يفتقر لبنان إلى المقدرة على المباشرة في إعمار ما هدّمته الضربات الحربية الإسرائيلية من خزينة الدولة وهو لا يزال قابعاً في مرحلة ثكلى بالتحديات ولم يخرج من أتون الحرب رغم اتفاق شكّل بمثابة هدنة هشّة. ولا تزال الدول التي أمسكت اليد اللبنانية مقدّمة المساعدات الإنسانية على اهتمامها في هذا المجال لكنّها لم تعرض موضوع إعادة الإعمار في اللقاءات الرسمية اللبنانية، وهذا ما ينطبق أيضاً على السفير القطري في بيروت سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي لم يتحدّث في اللقاء الذي جمعه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في موضوع إعادة الإعمار ذلك أنّ المشاورات تبقى خاصّة حالياً بالمساعدات الإنسانية. ويمكن التأكيد أن المساعدات الإنسانية لا تزال تشكّل أولوية قطرية ولبنانية أيضاً خصوصاً أنّ أبناء قرى حدودية كثيرة لم يستطيعوا أن يستقلّوا رحلة الرجوع إلى مناطقهم، على أن يُبحث ملف الإعمار في مراحل لاحقة.
في معطيات "النهار" انطلاقاً من أجواء لبنانية رسمية، إنّ ملف الإعمار ليس في المتناول حالياً ولا يرجّح وضعه على الطاولة قبل إنضاج تسوية متماسكة شمولاً بالاستحقاقات الدستورية. وتبحث مشاورات وزارية لبنانية مرحلة ما بعد رجوع المواطنين المهجرين إلى قراهم وما يمكن القيام به لمواكبتهم، لكنها ستبقى بعيدة عن الإعلان عنها حالياً باعتبار أن الإمكانيات الحالية للدولة اللبنانية لا تسمح بدفع تعويضات للذين تهدّمت منازلهم. وتنحصر قدرة الحكومة في دفع النفقات الجارية في غياب الإيرادات وسط وضع مالي بالكاد في استطاعته تأمين المصاريف الجارية والتفاصيل الطارئة بما يشمل تأمين الحدّ الأدنى من الحاجات في ما يتعلّق بالنازحين اللبنانيين.
من ناحيته، يختصر مصدر حكوميّ متضلّع ومواكب لعمل البنك الدولي المجريات بالقول لـ"النهار" إنه "لا يزال من المبكر الحديث في ملف إعادة الإعمار ذلك أنّ لبنان لم ينطلق حتى الآن في دراسة هذا الملف لأنه دخل حديثاً في اتفاق وقف النار ولم يحصل حتى اللحظة تقدير قيمة الخسائر الخاصة بالأضرار التي سبّبتها المواجهات الحربية في الأشهر الماضية، رغم أن البنك الدولي قام بتقديرات أولية للأضرار الاقتصادية لكنها تحتاج إلى تحديث لأنها لم تشمل مرحلة ما بعد 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، رغم الإبقاء على الاستهدافات الحربية ما شكّل حاجة إلى تحديث إضافيّ حتى معرفة الحاجات ثم بحث كيفية مساعدة لبنان من الدول المانحة في إعادة الإعمار والانتعاش الاقتصادي".
ويتبيّن له أن "من المبكر الحديث في الموضوع بإسهاب فيما لا إحداثيات على المستوى السياسي عن اتصالات حصلت مع قطر في هذا الخصوص". ويستنتج أن "لبنان لا يستطيع أن يبدأ ورشة إعادة الإعمار في غياب الانتعاش الاقتصادي وسط أزمة مالية نقدية يعيشها، والدولة ليست لديها إمكانيات لازمة وضرورية لإعادة الإعمار. لذلك لا بدّ من الاعتماد على مساعدات خارجية مع استفهامات حول من في إمكانه المساعدة ومن المبكر الحصول على إجابة حتى الآن".
لذلك، إنّ هذه الفترة ليست كما مرحلة 2006، وثمة تقليل حكوميّ من ترجيحات القدرة على البحث في إعادة الإعمار سريعاً لأن الوضع المالي على تأزمه في لبنان ولم تتبلور حتى اللحظة مشاركة دول عدّة في إعادة الإعمار فيما الخشية من اشتعال إضافي للمواجهات الحربية وسط هدنة هشّة وإبقاء الجيش الإسرائيلي على ضرباته.