إسكندر خشاشو
حرّك الكلام المنقول عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومفاده استعداده للتخلّي عن شرط الحوار المسبق للدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ركود الملفّ الرئاسي.
والواقع أنّ موقفه هذا ترك ارتياحاً كبيراً عند الأفرقاء المسيحيين والمعارضين، وخصوصاً الذين كانوا رفضوا الحوار من دون الشروع في الانتخاب، قبل أن تأتي صورة اللقاء الثلاثي الأربعاء الماضي بين بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لتوقظ نوعاً من قلق لديهم ولـ"التيّار الوطنيّ الحرّ" معهم، من محاولة تحييد الرأي المسيحي عن الملفّ.
وقد خفّفت جولة النائب وائل أبو فاعور على كلّ من رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل منسوب القلق، بعد تأكيده أن الاجتماع لم يستهدف أيّ طائفة بل يفتح مسار مشاورات جديداً يكون للمسيحيين الرأي الأول والأساسي فيه.
وفي هذا الإطار، يؤكّد حزب "القوّات" أنه جاهز في أيّ وقت للتجاوب مع دعوة رئيس المجلس إلى جلسة انتخابيّة فعليّة بدورات متتالية حتّى انتخاب رئيس للجمهوريّة، "وكلّ ما يقال عكس ذلك تجنٍّ وافتراء وتحوير للوقائع معروفة خلفيّاته ومكشوفة أهدافه ومفضوحة أغراضه".
ويشير إلى أنّ "الفريق الآخر هو الخائف، ولو لم يكن كذلك لذهب إلى دورات متتالية. فمن كان يعطّل الدورة الثانية هو فريق الممانعة، لأنّه يعرف أنّ الذهاب إليها يعني إسقاط مرشّحه، ويدرك طبيعة المجلس ونقطة ارتكاز المعارضة، وهو الذي عطّل الدورات وكان يضع شرطاً غير دستوريّ، بالإضافة إلى أنه كان رافضاً الخيار الثالث، وبالتالي فإنّ المعارضة والقوات مرتاحان إلى تموضعهما".
لا يختلف حزب الكتائب عن "القوات" لناحية إبداء استعداده لحضور أيّ جلسة انتخابية، وهو في الأصل لم يتخلّف عن أيّ دعوة من قبل.
ولكن في المقابل، يربط هذه المرة الحضور "بالنية الجدّية لانتخاب رئيس وفتح المجلس لجلسات متتالية من دون تعطيل، ووفق ما نصّ عليه الدستور، بالإضافة إلى التخلّي عن فرض مرشّح "حزب الله".
ويشدّد في هذا السياق على أنّه منفتح على الحوار مع أيّ خيار يكون نقطة التقاء بين الأغلبية، للخروج برئيس يمثّل اللوحة اللبنانية بكلّ ألوانها من دون طغيان فئة على أخرى.
ويسأل: "هل تخلّى حزب الله عن مرشحه وقَبِل بملاقاتنا إلى منتصف الطريق؟ وما هي الضمانات في هذا الإطار؟ وهل هو مستعدّ بالفعل للاعتراف بما ستنتجه الانتخابات وباللعبة الديموقراطية؟"
في المقابل، يجزم "التيّار الوطنيّ الحرّ" بأنّه مع انتخاب رئيس في أسرع وقت، "وهذه هي الطريقة الوحيدة لبداية استعادة الدولة دورها".
ويقول النائب غسان عطالله لـ"النهار": "لم نتوقّف منذ البداية عند الشكليات، وقبلنا بالحوار الذي كان يطرحه الرئيس بري، ونحن جاهزون للمشاركة في أيّ جلسة نيابية نُدعى إليها لانتخاب رئيس".
وفي رأيه أنّ "لبنان اليوم أصبح مكشوفاً وتُشنّ عليه حرب شعواء، ويجب تحصينه من الداخل، وهذا الأمر لا يكون إلّا بانتخاب رئيس وتأليف حكومة تضمّ الجميع ولا تستبعد أحداً للانطلاق بورشة جديدة".
ويشدّد على أنّ "المرحلة تفرض نظرة وطنية جديدة لا تنطلق من نظرية خاسر ورابح، إنّما من التفكير مليّاً في مستقبل هذا البلد الذي سيعيش فيه أبناؤنا".
وفي هذا الإطار يأمل عطالله "أن ينفتح جميع الأفرقاء بعضهم على بعض ويكثّفوا الحوارات للتوصّل إلى توافقات وانتخاب رئيس بـ128 نائباً إذا أمكن، شرط الخروج من الأنانيات والشروط المسبقة".
ويذكّر بأنّ "للدستور آليات واضحة لانتخاب الرئيس من الضروري احترامها والتزامها، وليستطيع الرئيس أن يحكم لا بدّ أن يحصل على ثقة الثلثين".
ويختم بالتأكيد أنّ "لبنان في حاجة اليوم أكثر من أيّ وقت إلى بناء مؤسّساته، والأمور لا تقف عند انتخاب رئيس، بل المطلوب أيضا حكومة تكتسب غطاء خارجيّاً لإعادة الإعمار وتحريك الاقتصاد بعد الحرب المدمّرة".