تتعدد التوقعات والتحليلات بشأن مدى طول أو قصر الحرب الإسرائيلية في لبنان، إذ يرى البعض أن نهايتها قد تكون وشيكة، فيما يعتقد آخرون أنها قد تستمر لسنوات. وعلى منصات التواصل الاجتماعي، يتسابق المنجمون لبيع الوهم لشعب يتشبث بقشة.
لكن الحقيقة أن الحرب، كأي نزاع مسلح، تتأثر بعوامل عدة، من أبرزها نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 تشرين الثاني (نوفمبر)، والتي تشهد تنافساً بين الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالي الديموقراطية كامالا هاريس. العلاقة بين الحرب والانتخابات تبدو عكسية، إذ إن نتائج الانتخابات قد تؤثر على مسار الحرب، كما أن نتائج الحرب قد تكون لها انعكاسات على نتائج الانتخابات نفسها.
السيناتور الديموقراطي كريس ميرفي أعرب عن قلقه من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يحاول التأثير على الانتخابات الأميركية من خلال إظهار اهتمام ضئيل بالتوصل إلى اتفاق مع "حماس"، وبدلاً من ذلك يصعّد التهديد بحرب أوسع في الشرق الأوسط من خلال توسيع المواجهة مع "حزب الله".
وأشارت تقارير من موقع "ذي هيل" الأميركي إلى أن تصاعد القتال بين إسرائيل و"حزب الله"، والذي جرّ طهران إلى صراع مباشر مع تل أبيب، أتاح فرصة لترامب لانتقاد تعامل إدارة بايدن وهاريس مع الأزمات الخارجية، وخاصة تلك المتعلقة بالشرق الأوسط.
وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "لانغر" للأبحاث بالتعاون مع "بوري" (أبحاث الرأي العام في إسرائيل)، أن 58% من الإسرائيليين يعتبرون ترامب الخيار الأفضل لأمن إسرائيل، مقابل 20% فقط يؤيدون هاريس.
كيف تؤثر الانتخابات على السياسة الخارجية الأميركية؟
وفقاً لتقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، رغم أن كلاً من هاريس وترامب يعتبران من الداعمين الأقوياء لإسرائيل، إلا أن توجهاتهما بشأن مدى الضغط على حليف أميركا تتباين مع تفاقم الحرب في الشرق الأوسط. هاريس أكدت أنها ستستمر في تسليح إسرائيل، لكنها دعت إلى تقرير المصير الفلسطيني ولم تتردد في التعبير عن رفضها للمعاناة الإنسانية في غزة.
من جانب آخر، يواصل ترامب مهاجمة بايدن والحملة الانتخابية للديموقراطيين، وخاصة في ضوء الهجمات الإيرانية الأخيرة التي جاءت رداً على قتل إسرائيل لقادة من "حزب الله" وإيران في لبنان.
وكان ترامب خلال رئاسته قد اتخذ خطوات بارزة لتعزيز علاقاته مع إسرائيل، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلا أن علاقته بنتنياهو شابها بعض التعقيد بعد اعتراف الأخير بفوز بايدن في الانتخابات السابقة (2020).
تأثير الانتخابات على الناخبين الأميركيين العرب
كشف استطلاع حديث أجراه "المعهد العربي الأميركي" أن السياسات المتعلقة بغزة تؤثر على توجهات الناخبين العرب في الولايات المتحدة، خاصة في ولايات متأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا. وأظهرت النتائج تقاربا بين ترامب وهاريس، إذ حصل كلاهما على نسب تأييد متقاربة بين الناخبين العرب.
"النهار" تستطلع آراء لبنانيين في الولايات المتحدة
وفي استطلاع آراء لصحيفة "النهار"، عبّر عدد من اللبنانيين-الأميركيين عن آرائهم في الانتخابات.
تقول مروة الترغياني، مديرة أعمال في شركة لحماية الأصول، إنها ستصوت للجمهوريين، مشيرة إلى أن سياسات ترامب كان لها تأثير كبير على المنطقة، لا سيما من خلال فرض عقوبات صارمة على إيران، ما قلّص نفوذها العسكري والإقليمي وأدى إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي وحماية المصالح الأميركية.
وتضيف: "أدعم الجمهوريين لأنني أعارض سياسات الديموقراطيين مثل السماح بالإجهاض المتأخر والحدود المفتوحة التي تسهل دخول ملايين المهاجرين غير الشرعيين".
نهاد الأشقر وإخوتها الخمسة يعتزمون التصويت لترامب لأسباب اقتصادية بالأساس، فهم يعتقدون أن سياسات الديموقراطيين تجاه المهاجرين غير الشرعيين متساهلة للغاية. وترى نهاد أن الديموقراطيين يفرضون ضرائب على العاملين، ويذهب جزء كبير منها إلى أشخاص يتعمدون ادعاء البطالة للحصول على مساعدات لا يستحقونها. وبحسب قولها: "تعبنا يذهب لأناس لا يستحقون المساعدة".
من جانبه، يرى علي ياسين، مدير تسويق، أن "أي شخص يتولى رئاسة الولايات المتحدة لن يكون في مصلحة الشرق الأوسط، لأن جميعهم مدعومون من قوى أخرى مثل آسيا والمحيط الهادئ". لكنه يضيف: "سأصوت لترامب لأنه قدم أداءً أفضل للاقتصاد الأميركي مقارنة ببايدن / هاريس، وهو واضح في مواقفه ولا يراوغ. كما أن لديه علاقات ديبلوماسية فعالة، وإن لم تكن صداقات، مع باقي دول العالم، ما يسرّع اتخاذ القرارات والصفقات الديبلوماسية ويعزز فرص السلام العالمي".
أما مواطن لبناني-أميركي آخر، فضل عدم الكشف عن هويته، فيرى أن ترامب وهاريس خياران أحلاهما مر، خصوصاً في ما يتعلق بفلسطين ولبنان. ويقول: "ترامب أكثر خطورة بكثير وسيطلق يد إسرائيل في المنطقة، ولهذا سأصوت لهاريس، رغم أنني غير متحمس لذلك على الإطلاق".
رغم تعقيد المشهد السياسي والعسكري في لبنان، فإن الأمل لا يزال موجوداً. فالتاريخ يثبت أن كل نزاع له نهاية، ومع كل أزمة تبرز فرصاً للتغيير والتقدم. قد تتأثر الحرب الإسرائيلية في لبنان بالعوامل الخارجية، لكن إرادة الشعب اللبناني في الحياة والحرية أقوى من أي صراع.