جانب معالي وزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي المحترم
تحيّة طيّبة، وبعد
تابعْنا وآلاف المعلّمين والطلاب وأولياء الأمور مؤتمركم الصحافي المعقود بتاريخ الأحد 6 تشرين الأول 2024، علّنا نحصدُ منهُ قراراً يجسّد رؤيةَ وزارتكم وهدفها الأسمى: التّربية قبل التّعليم.
ولكن فوجئنا بأنّ قراركم لم يكن هذه المرّة مرآةً لشخصيتكم التي لطالما حرصت على العدالة التربوية، بل جاء صدىً لأصوات أصحاب مؤسسات تعليمية اجتزأوا لمدارسهم قطعة من الوطن سمّوها "آمنة" خلال محنة نحن بأمسِّ الحاجة فيها لوحدة الجغرافيا ووحدة الصّفوف.
نخطّ رسالتنا إليكم بقلم أكثر من نصف طلّاب لبنان، ناطقين بلسانهم، ناقلين معاناتهم، علّ تساؤلاتهم تتردّد في أروقة وزارتكم ومجالسكم لتجد لها أجوبة تحاكي العقل الرصين وترضي الضمير.
جانب معالي الوزير
أيُّ حقّ من حقوق الإنسان يشرّعُ لطفل أن يحمل حقيبته ليلتحق بصفّه المدرسيّ، فيما يترك آخر حاملاً فراشاً ينامُ فيه على أرصفة اتّخذها منزلاً جديداً له؟!
أيُّ ضميرٍ يبيح فتح مدارس في وطن تُحْرق أرضُهُ وتُشرّد عائلاتُه ويُقتل أطفالُهُ؟!
أيُّ منطق يسمح بإغلاق المدارس سنة كاملةً في زمنِ الكورونا، ويُرْفضُ اليوم إغلاقها في زمن الحرب؟
أيُّهما أشدُّ فتكاً يا معالي الوزير: أهوَ فيروس يغزو جسداً واحداً، أم عدوّ همجيّ يغزو وطناً ويفتِكُ بشعب وأمّة؟
قال غاندي: "ليس الهدف من التعلّم حشو العقول؛ بل غرس الشعور بالواجب الوطنيّ والايمان بالعدالة."
فأيّ واجب وطني يُنادى به حين يُسمح لمدارس صُنّفت بـ"الآمنة" بأن تعلّم طلابها دون سواها؟!
أيّ عدالة يجسّدها قراركم وأنتم تدعون نصف طلّاب لبنان إلى التعلّم، غير آبهين بالنصف الآخر، وكأننا صرنا شعبين في وطنين؟!
وبمَ نُجيب طلّابنا عندما يسألوننا: "لماذا يرتاد بعض التلامذة المدارس من دوننا؟"
وكيف تصدرون قراراً يميّز بين طالب لبنانيّ وآخر، في وقت تنادي جميع الأطراف السياسية وغير السياسية إلى الوحدة والتعاضد والتضامن في ظلّ الهجمة التي يتعرّض لها وطننا؟!
جانب معالي الوزير
نحن ندعوكم باسم المدارس التي أقفلت الحرب أبوابها قسرًا، بأن تقفوا وقفةً وطنيةً، وقفة تضامن مع طلابنا ومعلّمينا وأهلنا؛ فما من منهج يضاهي إنجازُه وحدةَ الوطن، وما من واجبٍ أسمى من التضامن مع شريكنا في الوطن، وما من امتحانٍ أصعب من ذلك الذي أعدّتْهُ لنا هذه الحرب.
هي أزمة سوف نجتازها كما اجتزنا ما سبقها؛ وحينها يمكننا اجتراح الحلول التي يمكن أن يكون من بينها تمديد العام الدراسي وتعويض الدروس.
هي دروس يمكن تعويضها، ولكن لا يمكننا تعويض خسارة وحدتنا وإنسانيتنا إذا لم نوحّد مصيرنا.
نسألكم بما نعرفه عنكم من عدالة تربوية أن تتخذوا قراراً يعيد لطلابنا ثقتهم بعدل وزارتكم؛ فالتربية والتعليم هما كلّ ما تبقّى لنا لكي ننهض بوطننا من جديد.