النهار

التدمير الممنهج للحافة الأمامية... تضرر أكثر من 25 بلدة بنسبة 50 في المئة (فيديو)
عباس صباغ
المصدر: النهار
لم تتوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، كما لا يتوقف التدمير الممنهج لبلدات الحافة الأمامية الممتدة من الناقورة إلى شبعا. فما أعداد الوحدات السكنية والتجارية المدمرة؟ وما كلفة إعادة إعمارها؟
التدمير الممنهج للحافة الأمامية... تضرر أكثر من 25 بلدة بنسبة 50 في المئة (فيديو)
دمار في لبنان جراء قصف اسرائيلي
A+   A-


يصرّ جيش الاحتلال على استنساخ تحربة القتل والتدمير المستمرة في غزة، ويواصل تنفيذها في لبنان ولا سيما منذ أيلول (سبتمبر) الفائت. وتظهر صور الأقمار الاصطناعية التدمير الكبير الذي طال تلك البلدات.

 

تركز التدمير في الفترة الممتدة من 8 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الفائت في 3 أقضية في الجنوب، هي صور وبنت جبيل ومرجعيون، لكن التدمير وصل إلى بلدات كثيرة في قضاء النبطية ولا سيما في إقليم التفاح، من دون أن يوفر قضاء صيدا من خلال غارات على الصرفند وعنقون والبيسرية والغازية، إضافة إلى حارة صيدا وغيرها.

 

بيد أن حجم الدمار الكبير كان من نصيب بلدات الحافة الأمامية، ولاسيما منها كفركلا في قضاء مرجعيون، وعيتا الشعب في قضاء بنت جبيل، فيما كانت بلدات الضهيرة ومروحين وأم التوت عرضة للتدمير في قضاء صور.

 

لم تكن إقامة تل أبيب جدارا إسمنتيا على معظم الحدود مع لبنان سوى انعكاس لتكريس معادلة ما بعد الانتصار خلال عدوان تموز (يوليو) 2006، في ظل هاجس التمدد العمراني على تخوم ذلك الجدار، وفي بلدات مثل كفركلا وعيتا الشعب وبليدا وراميا والخيام وغيرها من البلدات المتاخمة للحدود.

 

كان ذلك الهاجس يلازم تل أبيب، إلى أن بدأت معركة "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ومن ثم تدحرُج الاعتداءات الإسرائيلية على البلدات اللبنانية وخصوصا على طول الحافة الأمامية. وإذا كان التدمير جراء الغارات والقصف المدفعي قد اقتصر على بلدات عيتا الشعب وكفركلا والخيام وبليدا وعيترون ويارون ومارون الراس، فإن دائرة التدمير الممنهج اتسعت ولا سيما بعد أيلول (سبتمبر) الفائت.

 

تركز التدمير بداية الأمر في ثلاث بلدات هي الخيام وكفركلا وعيتا الشعب، حيث تشير الإحصاءات إلى تعرضها لأكثر من 2200 غارة واعتداء بالقصف المدفعي.

 

وأدّت تلك الاعتداءات إلى تدمير أكثر من نصف منازل كفركلا وعيتا الشعب، وبنسبة أقل في الخيام.

 

التدمير في كفركلا، وهي أولى البلدات التي وصلها جيش الاحتلال منذ بدء ما سماه "المناورة البرية" مطلع الشهر الفائت، كان ممنهجا، ولا سيما للمنازل المحاذية للحدود. ووصلت النسبة إلى ما يقارب 50 في المئة بين تدمير كلي وجزئي.

 

أما عيتا الشعب - قضاء بنت جبيل فالتدمير طال أكثر من نصف منازلها، ولا سيما منها تلك المتاخمة لخلة وردة والمقابلة لموقع الراهب، فضلا عن تدمير الوحدات السكنية والمحال التجارية على طول الطريق الذي يصل عيتا الشعب بجارتها رميش.

 

وفي الخيام تركز التدمير في ساحة المدينة وفي المنطقة القريبة من تلة الحمامص والأحياء القريبة من معتقل الخيام سابقا، وعلى خلاف البلدات الأخرى لم ينشر جيش الاحتلال مشاهد عن تلغيم وتفجير في الخيام.

 

 

لكن عملية التدمير الأوسع لجهة استخدام الكميات الكبيرة من المتفجرات كانت في بلدة عديسة الحدودية والمتاخمة لكفركلا، حيث استخدم جيش الاحتلال 400 طن من المتاجرات لتدمير عشرات المباني في البلدة التي سبق أن تعرضت في شكل شبه يومي للغارات والقصف المدفعي.

 

فعديسة المطلة على مستوطنات إسرائيلية ومنها كريات شمونة ومسكافعام، كانت هدفا إسرائيليا منذ أكثر من عام، وبالتالي طال منازلها تدمير كبير.

 

بدورها بلدة مركبا تعرضت لمئات الغارات، ما أدى إلى تدمير الكثير من مبانيها ولا سيما تلك المتاخمة للحدود وعلى طول الطريق الذي يربطها مع عديسة لجهة الشرق ومع حولا لجهة الغرب.

 

ويتكرر المشهد في حولا، وكذلك في ميس الجبل حيث سُجّل تدمير ممنهج. وفي آخر مشاهد وزعها جيش الاحتلال يتكشف حجم الخراب خصوصا للمنطقة المقابلة لمستعمرة المنارة والقريبة من المستشفى الحكومي الذي لم يسلم من الاعتداءات.

 

وغرب ميس الجبل، عمّ الدمار بليدا، آخر بلدات قضاء مرجعيون. وتركز على طول الطريق الرئيسي الذي يربطها شرقا بميس الجبل وغربا بعيترون، وتظهر الصور أن كل المنازل على جانبي الطريق قد تم تدميرها، وهي متلاصقة لمسافة تتجاوز الكيلومترين.

 

بدورها شهدت محيبيب المجاورة لبليدا تدميرا لمعظم منازلها، وهي بلدة غير حدودية لكنها تقع على تلة تشرف على مساحة لا بأس بها من الأراضي الفلسطينية المحتلة. ووزع جيش الاحتلال مشاهد تلغيم وتفجير للعشرات من منازلها في الأسبوع الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الفائت.

 

المشهد هو هو في عيترون التي تحدّ بليدا شرقا ومارون الراس غربا. والبلدة شهدت غارات كثيفة منذ الشهر الثاني لبدء المواجهات على الحدود، وتصاعدت الغارات على البلدة التي كانت تعدّ من الأكثر كثافة سكانية في منطقة بنت جبيل أسوة برميش. ووزعت مشاهد للتدمير الكبير هناك ولا سيما للمنطقة المحاذية لمارون الراس وكذلك للأحياء الممتدة على طول الحدود وخصوصا في المنطقة المعروفة بالمحافر والمطيط.

 

إلى ذلك، دمر جيش الاحتلال في شكل كامل "حديقة إيران" في مارون الراس، وهي حديقة مطلة على مستوطنتي أفيفيم ودوفيف. وفي يارون المجاورة كان التدمير هائلا، ولا سيما أن البلدة متاخمة للحدود ووصل عدد المنازل المدمرة فيها إلى أكثر من 150، فضلا عن تدمير كنيستها والمسجد.

 

إلى الغرب من يارون وتحديدا في بلدة راميا التي تبعد نحو كيلومتر عن الحدود، دُمرت منازل البلدة بعد تفخيخها عقب دخول جيش الاحتلال، ووصل عدد المنازل المدكوكة إلى أكثر من 100.
الصورة تكررت في مروحين والضهيرة ويارين والبستان وأم التوت. هذه البلدات تعرضت للتدمير الكبير سواء بسبب الغارات الكثيفة أو القصف المدفعي ومن ثم التفخيخ للمئات من منازلها، ولم يوفر الأذى مساجد تلك البلدات.

 

لا إحصاءات دقيقة  
لم تصدر البلديات إحصاءات دقيقة لأعداد الوحدات السكنية المدمرة كليا أو جزئيا، ولا سيما أن التدمير مستمر، والبلدات الحدودية باتت خالية كليا من سكانها وبلدياتها وبالتالي ليس من إحصاء رسمي.

 

إلا أن الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين يشير لـ"النهار" إلى أن "عدد الوحدات السكنية والمؤسسات التجارية والتربويّة والصحية المدمرة وصل إلى 40 ألفا في أكثر من 25 بلدة، فيما وصل عدد الوحدات المدمرة جزئيا إلى 25 ألفا، وتضررت 128 ألف وحدة سكنية ومؤسسة تجارية".

 

وعن الخسائر المترتبة حتى تاريخه، يشير شمس الدين إلى أنها "تقدّر بعشرة مليارات دولار بعدما كانت قرابة الثلاثة مليارات قبل 17 أيلول (سبتمبر)، وهي موزعة بين إعادة الإعمار وإزالة الردم والخسائر في القطاع الزراعي والبنية التحتية".

 

أما عن كيفية احتساب عدد الوحدات المدمرة فيلفت إلى أن "المصادر كانت بداية الأمر من الإحصاءات، ثم بالاعتماد على وسائل الإعلام، بحيث تذكر تلك الوسائل أن الغارة في تلك المنطقة دمرت خمسة مبان، وباحتساب عدد طبقاتها يمكن الوصول إلى عدد تقريبي للوحدات السكنية والتجارية المدمرة".

 

في مدينة النبطية على سبيل المثال، تم تدمير نحو 1500 مؤسسة تجارية، فيما كان العدد لا يتجاوز الـ200 خلال عدوان تموز (يوليو) 2006.

 

شكوى إلى مجلس الأمن
حجم التدمير الكبير في البلدات والمدن اللبنانية دفع وزارة الخارجية إلى تقديم شكوى إلى مجلس الأمن، وأشارت إلى "إدانة لبنان استمرار إسرائيل في عدوانها عليه وخرقها لسيادته وتوغلها البري داخل أراضيه، وارتكابها المزيد من المجازر، وتدميرها المتواصل والممنهج للقرى الحدودية، كبلدة عديسة التي فجر الجيش الإسرائيلي أحد أحيائها بـ 400 طن من المتفجرات، وكذلك قرى كفركلا، حولا، ميس الجبل، محيبيب، بليدا، عيترون، عين إبل، حانين، عيتا الشعب، قوزح، راميا، أم التوت، ومروحين". وحذر لبنان من أن "هذا التدمير الممنهج يؤشّر لسعي الجيش الإسرائيلي إلى تحويل الشريط الحدودي إلى منطقة عازلة غير مأهولة (…)".

البلدات الأكثر تضرراً
تُظهر الخرائط وما يتم رصده من خلال الغارات والاعتداءات أن البلدات المتضررة هي: عيتا الشعب، حانين، عيترون، مارون الراس، يارون، راميا، بنت جبيل في قضاء بنت جبيل، ومحيبيب، بليدا، ميس الجبل، مركبا، حولا، كفركلا، الخيام، الطيبة، دير سريان ورب ثلاثين في قضاء مرجعيون. أما في قضاء صور فالبلدات الأكثر تضرراً هي الناقورة، الجبين، مجدلزون، الضهيرة، يارين، البستان، أم التوت، ومروحين، إضافة الى بلدات في أقضية النبطية وصيدا لم يصر بعد إلى تحديد حجم الدمار فيها.   

 

[email protected]


 

اقرأ في النهار Premium