غيب الموت الشاعر الكبير شوقي ابي شقرا، الكبير، الذي ترأس القسم الثقافي لجريدة "النهار" زمناً طويلاً، وكان في عداد مؤسسي مجلة "شعر".
أسس أبي شقرا أول صفحة ثقافية يومية في الصحافة اللبنانية، إذ عمل صحافيًا منذ العام 1960، واستلم في العام 1964 مسؤولية الصفحة الثقافية في "النهار" واستمر فيها نحو 35 عاما.
شوقي مجيد أبي شقرا شاعر لبناني من مواليد بيروت 1935، حاز العديد من الجوائز، وكتب عن شعره العديد من النقاد، كما خضعت أعماله للدراسة الأكاديمية من قبل أكثر من طالب ماجستير ودكتوراه في لبنان، إذ يعدّ من رواد كتابة الشعر السريالي في لبنان.
ولد أبي شقرا في بيروت، لكنه عاش طفولته في رشميا ومزرعة الشوف بسبب عمل الوالد في سلك الدرك الذي فقده في سن العاشرة بسبب حادث سيارة.
درس في دير مار يوحنا في رشميا، ثم في معهد الحكمة في بيروت، وتخرج فيه عام 1952. تزوج من حلوة باسيم، وأنجبا: مونيك، وماجد، وناجي.
كتب محاولات أولى بالفرنسية، ثم قصائد عمودية. أما بدايته الحقيقية، فكانت في إنجازه قصائد تفعيلة مختلفة عن تلك التي دشّنها الرواد العراقيون، قبل أن ينتقل إلى قصيدة النثر في ديوانه الثالث «ماء إلى حصان العائلة».
أسس «حلقة الثريا» مع ثلاثة آخرين هم: جورج غانم، وإدمون رزق، وميشال نعمة.
يعدّ أبي شقرا أحد أبرز أركان مجلة شعر التي جمعت أدونيس، ومحمد الماغوط، ويوسف الخال، وأنسي الحاج، وقد عمل فيها سكرتيراً للتحرير. وحاز ديوانه: «حيرتي جالسة تفاحة على الطاولة»، جائزة مجلة شعر في العام 1962. وكما فعل أقرانه من مؤسّسي مجلة شعر، ترجم أبي شقرا نصوصاً لشعراء مثل: رامبو، ولوتريامون، وأبولينير، وريفيردي، لكنّ هذه الممارسة ظلّت هامشية وبعيدة من شعره.
له مؤلفات كثيرة ومنها "سائق الأمس ينزل من العربة".
في تكريمه في الحركة الثقافية انطلياس ذات يوم، قال: كيف نرقد أو نتخاذل أو نتباطأ، ويكفي أن تلك الأيام كانت بطيئة وما على الشاعر أو الكاتب إلا أن يسرع، وربما عليه أن يفعل وأن يسبق الترامواي، وأن يسبق الطائرة، وكنا نحس البطء الثمين، والتأني الصالح، وما علينا سوى الصعود إلى المقهى والدخول إلى السينما، وكانت السينما في صالاتها المتأنقة تكاد تكون السلوى العظمى، وكانت الرومنطيقية في الأفلام، وفي المتاجر، وفي أطارنا الأليف واليومي، وكانت القبلات تشعلنا، وكانت الممثلات وصورهن هما ما يعنينا ويوقد النار الجلى في أجسادنا.
واضاف: ثم أنها طاقتي أرسلت لي الإشارة فلم ألبث دائماً في حلقة الثريا لأنني أطمح إلى حيث ترتكب المغامرة ولها أكون وأفلش على الطاولة مجمل أوراقي وأعصابي. ولهذا السبب أقدمت على الإختيار، في يوم من حياتي كان حاراً وشديد الوقع في من حولي، وفي من كانوا ينتظرون هذا الحسم. ومضيت ليلاً في أوج الإختيار إلى جلسة مجلة "شعر"، وعند وصولي كانت الهيصة والترحاب من يوسف الخال وصحبه الساهرين بهذا القادم الجديد الذي قرر بأن يحمل أدواته وأوراقه ويفوز برفقتهم. هكذا صار ، هكذا كان، هكذا حدث لي في طريقي إلى الحروف والسطور، إلى الأبجدية، وشأني الآخر أنني صحافي، وأنني شاعر في المبتدأ وجئت بهذا الثوب إلى جريدة "الزمان"، وبقيت بضع سنوات، ثم كانت لي جريدة "النهار" منبراً، وصرفت على هذا المنبر أعزّ الصرف والأعمال، وحملت الثقافة على منكبي، وصنعتها دائمة ، والجميع يعلمون أي منقلب كان وأي دروب كانت".