منال شعيا
مساران سياسي وديبلوماسي يجنّبان البلاد الانهيار النهائي الذي لا يعود من بعده قيامة. وفي موازاة الحركة السياسية التي بانت أولى بشائرها أمس، من خلال اللقاء الثلاثي في عين التينة، تحرّكت المساعي نحو انعقاد قمّة روحية في بكركي تلاقي الحركة السياسية بجدّية، انطلاقاً من ضرورة عدم إبعاد أيّ طرف أو مكوّن لبنانيّ.
وفي معلومات "النهار" أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يتحضّر لزيارة بكركي ولقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقد تأخّرت الزيارة قليلاً بسبب ظرف عزاء استجدّ عند الراعي.
وفي المعلومات أيضاً أنّ هذا اللقاء المرتقب يأتي بتكليف من الرئيس نبيه بري، لإطلاع البطريرك الراعي على أجواء اللقاء الثلاثي وإيداعه تمنيات، أو إصراراً على ضرورة التعجيل في ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية لاستقامة المسار السياسيّ - الدستوريّ في البلاد.
غطاء مسيحي
فحوى هذا الحراك هو التوصّل إلى تأمين غطاء مسيحي يحاكي الكلام الذي يُنقل عن بري "بانتخاب رئيس توافقيّ لا رئيس تحدّ في هذا الظرف".
من هنا، تجري المحاولات حالياً لعقد قمّة روحية في بكركي، فيما المطلب الأساسي أن تكون مسيحية بدرجة أولى، أي على شكل لقاء مسيحي موحّد وجامع، أمّا إذا توسّعت لتصبح مسيحية - إسلامية فستكون فائدتها أكبر.
يعلّق الوزير السابق وديع الخازن لـ"النهار": "القمة ضرورية اليوم، وربّما هذا ما سيطلبه ميقاتي من البطريرك، من باب التمنّي، علّ مؤسسات الدولة تستقيم من الرأس إلى الأسفل. لا شكّ في أنّ النظرة إلى البلاد بعد انتخاب رئيس للجمهورية في هذا الظرف العصيب، ستكون مختلفة تماماً عمّا هي في ظلّ الفراغ الرئاسي".
هذا المبرّر هو السبب الموجب الأول لانعقاد قمة أو لقاء موسّع قريباً، علّ التصدّع السياسي يرمّم قليلاً. والمشهد السياسي في الأمس خلال اللقاء الثلاثي طرح أكثر من علامة استفهام مشروعة حول غياب المكوّن المسيحيّ.
وينقل الخازن عن بري "انتفاء أيّ خلفية عنده حيال هذه المسألة، فهو المصرّ الأوّل على تدعيم الوحدة الوطنية في هذه المرحلة، وتلاقي كلّ مكوّنات الوطن. وإنّ مواقفه أتت منذ اللحظة الأولى منسجمة مع ضرورة هذا التلاقي".
وإذا كان اللقاء الثلاثي رسم شبه خريطة طريق نحو التعافي أو إمكان البناء عليه، فإنّ المدماك الأول يكون بانتخاب رئيس للجمهورية، ولا سيّما أنّ البعض يرى أنّ موقف بري كان أكثر من مرن في هذه المسألة. ولكن لإنجاح المسعى، لا بدّ من "سحب" موافقة الطرف المسيحي، وأولى الحلقات ستكون من بوابة بكركي التي يمكنها جمع الأطراف المسيحيين والخروج بموقف موحّد.
في هذا السياق، برزت زيارة النائب وائل أبو فاعور لمعراب، بتكليف من النائب السابق وليد جنبلاط، ولقاؤه المطوّل مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وكأنّها تلتقي مع زيارة ميقاتي المرتقبة إلى الصرح البطريركي، بتكليف من بري.
فأيّ مسار ينبغي أن يتقدّم: الشقّ السياسي أم الحراك الديبلوماسي ووقف النار؟ وهل انتخاب رئيس للجمهورية سيتمّ تحت النار؟
وفق الخازن، "المهمّ أن ينفصل مسار انتخاب رئيس للجمهورية عمّا يحدث في الجنوب. هذا شأن دستوري كان ينبغي أن يتمّ قبل ذلك، وبغضّ النظر عن التطورات الإيجابية أو السلبية التي يمكن أن تحدث ميدانيّاً، علينا التعجيل في انتخاب رئيس، لئلّا ندخل في مرحلة إحباط تكون أصعب ممّا نعيشه اليوم".
ويلفت إلى أنّ "ثمّة مسعى أو ضغطاً مصرياً - قطرياً في اتّجاه إنتاج الحلّ السياسي المطلوب".
صوَريّاً، عادت الدولة لتتسلّم المسار السياسي - الديبلوماسي، وقد برز موقف وزير الدفاع موريس سليم أمس لناحية أنّ "الدولة اللبنانية وافقت على وقف إطلاق النار، ويبقى على المجتمع الدوليّ إقناع العدو". فهل يمكن أن تتناغم هذه المواقف مع قيادة "حزب الله"، أم أنّه حان الوقت لينطلق مسار الدولة الحقيقيّ؟