النهار

"رأس العين"... ليست مجرد شارع في بعلبك (فيديو وصور)
العين
A+   A-

إنها "رأس العين"، نعم، قد يظن من يقرأ أنها مجرد شارع من الشوارع، لكنها في الحقيقة تجسد نبض الحياة وروح أهالي مدينة بعلبك وقراها، فهي متنفسهم الذي يحتضن أفراحهم وأحزانهم على حد سواء.

لقد كانت حديث الساعة بين الأهالي على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبر كل واحد منهم عن حزنه العميق وحبه الجارف لهذا المكان الذي تعرض لغارة إسرائيلية يوم أمس، مما أدى إلى إلحاق الأذى بأشجار الحور العتيقة وبعض المتنزهات للأذى، مما ترك أثراً عميقاً في نفوس الأهالي. 

 

 

تتألق "برمة راس العين"، كما تعرف بين البعلبكيبن، على مساحة تتجاوز 65 ألف متر مربع، وهي تُعدّ أكبر مرجة طبيعية في لبنان. وتزدان بـ "بركة البياضة" الواقعة في جانبها الشرقي برموز تاريخية، حيث شُيّد في العهد الروماني معبد نبتون، إله البحر والماء في الميثولوجيا الرومانية، الذي يُعادل بوسيدون في الميثولوجيا اليونانية. 

تحمل هذه المساحة أهمية عاطفية عميقة بالنسبة للبعلبكيين، فهي بمثابة خزان من الذكريات والتجارب الشخصية. 

"رأس العين"  ليست مجرد مسارات تمر عليها السيارات والمشاة، بل يُعدّ هذا الشارع شاهداً حياً على لحظات فارقة في حياة الأهالي، بدءا من الطفولة البريئة، مروراً بلقاءات الأصدقاء، وصولاً إلى الفعاليات الاجتماعية والسياسية والدينية التي تنبض بالحياة، وفضاءات حيوية للتفاعل الاجتماعي، حيث يسكن الإحساس بالراحة والألفة، ويتجلى الإحساس بالانتماء.

 

 لذا، فإن استهدافها بالأمس أحدث جرحاً عميقاً في قلوب الناس، حيث تعانق القهر والألم مع دماء المدنيين الأبرياء التي أُريقت.

ويلفت رئيس بلدية بعلبك مصطفى الشل لـ " النهار"، إنه لطالما احتلت "حديقة رأس العين" مكانة بارزة في أولويات خطط العمل البلدي الحالي والبلديات المتعاقبة، حيث تجسد أهمية لا يستهان بها كتراث حضاري محلي، جنباً إلى جنب مع الآثار التاريخية المنتشرة في أرجاء المحافظة، وتجسد مرجة راس العين لاهل بعلبك خاصة ولروادها والسياح عامة الملاذ والمتنفس تزدحم بالناس، بالصغار والكبار ، تستقطب السكان المحليين لقضاء الأوقات الممتعة مع العائلة والأصدقاء ولا يمكن لأي احد ان يزورها إلا ويطلق أهاته ويجلس على مقاعدها، ويتسامر مع اصدقائه".

 

 

وأضاف :" بعلبك تاريخ متجذر في مدينة وعراقة في قلب التاريخ والحضارات، كذلك أبنائها مثل قلعتها صامدون ومتجذرون في أرضهم امام هذا العدوان الإسرائيلي الذي طال البشر والحجر والشجر". 

إبن المدينة، واحد قاطني شارع راس العين، علي الجمال، أبى أن يشاهد صور الدمار التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يفضل أن تبقى ذكريات الشارع عابقة بالجمال كما كانت قبل استهدافها.

 

ويرى أن رأس العين هي الرئة التي يتنفس منها أهل بعلبك. ويصفها بأنها ستظل الحضن الدافئ الذي يبث المحبة والحب في قلوب كل بعلبكي. إنها ملتقى الرياضيين في ساعات الصباح الأولى، ومقصد للعشاق. وكل من يزورها لا يمكنه إلا أن يرتشف فنجان القهوة المهيّلة، وكأنها تراتيل عبادة".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium