بات عبور نقطة المصنع الحدودية بين لبنان وسوريا يشبه إلى حدّ ما عبور المسالك غير الشرعية في وعر الجبال المحيطة به، وذلك بعد أن نفّذ الجيش الإسرائيليّ تهديده بقصف المعبر البرّي الرئيسيّ بين لبنان وسوريا بقاعاً بثلاثة صواريخ، بُعَيد الثالثة والنصف من بعد منتصف ليل-الخميس الجمعة.
قطّعت أوصال الطريق الدولية بحفرة على عرض الطريق بمسلكَيه، من دون أن توقع إصابات في الأرواح. وعلى الرغم من الفجوة الكبيرة والعميقة التي خلّفها القصف، فإنّ حركة العبور بالاتجاهين لم تهدأ منذ الصباح، لكنّها باتت تشبه الخوض بالوعر.
مئات الأشخاص والعائلات يصلون إمّا في السيارات أو سيراً على الأقدام، إلى إحدى جهتَي الحفرة، يحملون أمتعتهم، يجرّونها فوق الردميات التي امتدّت لأمتار طويلة، جرّاء الغارة، يلتفّون حول الحفرة ويعبرون على طرفها عند قناة لجرّ المياه، ليصلوا إلى الجهة الثانية من وجهتهم، فإمّا يواصلون المسير على أقدامهم أو يستقلّون سيارة تنتظرهم، في مشهد مستعاد من حرب تموز 2006، إنّما تضاف إليه أعداد من السوريين الذين يسلكون الطريق الجبلية الوعرة تفادياً لعبور دوائر الأمن العامّ لعدم حيازتهم على وثائق رسمية.
يبقى أنّ الضرر الأكبر جراء قصف معبر المصنع، بذريعة استخدامه من قبل "حزب الله" لنقل معدّات حربية، اقتصاديّ وضربة جديدة للقطاعات الإنتاجية، ستبرز آثاره في الأيّام المقبلة، مع الانقطاع التامّ لحركة الشحن البرّي تصديراً واستيراداً من لبنان وإليه.
ويقول رئيس نقابة النقل المبرّد علي عبد الفتاح لـ "النهار" بأنّه خلال الشهر الفائت كانت تُسجّل حركة عبور لما يزيد عن مئتي شاحنة يومية تنقل السلع التي يفتقر إليها لبنان، وتحمل منه المواسم الزراعية من خضر وفاكهة ومواد مصنّعة. مؤكّداً أنّ "معبر المصنع نظيف، تخضع فيه البضائع للتفتيش اليدويّ، كما تخضع الشاحنات للمسح بـ"السكانر"، خلافاً للادّعاءات العارية عن الصحة".
ليس لبنان وحده من سيتأثر بانقطاع حركة السير على طريق المصنع، فالسوريون أيضاً سيعانون، إذ اعتادت السيارات السورية أن تعود من لبنان بخزّانات وقود ممتلئة وبقوارير غاز وغالونات مازوت إلى جانب موادّ غذائية أخرى، في ظلّ أزمة تعيشها سوريا لجهة توافر المحروقات وغلاء المعيشة.