو إضعاف قدرة المدنيين على الصمود، ما يشكّل ضغطاً على "حزب الله".
أمّا الهدف العسكري فيكمن في أنّ "إسرائيل أحياناً تكون بحاجة للتأكد من وجود أشخاص محدّدة أو معرّضة للاستهداف داخل الأبنية فتطلق هذه التحذيرات لمراقبة تحركات الأشخاص وجمع معلومات حول الموجودين في الداخل بواسطة طائرة الاستطلاع في الأجواء اللبنانية".