النهار

صوفر تضمّ "ضعف سكّانها" من النازحين... تخوُّف من أزمات بيئيّة وصحيّة في مراكز الإيواء (صور)
بتول بزي
المصدر: "النهار"
صوفر تضمّ "ضعف سكّانها" من النازحين... تخوُّف من أزمات بيئيّة وصحيّة في مراكز الإيواء (صور)
المدرسة الرسمية في صوفر.
A+   A-
ترزح المناطق التي تُعَدّ "آمنة" في لبنان تحت وطأة نزوح أهالي الجنوب والبقاع والضاحية القسريّ . وقد شكّل التدفُّق السريع للنازحين مع بدء القصف الإسرائيلي العشوائي، منذ أسبوعين، "صدمة" اجتماعية لهذه المناطق، وسط عجز لوجستيّ لافت في إمكانية استيعاب البلديات والمحافظات لأعداد تُعادل ضعف سكانها في فترة زمنية قصيرة.

 

أزمة النزوح المستجدّة هذه خلّفت أزمات عديدة، واضُطرّت البلديات إلى خلق خطة طوارئ سريعة تواكب احتياجات قوافل النازحين التي توزّعت بين المدارس الرسمية، ومراكز الإيواء المستحدَثة، والشقق السكنية، كلّ بحسب إمكانيات النازحين المادية.

 

المدرسة الرسمية في صوفر.

 

حال النزوح في صوفر

 

في عيّنة جغرافية لأزمة النزوح في لبنان، عاينت "النهار" بلدة صوفر التي تقع في نطاق بلدات جرد عاليه. بحسب المسح السكاني الذي أجرته قائمقامية عاليه لهذه المنطقة، والتي تضمّ 16 قرية، بدءاً من بحمدون وصولاً إلى عين دارة، فإنّها تحتوي على 15 مركز إيواء في المدارس الرسمية، إضافة إلى استقبال دور العائلات لأكثر من 3 آلاف شخص. كما يقطن في المنازل المستأجَرة حوالي 16 ألف شخص.

 

في حديث لـ"النهار"، يؤكد رئيس بلدية صوفر كمال شيّا أنّ "حاجيات مراكز الإيواء باتت مؤمّنة اليوم بشكل شبه كامل، ونعمل تباعاً على تأمين مطابخ للنازحين وحمّامات ومياه ساخنة".

 

خلال مطلع الأسبوع الحاليّ، بدأت البلديات بتنظيم آلية استقبال النازحين في مراكز الإيواء، وذلك بعد مرور أكثر من 15 يوماً على تدفّق النازحين الكثيف للمنطقة، واستقبالها مئات العائلات عشوائيّاً في الليالي الأولى للحرب.

 

ويُفيد شيّا "النهار" بأنّ منطقة صوفر تضمّ اليوم "ضعف عدد سكانها"، ما ساهم في بروز مشكلات بيئية وصحية خصوصاً في مراكز الإيواء الكبرى.

 

 

تكدُّس النفايات وفيضان الصرف الصحّي

 

يُشكّل توفير مياه الخدمة لمراكز الإيواء الهمّ الأساسي للبلدية، وتعمل بالتعاون مع الحزب الاشتراكي و"حزب الله" على دفع تكلفة المازوت للدفاع المدني لنقل المياه إلى المراكز بآلياته.

 

إلى ذلك، لم تكُن شبكات الصرف الصحيّة مجهّزة لاستيعاب الضغط اليوميّ الكبير، ما أدّى إلى فيضانها في الأيام الأخيرة، وقد خصّصت البلدية فريقاً للعمل على تسليكها تباعاً، لئلّا تؤدّي إلى كارثة صحية.

 

 

يُمكن للمارّ في شوارع صوفر ملاحظة تكدُّس أكوام النفايات قُرب المكبّات المخصّصة لها في الشوارع العامة وبين الأحياء. بحسب شيّا، تقع شركة "السيتي بلو" "تحت ضغط كبير وعجز بالإمكانات اللوجستية لتأمين شاحنات وأدوات نقل إضافية وعمّال"، مؤكّداً أنّ "البلدية تعمل على رفع النفايات وخاصة في المدارس، واتفقنا مع (السيتي بلو) بأن نجمع كميات النفايات المكدّسة في بؤرة خاصة بعيدة من المنازل، على أن ترفعها الشركة تباعاً".

 

تُحصي بلدية صوفر حجم النفايات اليوم بـ"ثلاثة أضعاف" عن السابق، ويُعيد شيّا هذا الأمر إلى أنّ "النازح يستعمل صحون البلاستيك في المدارس"، ويضيف: "يضطرّ عمّال (السيتي بلو) للتنقّل بين صوفر ومكبّ الكوستابرافا في بيروت لحوالي ثلاث مرات يوميّاً، لتغطية الطرق العامة فقط، فيما تعمل الشاحنات الصغيرة داخل الأحياء".

 

 

حالات "قمل" في مركزَي إيواء!

 

الكثافة السكانية في مراكز الإيواء وخاصة المدرسة الرسمية في صوفر (مدرسة غنيمة جاسم بودي الرسمية)، عزَّزت انتشار الأمراض الجرثومية، إلى جانب الأمراض المزمنة التي يُعاني منها عدد من النازحين.

 

فقد شهدت منطقة صوفر حالات قمل في مركزَي إيواء، و"استطعنا احتواء المرض سريعاً بتدخّل طبيّ، وبمساعدة من حلاق لقصّ الشعر"، وفق شيّا، كما استقبلت المنطقة أيضاً "عدداً من الحالات المصابة بحروق جرّاء الحرب، وتعاونّا مع الدفاع المدني ومستشفى النجدة الشعبية وجمعية المنتدى النسائي اللبناني في الرويسات- صوفر لمعالجتها".

 

بروز جرثومة القمل في المدرسة الرسمية يرتبط بعدم توافر المياه للاستحمام يوميّاً. تروي متطوّعة في إحدى الهيئات الأهلية، بعد جولة لها داخل المدرسة، لـ"النهار" مشاهداتها: "الحمامات التي يستخدمها العشرات ليست نظيفة بما يكفي لمنع بروز الجراثيم، إلى جانب انقطاع مياه الخدمة لمراتٍ عديدة خلال الأسبوع الماضي". وتضيف أنّ "عائلة نازحة غالبيتها نساء، بقيت من دون استحمام لأيام بسبب انقطاع المياه في المدرسة، قبل أن تتبرّع إحدى سيدات المنطقة باستقبالهنَّ في منزلها وتأمين احتياجاتهنَّ الصحية الخاصة".  

 

 

 

كما تتخوّف المتطوّعة من بروز مرض "الأكزيما" أيضاً، إذ لحظت بروز احمرار في أيادي بعض النازحين وحول وجوههم.

 

وفي إطار المبادرات الدولية، وزّعت منظّمة "اليونيسيف" حقيبة صحية للعائلات تضمّ معقّمات وأدوات تنظيف وشامبو للاستحمام. كما نظَّم الصليب الأحمر ندوة للبالغين للتأكيد على أهمية النظافة الشخصية.

 

الطقس البارد يُعمّق الأزمة

 

يتابع قائمقام عاليه أوضاع النازحين مع الحكومة اللبنانية وعبر وزارة الداخلية، لوضع غرفة الطوارئ بآخر مستجدات النزوح وحاجات القرى ومراكز الإيواء، وخاصة مع حلول الطقس البارد في البلدات الجبلية.

 

وتنصبّ جهود بلدية صوفر اليوم على تأمين ليترات كافية من المازوت للنازحين، التعاون مع الأحزاب والنواب والجمعيات الأهلية المازوت لموسم الشتاء. ويلفت شيّا إلى أنّ "تأمين الصوبيات ليس عقبة أمامنا ويُمكن تركبيها بكلفة 150 دولاراً، إلّا أنّ توفير المازوت يُعدّ أزمة للمنطقة في ظلّ الحرب والخوف من انقطاعه"، مؤكّداً أنّ "الدولة لم توفّر بعد الأغطية الشتوية للنازحين".

 

[email protected]

اقرأ في النهار Premium