بعد الإنذار الإسرائيلي لسكان الضاحية الجنوبية لبيروت، عقب اغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، اضطرّت يارا إبراهيم البالغة من العمر 22 عاماً إلى إخلاء المنزل الذي تسكنه مع عائلتها وقططها الثلاث، فواجهت خياراً مصيرياً: الفرار مع عائلتها إلى مكان آمن على الفور من دون القطط.
لم تستطع يارا التخلّي عن قططها خوفاً عليها من "القصف والأصوات المرعبة"، فقالت لـ "النهار": "عندما قررنا إخلاء منزلنا في حيّ السلم، قلت لأهلي: "أنا لا أغادر المنزل من دون قططي، إمّا أن نذهب معاً أو أبقى معهم حتى الموت".
وبمسؤولية وحبّ كبيرين، حملت يارا قططها الثلاث، "أبو البيس" و"ستيتش" و"ليلو"، من منزلها إلى برّ الأمان، حيث تمكّنت من تأمين غرفة خاصة لهم إلى جانب غرفتها وعائلتها في المبنى الذي نزحت إليه: "مثلما أهتمّ بتأمين احتياجاتي الخاصة، فإنّ قططي هي أولويتي أيضاً، فنحن نعتبرها جزءاً من عائلتنا".
وقبل أن تبدأ الحرب الإسرائيلية على ضواحي العاصمة بيروت، كانت يارا تملك 20 قطة في منزلها في حيّ السلّم، حيث عُرفت بحبها للحيوانات الأليفة وإنقاذها القطط المشرّدة، لكن مع بدء الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، عرضت قططها للتبنّي، حرصاً على تسهيل عملية إخلاء منزلها إذا اضطرّ الأمر.
وأشارت إبراهيم إلى صعوبة تأمين "الطعام والبحص" لقططها بسبب ارتفاع الأسعار: "عندما غادرنا المنزل، لم نستطع أن نأخذ إلّا القليل من الطعام ومرحاضها، ووصلنا إلى وقت لم يكن لديهم طعام على الإطلاق، حتى تمكّنا بطريقة ما من تأمين القليل جداً بسبب الأسعار".
حيوانات بلا مأوى!
وفي حين تركت أعداد كبيرة من الحيوانات منازلها الدافئة لتذهب مع أصحابها إلى ملاجئ آمنة بعيداً عن القصف، وجدت حيوانات أخرى نفسها محاصرة وحدها تحت الأنقاض في بيروت وضواحيها وجنوبي لبنان، بعد أن عجز أصحابها عن نقلها معهم، فتركوها تحت القصف والركام على أمل العودة إليها مرة أخرى.
وتقول تمارا أبي خليل، مؤسِّسة مأوى الكلاب "Give Me a Paw" في لبنان، لـ "النهار": "أنقذنا 221 حيواناً من مناطق الحرب إلى اليوم، وأُعيد لم شمل 136 حيواناً مع عائلاتها، وأطعمنا أكثر من 500 حيوان في الشارع"، مشيرة إلى عدم إمكانيتهم "إعداد خطّة طوارئ على الإطلاق، لأنّنا لا نعلم كيف يتصاعد الوضع كلّ يوم. لذلك نقوم بالتخطيط على الفور، ونذهب إلى مناطق الحرب النشطة، وأحياناً نعلق في هذه المناطق تحت القصف، إذ إنّ كلّ مهمّة إنقاذ هي مخاطرة".
تؤكّد تمارا أنّ "مرافق الإيواء والملاجئ أصبحت ممتلئة. فنضطرّ الآن إلى وضع الحيوانات في ملاجئ داخلية لأنّ الأعداد تفوق طاقتنا الاستيعابية". وبغصّة تقول: "كلّ القصص مفجعة، كلّها جائعة ومحاصرة. لكنّ وضع الحيوانات في برج البراجنة يفطر القلب، كانت عالقة في مبنى واضطررنا إلى استخدام رافعة للوصول إليها ونقلها إلى برّ الأمان". وتناشد ضرورة "تأمين دور رعاية للحيوانات حتى نتمكّن من الاستمرار في إنقاذها من مناطق الحرب".
مبادرات ومساعدات لحماية الحيوانات
لا يسع تمارا إلّا التمنّي على المتبرعين والأشخاص القاطنين في أماكن آمنة المساعدة في إنقاذ الحيوانات: "نحتاج إلى الكثير من الطعام، وبيوت حاضنة لإيواء الحيوانات، وتبرّعات لتغطية نفقات مهمّات الإنقاذ، وفواتير الأطباء البيطريين".
ووجّهت رسالة إلى أصحاب الحيوانات: "أرجوكم لا تتركوا حيواناتكم، فالحيوان جزء من العائلة ولا يمكنه العيش من دوننا. اتصلوا بنا، نحن هنا لمساعدتكم. أرسلوا لنا ما تحتاجون إليه وسنحاول مساعدتكم في العثور على دار رعاية أو مأوى. لكلّ شيء حلّ، ولكن لا تتركوها وحدها".
في إطار الجهود الإنسانية، أطلقت مزرعة في زغرتا، شمال لبنان، مبادرة لحماية الطيور من الحرب، بالتعاون مع الجمعية اللبنانية للطيور المهاجرة، موجّهة نداءً إلى أصحاب الطيور: "إذا كانت لديكم طيور في مكان يتعرّض للقصف، لا تتركوها فتموت. يمكنكم الاتصال بنا وسنتكفّل بالطعام والشراب حتى يتحسّن الوضع، وكلّ ذلك على نفقة الجمعية اللبنانية للطيور المهاجرة بدون مقابل. طالما أنّ الطيور ليست برية".