النهار

من الحرب إلى الغيب... هل نبحث عن الأمل في تنبؤات المنجمين؟
من الحرب إلى الغيب... هل نبحث عن الأمل في تنبؤات المنجمين؟
تعبيرية
A+   A-

في خضم الأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان، تعج شاشات التلفزيون بالمحللين العسكريين والمنجمين على حد سواء. وبينما يستند المحللون إلى خبراتهم ووقائع تاريخية مشابهة لرسم توقعاتهم، يظل هامش الخطأ قائماً. فكيف الحال مع المنجمين الذين يعتمدون على "رؤى باطنية" وتخمينات غامضة؟

 

اللبنانيون لم يسلموا من ويلات الحياة، وكأنهم باتوا في حقل تجارب تُختبر فيهم أصناف المصائب التي لا تأتي منفردة. لمَ هذا التهافت على ظهور المنجمين على شاشاتنا؟ ما الرسالة التي نحاول إيصالها للعالم عن أنفسنا كشعب؟ أليس لدينا من المفكرين والمحللين والناجحين من يستحقون أن يتصدروا هذه المشاهد الإعلامية بدلاً من اجتياح التنجيم؟


أحدهم بشركم بحرب أهلية في العام 2025 وأخرى توقعت هدنة في الجنوب وأن أولى اجتماعاتها في 4 آب (أغسطس) (2024) بينما اختلفت أخريات على موعد وقف إطلاق النار بين "قبل نهاية السنة" إلى "قبل شهر رمضان المقبل" وأيضاً "لا وقف إطلاق نار جدي طالما نتنياهو في الحكم". لكم حرية الاختيار!

 

انتشار ظاهرة التنجيم وتأثيرها الاجتماعي
في حديث عن انتشار ظاهرة التنجيم، أوضحت لبنى طربيه، أستاذة الأنثروبولوجيا في معهد العلوم الاجتماعية بالجامعة اللبنانية، أن اللجوء إلى التنجيم والغيب يمثل ردة فعل الإنسان عندما يعجز عن إيجاد تفسير منطقي للأحداث التي يعيشها أو عندما يصبح المستقبل غامضا.

 

وتقول: "هذا السلوك يظهر بشكل خاص خلال الأزمات المتكررة."

 

وترى طربيه أن الاعتماد على التنجيم للحصول على إجابات حول الحرب الحالية يعكس حالة الخوف وعدم وضوح الرؤية بالمستقبل، بالإضافة إلى الإحساس بفقدان السيطرة على الحياة اليومية.

 

وتضيف: "في ظل غياب سلطة رسمية قادرة على طمأنة الناس، يجد الكثيرون أنفسهم مضطرين للجوء إلى الغيب كوسيلة للشعور بالاطمئنان".

 

توضح طربيه أن تقييم التأثير يتطلب دراسات دقيقة، لكنها تفترض أنه إذا انتشر التنجيم على نطاق واسع، قد يتحول المجتمع من كونه فاعلًا إلى مجرد متلقٍ، مما يعزز الاستسلام للأمر الواقع. رغم ذلك، تؤكد أن المجتمع اللبناني "أثبت عبر الأزمات ميله للتضامن الاجتماعي وحب الحياة، مما يجعله بعيدا عن الاستسلام الكامل". 

 

 

هل يمكن التنبؤ بالمستقبل؟ 
ألقى موقع "لايف ساينس" الضوء في إحدى مقالاته على كتاب "Everything is Predictable"K وهو عبارة عن جولة آسرة حول نظرية "بايز" (تُستخدم لمعرفة مدى احتمالية حدوث حدث ما بناءً على قربه من حدث آخر) وكيف تؤثر على الحياة العصرية.

 

"يمكنك التنبؤ بدقة شبه مؤكدة بأنك في الثواني القليلة القادمة ستأخذ نفسا وتخرجه مرة أخرى. وسينبض قلبك ما بين مرة وثلاث مرات في الثانية الواحدة. وفي صباح الغد، ستشرق الشمس. كل هذه الأحداث يمكنك التنبؤ بها بثقة... هذا ليس ما يقصده الناس عادةً عندما يقولون ‘يمكنني التنبؤ بالمستقبل’. إنهم يشيرون إلى شيء باطني، بعض الرؤى الروحانية أو السحرية"، وفقاً للكتاب. 

 

"... ربما لو كان لدينا معرفة تامة تشبه معرفة الله بمكان وحركة وصفات كل جسيم في الكون، لاستطعنا التنبؤ بكل شيء تماما... بسقوط كل عصفور. لكننا لا نملك ذلك. بدلاً من ذلك، لدينا معلومات جزئية. يمكننا رؤية أجزاء من الكون، بشكل غير كامل، من خلال حواسنا الناقصة. لدينا أفضل التخمينات للطريقة التي تتحرك بها هذه الأجزاء - نعلم أن الأجزاء التي على شكل إنسان تميل إلى البحث عن الطعام والصحبة ونعلم أن الأجزاء التي على شكل صخرة تميل إلى السكون. يمكننا أن نقوم بتنبؤات فوضوية ناقصة بهذه المعلومات".

وفقاً لما تقدَّم، لعل التوقعات ممكنة استناداً إلى معلومات و"داتا" وحتى في هذه الحالة فإن النتائج ليست حتمية. تسلط هذه الأمثلة الضوء على التفاعل بين الخيال والملاحظة والتفكير العلمي في التنبؤ بالمستقبل.

 

خمسة تنبؤات بارزة تحققت
1. القنبلة الذرية
في عام 1914، وصف كاتب الخيال العلمي ه.ج. ويلز "القنبلة الذرية" المدمرة في روايته The World Set Free. تصور قنابل تعمل بتفاعلات ذرية قادرة على إحداث دمار غير مسبوق، وهو تنبؤ دقيق مخيف للأسلحة النووية التي ظهرت بعد عقود خلال الحرب العالمية الثانية.

 

2. التصوير الرقمي 
في عام 1900، تنبأ جون إلفريث واتكينز جونيور بمستقبل تلتقط فيه الصور الفوتوغرافية ألوان الطبيعة وتنتشر على الفور في جميع أنحاء العالم. وتعكس هذه التوقعات بشكل وثيق ظهور التصوير الرقمي والمشاركة الفورية من خلال الهواتف الذكية والإنترنت.

 

3. زراعة الأعضاء 
في الستينيات من القرن السادس عشر، تنبأ الكيميائي روبرت بويل بأن الأمراض ستُشفى يوما ما من خلال زراعة الأعضاء. وقد تنبأت رؤيته بالتطورات الطبية قبل ما يقرب من 300 عام من أول عملية زرع أعضاء ناجحة في عام 1954.

 

4. بطاقات السحب الآلي
وصف إدوارد بيلامي في روايته Looking Backward الصادرة عام 1888، نظاما يشبه بطاقات السحب الآلي الحديثة، حيث يمكن للأفراد الوصول إلى صندوق ائتمان شخصي من خلال بطاقة لشراء السلع والخدمات. وقد تحققت هذه الرؤية في أواخر القرن العشرين مع انتشار استخدام بطاقات السحب الآلي على نطاق واسع.  

 

5. القطارات الكهربائية والطائرات التجارية 
في عام 1911، تنبأ توماس أديسون بأن المحركات البخارية ستحل محل القطارات الكهربائية وأن الطائرات ستصبح شكلاً مهيمناً من أشكال السفر. وبحلول منتصف القرن العشرين، تحقق كلا التنبؤين، حيث أحدثت القطارات الكهربائية والطائرات التجارية تحولاً في وسائل النقل العالمية.

 

 

من هو الأخطبوط بول؟

في أحد مراكز الحياة المائية في ألمانيا، قُدِّم لبول صندوقان للطعام - يحملان علمين لفريقي كرة قدم - وكان الصندوق الذي أكل منه هو توقعه للفائز في المباراة التالية.

 

توقع بول نتائج 14 مباراة - ست مباريات في يورو 2008 وثماني مباريات في كأس العالم 2010. أصاب الأخطبوط في أربعة تنبؤات صحيحة، من أصل ستة، في يورو 2008 (وكانت جميعها لمباريات ألمانيا). في كأس العالم 2010، أصاب بول في تنبؤاته وكلها. 

 

 

بعد "متى تنتهي الحرب"... متى ينتهي العالم؟
ولما كان موضوعنا اليوم هو متى تنتهي الحرب، حري بنا أن نتساءل متى ينتهي العالم برمته؟ لم لا؟ فقد صار أصبح لكل سؤال إجابات عديدة وكثيرة. تتوقف تنبؤات العرافة بابا فانغا عند عام 5079. فهذا هو العام الذي سينتهي فيه العالم، على حد زعمها. حظاً سعيداً!

 

سبق لنوستراداموس وبابا فانغا أن قدما العديد من التنبؤات الصحيحة التي أسرت الجماهير. ويعود الفضل إلى نوستراداموس في التنبؤ بصعود أدولف هتلر والثورة الفرنسية واغتيال جون كينيدي. وشملت تنبؤاته جائحة "كوفيد-19" وهجمات 11أيلول (سبتمبر).

 

تنبأت بابا فانغا بدقة بكارثة تشيرنوبل، ووفاة الأميرة ديانا، وظهور تنظيم "داعش"، مما عزز سمعتها كعرّافة قوية.

 

 

 

... الذكاء الاصطناعي؟ ماذا بشأنه؟ سأدعه يجيبكم بنفسه...

 

 

 

 

هل يمكن التنبؤ بالمستقبل؟ الإجابة الأكثر صدقاً: يمكنك صنع هذا المستقبل. فكل خطوة تخطوها اليوم، وكل قرار تتخذه بوعي وإبداع، يشكلان بذرة لمستقبل أفضل. 

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 11/25/2024 1:35:00 PM
وجّه المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي ادرعي، تحذيرات جديدة إلى السكّان المتواجدين في منطقة الضاحية الجنوبية

اقرأ في النهار Premium