78-142537-uae-medical-aid-lebanon_700x400_205223.jpg
غدي حداد
أن تسارع دولة الإمارات العربية المتحدة، أو المملكة العربية السعودية إلى نجدة لبنان وإغاثته، أمر غير مستغرب، لأن للدولتين باعا طويلا في هذا المجال، ولم تقصّرا يوماً إبّان عهود الحكّام الذين توالوا عليهما.
أن يسيء لبنان إلى كلتيهما وإلى دول أخرى شقيقة وصديقة، بات أيضاً أمراً غير مستغرب في ظل مصادرة قراره، من الداخل والخارج معاً، لحسابات إقليمية تسلكها دول "محور المقاومة" كما تسمي نفسها.
ليس أمراً عابراً أن يسيء هذا المحور إلى علاقات لبنان العربية، لأن ثمة خطة مبيّتة لعزله عن محيطه العربي، فلا يبقى مرتبطاً به إلا شكلا.
لقد حاولت سوريا مصادرة قرار لبنان من بوابة مساعدته كشقيقة. لكنها خذلته عندما رهنت قرارها لطهران، وصارت شريكة لها في معاداة العالم العربي الذي لطاما اعتُبرت دمشق بوابته.
انسحبت سوريا من لبنان مرغمة، لكن السياسة التي اتّبعتها استمرت مع الأحزاب الحليفة لها، فكانت الإساءات تتوالى إلى الدول العربية. تلك التي وقفت إلى جانب لبنان في أزماته، والتي أعادت إعماره بعد حرب تموز 2006، وفي مراحل سابقة كثيرة.
حتى شعار "شكراً قطر" الذي كان أطلقه "حزب الله" تلاشى، لتحلّ محلّه الشتائم من كل صوب ومن كل نوع.
تعتب الدول العربية، أو دول عربية، على لبنان.
لا يحافظون على الودّ معها، وهي تدرك أنهم لا يملكون القدرة على التأثير في الموقف السياسي الذي يتخطى قرار الدولة وسيادتها.
أما اللبنانيون فيدركون، ويأسفون، في قرارة أنفسهم، لعجزهم، لكنهم أيضاً يلومون دولاً تركتهم لمصيرهم وزادت إضعافهم.
لبنان الحقيقي لم يرضخ ولن يرضخ لإملاءات تسيء إلى علاقاته بالعالم العربي وبالعالم كله. لبنان الحقيقي يجاهد ويناضل من أجل إعادة الودّ وتوثيق الروابط. لبنان الحقيقي يدرك أن في معاداة العرب موتاً له، وهو يشهد على فصول من الموت البطيء منذ سنوات.