أحمد م. الزين
"من الواضح أن لبنان مقبل على حصار بري وجوي"، هكذا صرّح وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، عقب التصعيد المتزايد على الحدود. تصعيدٌ جسّدته الاعتداءات الاسرائيلية عبر استهداف محيط معبر المصنع الحدودي اللبناني، ما أدى إلى قطع الطريق الدولي الرابط بين لبنان وسوريا. هذا الإغلاق لم يعزز سوى المخاوف من فرض حصار على لبنان الذي يعاني أصلاً من أزمات متعددة. وفي هذا السياق، تواصلت "النهار" مع خبراء عسكريين للإجابة عن سؤال: هل أصبح لبنان فعلاً تحت حصار بعد استهداف المعبر؟
العميد المتقاعد خليل حلو أشار إلى أن "استهداف الإسرائيليين طريق المصنع يأتي بذريعة تهريب شاحنات أسلحة وذخائر لـ"حزب الله"، إلا أن هذا الادعاء غير منطقي. فـ"حزب الله" لا يعتمد هذه الطرق المكشوفة لنقل السلاح، نظراً لأن المصنع يخضع لمراقبة مشددة، سواء من أجهزة استخبارات محلية أو دولية"، لافتاً إلى أن "حزب الله" يمتلك طرقاً ومعابر أخرى أكثر سرية تمكنه من نقل ما يحتاج إليه دون المرور عبر المصنع.واعتبر أن المشكلة في المصنع ليست متعلقة بالذخائر، بل بتنقلات قيادات "حزب الله" والمسؤولين الإيرانيين، مشيراً إلى أن اغتيال صهر السيد حسن نصرالله في دمشق كان رسالة واضحة تستهدف هذه التحركات.
واستطرد حلو بالقول إن "الاغتيالات التي بدأت في ضهر البيدر على الحدود اللبنانية-السورية توضح أن الهدف الرئيسي هو استهداف شخصيات قيادية في "حزب الله"، وليس فرض حصار شامل على لبنان". وأوضح أن إغلاق المصنع لن يكون له تأثير كبير على النظام السوري أو اللبنانيين، بل الهدف هو إعاقة "حزب الله"، مؤكداً أن الحصار العسكري الكامل هو أمر معقد وصعب التحقيق. وما يجري على الأرض يتعلق باستهداف شخصيات أكثر منه فرض حصار شامل.
العميد المتقاعد رياض قهوجي في حديثه لـ"النهار" أشار إلى أن الخطوة الأولى التي يتخذها أي طرف مهاجم في الحرب هي فرض حصار على الطرف الآخر بهدف منع دخول الأسلحة والموارد التي قد تساعده. وأضاف أن "إسرائيل تدّعي أنها تعمل على تدمير البنية التحتية العسكرية لـ"حزب الله"، بما في ذلك مخازن الأسلحة، وتزعم أن الحزب يحاول نقل أسلحة من سوريا إلى لبنان، ما يبرر فرض الحصار".
قهوجي شرح أن هذا الحصار قد يمتد ليشمل المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، وربما يتطور إلى تدمير الطرق والجسور التي تربط المناطق التي ترغب إسرائيل في السيطرة عليها في جنوب لبنان، مضيفاً أن إسرائيل تستمر في تطوير عملياتها العسكرية، وتستدعي المزيد من فرق الاحتياط، دون وجود مؤشرات على تراجعها رغم سقوط قتلى من قواتها في الجنوب.
في ظل التصعيد المستمر على الحدود اللبنانية واستهداف المعابر الحيوية، تتزايد المخاوف من فرض حصار شامل على لبنان، سواء عبر تدمير البنية التحتية أو تعطيل حركة التنقل، على الرغم من اختلاف الآراء بين الخبراء حول مدى تحقق هذا الحصار فعلياً. يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى تصاعد التوتر وتأثيره على المشهد السياسي والعسكري في لبنان. في ظل هذا الوضع، يبقى الترقب سيد الموقف وسط غياب أي مؤشرات على تهدئة قريبة.