لم تعد تشترط قيادات حزب الله تطبيق هدنة في قطاع غزة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان في تراجع عن تعهد دأب الحزب على تكراره بمواصلة القتال حتى توقف إسرائيل هجومها على حركة "حماس".
وأكدت قيادات حزب الله باستمرار أنّ الأعمال القتالية عبر الحدود لن تتوقف حتى تنهي إسرائيل الحرب في غزة. وبدأ الحزب في إطلاق الصواريخ على إسرائيل بعد يوم من هجوم قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول العام الماضي.
لكن نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، فك ذلك الرابط في خطاب بثه التلفزيون اليوم الثلاثاء على الرغم من تعهده بمواصلة دعم جانب حماس والفلسطينيين في معركتهم ضد إسرائيل.
وقال قاسم إنه يدعم جهود رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري للتوصل إلى هدنة، دون وضع شروط مسبقة. وأصبح قاسم الآن المسؤول الأعلى في حزب الله بعد مقتل الأمين العام حسن نصر الله في غارة إسرائيلية.
وقال قاسم :"نؤيد الحراك السياسي الذي يقوده بري بعنوانه الأساس وقف إطلاق النار".
وأضاف: "إن تابع العدو حربه، فالميدان يحسم ونحن أهل الميدان ولن نستجدي حلاً".
وقبل يومين، تحدث قياديان في حزب الله عن هدنة في لبنان من دون ربطها بغزة.
ولم يعلن حزب الله صراحة تغيير موقفه.
وقال سامي أبو زهري القيادي الكبير في "حماس" لـ"رويترز" إنّ أعضاء الحركة لا يزالون "واثقين من موقف حزب الله من ربط أي اتفاق بوقف الحرب في غزة"، مستشهداً ببيانات سابقة لحزب الله.
لكن مسؤولاً بالحكومة اللبنانية طلب عدم نشر اسمه قال لـ"رويترز" إنّ حزب الله عدل عن موقفه بسبب مجموعة من الضغوط، بما في ذلك النزوح الجماعي للأفراد من الدوائر الانتخابية الرئيسية في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.
وأضاف المسؤول أنّ القرار جاء أيضاً بسبب تكثيف إسرائيل حملتها البرية واعتراض بعض الأطراف السياسية اللبنانية على موقف حزب الله.
وفي الأيام القليلة الماضية، دعا مشرّعون كبار من الطوائف الأخرى في المشهد السياسي اللبناني إلى إصدار قرار لإنهاء القتال لا يربط مستقبل لبنان بحرب غزة. وكان لبنان يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية قبل أحدث جولة في الصراع.
وقال الرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط أمس الاثنين: "لن نربط مصيرنا بمصير غزة".
وقال سليمان فرنجية لصحافيين أمس إنّ "الأولوية" هي وقف الهجوم الإسرائيلي. وأضاف: "يجب أن نخرج موحدين في لبنان والأهم أن يخرج لبنان منتصراً".
وقبل هذه التعليقات، كانت هناك مؤشرات من قيادات أخرى على أنّ حزب الله قد يغير موقفه.
وقال محمود قماطي القيادي في حزب الله للتلفزيون الرسمي العراقي يوم الأحد إنّ الحزب مستعد لبدء استكشاف الحلول السياسية وإنها "تأتي بعد وقف العدوان الصهيوني على لبنان"، مجدداً من دون ذكر غزة.
وقال ديبلوماسيون لاحظوا هذا التحول إنّ حزب الله ربما تأخر كثيراً في خلق زخم ديبلوماسي. وكثفت إسرائيل هجومها بإرسال قوات برية إلى مناطق جديدة عبر الحدود بين إسرائيل ولبنان اليوم، فضلاً عن مواصلة شن الغارات الجوية على بيروت وأماكن أخرى.
وقال أحد الديبلوماسيين المعنيين بالشأن اللبناني إنّ "المنطق الحاكم" الذي تتبناه إسرائيل الآن أصبح عسكرياً لا ديبلوماسياً.
وقال ديبلوماسي غربي كبير إنّ لا مؤشرات على وقف إطلاق النار تلوح في الأفق، وإنّ الموقف الذي يعبر عنه المسؤولون اللبنانيون "تطوّر" من موقفهم السابق الذي ركز بشكل صارم على وقف إطلاق النار في غزة عندما بدأت القنابل تتساقط على بيروت.
وقال مهند الحاج علي، الخبير في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، إنّ إسرائيل تمكّنت من أن تكون صاحبة اليد العليا من خلال تكثيف الضغوط على حزب الله عسكرياً.
وأضاف أنّ "حزب الله يمارس لعبة سياسية... لكن هذا ليس كافياً بالنسبة للإسرائيليين. الأمر لا يسير على هذا النحو".