على رغم الأوضاع المقلقة جنوباً وخصوصاً في قرى الشريط الحدودي والمناطق المتاخمة لها بفعل الخروق الاسرائيلية المتكررة لوقف النار، تتابع العائلات النازحة استعداداتها لمغادرة أماكن إقامتها الموقتة الى القرى والبلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت حيث منازلهم وممتلكاتهم.
وتشهد البلدات العكارية مظاهر وداع لهذه العائلات التي نسجت صداقات مع مستضيفيها، و أصرت على رفع لافتات على الطرق وفي بعض الساحات، تعبّر فيها عن مشاعر الشكر والامتنان لأبناء عكار على حفاوة الاستقبال وحسن الاستضافة.
وفي المدررسة الوطنية الأرثوذكسية في بلدة رحبة، أقيم حفل وداعي للتلامذة الذين استعدت عائلاتهم للعودة الى الجنوب، وتبادلوا الهدايا التذكارية مع أساتذتهم وزملائهم وسط مشاعر مختلطة بين فرح العودة وحزن الابتعاد عن أصدقاء وزملاء تعرفوا إليهم طوال الشهرين الماضيين .
وفي آخر إحصاء أورده تقرير غرفة إدارة الكوارث في محافظة عكار أن عدد النازحين الذين لا يزالون في قرى المحافظة وبلداتها ومراكز الايواء فيها، تراجع الى حدود 16756 نازحاً، أي الى 3969 عائلة، موزعين على الشكل الآتي:
- في مراكز الايواء: 221 شخصاً، أي 51 عائلة.
- في منازل في 142 قرية وبلدة: 16535 شخصاً، أي 3918 عائلة.
وتفيد مصادر قريبة من غرفة إدارة الكوارث التي يرأسها محافظ عكار عماد اللبكي، بأن الجهد ينصبّ على تأمين مراكز إيواء بديلة من المدارس الرسمية التي يشغلها النازحون، لكونها ستنطلق في العام الدراسي مطلع الاسبوع المقبل.
يذكر أن عدد العائلات اللبنانية التي وفدت الى عكار إبان العدوان الاسرائيلي بلغ حوالي 16 الفاً، أي حوالى 80 ألف شخص.
علماً أن الذين لايزالون في عكار هم من العائلات التي دمرت منازلها، وهي في انتظار جلاء الأمور وإمكان توفير مساكن موقتة لهم أو مراكز إيواء قرب منازلهم حتى ولو كانت خياماً، ذلك أنهم مصمّمون على العودة الى بلداتهم للبدء سريعاً بترميم ولو غرف بسيطة من منازلهم المدمرة.
هجرة سورية جديدة؟
وعلى صعيد آخر، يخشى العكاريون تداعيات التطورات الدراماتيكية على الساحة السورية في حلب وريفها، واحتمال حصول موجة نزوح جديدة في اتجاه الحدود الشمالية والشمالية الشرقية للبنان، على رغم الدمار الكبير الذي ألحقه العدوان الاسرائيلي بسائر المعابر الشرعية الحدودية.
ويطالبون الجهات الرسمية اللبنانية والمنظمات الأممية المعنية باتخاذ كل الاجراءات الكفيلة مواجهة ما قد يستجد في هذا الصدد، لكون عكار تستضيف ما يزيد عن 250 ألف نازح سوري منذ بدء الأزمة في بلادهم عام 2011.
الى ذلك، شارفت ورش الأشغال التابعة لشركة "الأرز" المتعهدة الانتهاء من إعادة ترميم معبر العريضة الحدودي وتأهيله، في موازاة ورشة مماثلة من الجانب السوري لإتمام عملية إزالة الردميات وفتح الطريق، بعد تأمين مسارب لمجرى النهر الكبير للنفاذ الى البحر المتوسط، وتأمين رسو مراكب صيد الأسماك بشكل موقت للصيادين من أبناء العريضة الذين خسروا بعض مراكبهم جراء العدوان الاسرائيلي الذي دمر أيضاً مرفأهم الصغير عند الضفة اللبنانية لمجرى النهر.
وثمة تخوف في حال حصول فيضان لمجرى النهر الكبير، كما يحصل عادة في فصل الشتاء، من ألا تستوعب المسارب والعبّارات الموقتة المنشأة حديثاً بديلا من الجسر الكبير المدمر دفقه.