النهار

معلومات ومصادر متضاربة... حرب من نوع آخر تفتك باللبنانيين
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
معلومات ومصادر متضاربة... حرب من نوع آخر تفتك باللبنانيين
A+   A-

يعيش اللبنانيون حرباً من نوع آخر، تفتك بأعصابهم وهي تضارب الروايات والمصادر حول المفاوضات لوقف الحرب.

 

منذ ليلة الأحد تأتي الأخبار متسارعةً حول عملية التفاوض التي يمكن أن تؤدي إلى وقف الأعمال الحربية، وتنهال المصادر والمعلومات من كل حدب وصوب، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمصادر السياسية والإعلام العبري وجميعها بطريقة مبهمة ومتضاربة ومعاكسة كلياً.

 

تعمل المواقع اللبنانية وخدمة الخبر العاجل على نقل هذه الأخبار على هواتف اللبنانيين، فخلال ساعة من الزمن يمكن أن تقرأ الخبر ونقيضه عشرات المرات، وهذا ما جرى فعلياً ليلة الأحد بعد التصعيد الكبير الذي قام به "حزب الله" على الإسرائيليين، فضاع اللبنانيون بين أن إسرائيل فوّضت إلى آموس هوكشتاين حل المسألة مع لبنان، أو لم تفوّض إليه، أو أن الأمور انتهت أو تعقدت من دون الوصول إلى نتيجة.

 

وهذه الأخبار تختلف بالسياق عن موضوع "الفايك نيوز" أو الأخبار المضللة، لأنها جميعها تعتمد على وسائل إعلامية موثوقة أو مصادر سياسية أو حتى مصدرها المندوب الأميركي نفسه الذي يتحدث إلى قلة إعلامية، وليست أخباراً مختلقة.

 

وفي هذا الإطار علمت "النهار" أن هوكشتاين على تواصل مع عدد قليل من الصحافيين وهو تولّى شخصياً توضيح بعض الأخبار التي انتشرت مثل النار في الهشيم عبر بعض الإعلاميين اللبنانيين، وخصوصاً عبر صحافيين من قناتي الجديد و"إل بي سي"، لكن الإشكالية في حرفية ترجمة كلام المبعوث الدولي، من جهة وإتباعه بتحليلات من جهة أخرى، وهنا تختلط التحليلات مع المعلومة لتخرج على الوسيلة الإعلامية بطريقة مغلوطة أو محرّفة، وهذا ما ظهر بوضوح أيضاً ليل الأحد، عندما انطلقت المحطتان في الردود إحداهما على الأخرى مع أن مصدرهما واحد.

 

هذا من جهة أما من جهة ثانية فهي تلزم المفاوض الأميركي بالتدخل شخصياً وتوضيح بعض النقاط التي يجري تناقلها، وتكون غير دقيقة وربما مؤذية للمفاوضات، وهذا ما جرى أيضاً مرات عديدة، كما يتطوّع بعض السياسيين لإعطاء بعض المعلومات مع شرط عدم ذكر اسمه لغيات سياسية داخلية وحسابات شخصية وتكون بعيدة كل البعد عما يجري بينما من يمتلك المعلومة الدقيقة والحقيقة وخصوصاً على مستوى تقدم المفاوضات هم قلة قليلة في لبنان وأميركا وإسرائيل، وما تجري مناقشته مناط بقدر كبير من السرية.
إلى ذلك برز في المدة الأخيرة الاعتماد على الإعلام العبري، الذي بدوره يزخر بالمصادر والمعلومات وغيرها بعيداً عن التصاريح الرسمية، وهو أيضاً بلسان أحزاب وتيارات لديها مصالحها وأجنداتها السياسية، فهناك المحطات اليمينية المتطرفة على سبيل المثال وهي معارضة لوقف الحرب على لبنان تشيع أخباراً عن فشل الاتفاق، وهناك قنوات مؤيدة للجناح العسكري المؤيّد للاتفاق يشيع أخباراً تتفق مع رؤيته، ويجري نقلها عبر الإعلام كما هي، هذا فضلاً عن دقة الترجمة بين العبرية والعربية.

 

في المحصلة، قبل الاتفاق النهائي وإعلانه يبقى كل طرف يقرأه بما يتناسب مع مصلحته أو بما يمكن أن يشكل ضغطاً على الطرف الآخر لاقتناص أكبر قدر من المكاسب قبل انتهاء المفاوضات.

 

 

اقرأ في النهار Premium