لينا إسماعيل
وحّد العدوان الاسرائيلي معاناة العائلات النازحة اللبنانية والسورية وافتقارها إلى خيارات متعددة من أجل الصمود، ولم يعد أمامها سوى التلاقي على مواجهة واحدة. هذه العائلات تعيش أزمة النزوح نحو مناطق شبه آمنة في محافظة بعلبك - الهرمل، مما يضفي على واقعها طابعاً من الوحدة في الشدائد.
لم تعد هناك سبل متاحة أمام هذه الأسر سوى التكاتف معاً، إذ تبرز أزمة النزوح نحو مناطق تُعتبر شبه آمنة كواقعٍ مفروض عليها، غير أن النازحين الذين لجأوا إلى أحضان منطقة البقاع، يعانون تحديات مضاعفة في رحلتهم للبحث عن مأوى ومساعدات أساسية.
لقد قُدِّر لهم الوقوع بين فكي اقتراب موسم البرد القارص، وهشاشة الاستعدادات في وضع إقتصادي صعب، وتقاذُف المسؤوليات في ظل إمكانات حكومية عقاصرة عن تلبية الحاجات الأساسية، مما يلقي أعباء ثقيلة على كاهل أفرادها.
قبل أن تندلع نار هذه الحرب كان البقاع يعاني بالفعل واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية على غرار سائر المحافظات. وها هو الآن، يجد نفسه غارقاً في أكبر موجة نزوح لبناني وسوري يشهدها عبر تاريخه، فمن أين ستُؤمَّن المحروقات اللازمة للتدفئة وغيرها من الحاجات الأساسية من أجل مواجهة فصل الشتاء، لأكثر من نصف مليون نازح، إلى جانب أهالي المنطقة الصامدين، في ظل مساعدات لا تتجاوز كونها بروباغندا إعلامية وشحيحة للغاية، ناهيك بإغلاق الحدود الشمالية الشرقية من جهة البقاع؟
في موازاة ذلك، تتواصل الغارات الإسرائيلية، التي تميزت الليلة الماضية بالعنف الشديد، مستهدفة الطرق الجردية في الهرمل، مع التركيز على إحداث حفر عميقة في الأرض، مما يجعل من الصعوبة بمكان ردمها واستعادة إمكان المرور على الطرق، عبر استخدام صواريخ ثقيلة لتحقيق هذا الهدف المدمر وصلت أصداء انفجارها إلى عمق الداخل السوري.
في زيارة "النهار" لمراكز الإيواء في بعلبك وعرسال، كان المطلب الأبرز للنازحين هو تأمين وسائل التدفئة نظراً الى انخفاض درجات الحرارة. وتزامن ذلك مع شحٍّ ملحوظ في تقديم الغذاء والدواء، فيما تواصل جمعية "الدراسات والتدريب" عملها التطوعي اللافت كخلية نحل منذ بداية النزوح.
ويعبّر النازحون السوريون عن شعورهم العميق بأنهم يعيشون معاناة مشتركة مع أقرانهم اللبنانيين، مؤكدين تفهمهم للتراجع الحاد في المساعدات الإنسانية التي يتلقونها، في ظل هذه الظروف الاستثنائية والطارئة التي يمر بها البلد المضيف.
عاد ألوف النازحين السوريين إلى وطنهم، لكن يبدو أن هذا الخيار ليس متاحا ًللجميع. فكثيرون منهم يعيشون في خوفٍ من الملاحقات الأمنية أو خطر التجنيد القسري حال عودتهم. كما أن آخرين كانوا نزحوا من مناطق لا تزال حتى اليوم تعاني ويلات الصراعات المستمرة.