النهار

المتداول: صورة تظهر، وفقا للمزاعم، "حاملة الطائرات الأميركيّة أبراهام لينكولن بعدما استهدفها الحوثيون" أخيرا. 

الا أنّ هذا الزعم خاطئ.

الحقيقة: الصورة قديمة، اذ تعود الى عام 1967، وتظهر فرقا تعمل على إصلاح سطح السفينة الحربية الأميركية يو إس إس فورستال المتضررة بعد حريق مميت في خليج تونكين خلال حرب فيتنام. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم

تظهر الصورة حاملة طائرات اصيبت بأضرار، بينما انتشر اشخاص على سطحها. وقد تكثف التشارك فيها أخيرا عبر حسابات ارفقتها بالمزاعم الآتية (من دون تدخل): "صورة أولية لحاملة الطائرات الأمريكية (أبراهام) بعد استهدافها من قبل القوات المسلحة اليمنية".  

البنتاغون: الحوثيون هاجموا سفينتين عسكريتين أميركيتين في باب المندب

تزامن انتشار الصورة مع إعلان البنتاغون، الثلثاء 12 تشرين الثاني 2024، أن الحوثيين في اليمن أطلقوا صواريخ ومسيّرات باتجاه مدمّرتين أميركيتين خلال عبورهما مضيق باب المندب الإثنين 11 منه، لكنهما تمكنتا من التصدي للهجوم، وفقا لما أوردت وكالة "فرانس برس". 

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بات رايدر للصحافيين إن السفينتين "تعرّضتا لهجوم استخدمت خلاله ثماني طائرات من دون طيار، وخمسة صواريخ بالستية مضادة للسفن، وثلاثة صواريخ كروز مضادة للسفن".

أضاف "تمّ التعامل معها بنجاح"، مشيرا الى أن "السفينتين لم تتعرضا لضرر، ولم يصب أي من أفراد الطاقم بأذى".

وقال إن زعم الحوثيين أنهم هاجموا أيضا حاملة الطائرات يو اس اس أبراهام لينكولن غير دقيق. وأوضح انه "بناء على ما لدي من معلومات، لم تتم مهاجمتها، بعكس بعض مزاعم... الحوثيين".

ولاحقا أعلن رايدر أن قوات أميركية شنّت غارات جوية عدة في نهاية الأسبوع ضد منشآت تخزين أسلحة تابعة للحوثيين. وقال: "هذه المنشآت كانت تخزن فيها مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية المتقدمة التي يستخدمها الحوثيون المدعومون من إيران لاستهداف السفن العسكرية والمدنية الأميركية والدولية التي تبحر في المياه الدولية".

حقيقة الصورة

الا ان الصورة المتناقلة لا علاقة لها بكل هذا.

يؤكد ذلك العثور عليها مؤرشفة في موقع وكالة غيتي ايماجيز Getty Image، بكونها ملتقطة "عام 1967"، في "موقع غير محدد"، وتظهر "فرقا تعمل على إصلاح سطح السفينة الحربية الأميركية يو إس إس فورستال  USS Forrestal CVA-59 المتضررة بعد حريق مميت في خليج تونكين خلال حرب فيتنام".

وذكرت الوكالة ان تاريخ انشاء الصورة هو في 1 كانون الثاني 1967.  وهي من تصوير: ديك سوانسون Dick Swanson. 

أحد أكثر الحوادث مأسوية

ويمثل حريق السفينة يو إس إس فوريستال عام 1967 أحد أكثر الحوادث مأسوية وتأثيرا في تاريخ البحرية الأميركية. وفي المعلومات، وقعت هذه الحادثة الكارثية في 29 تموز 1967، على متن الحاملة التي كانت متمركزة آنذاك في خليج تونكين خلال حرب فيتنام.

وقد اسفر الحريق، الذي نتج من مجموعة تفاعلات متسلسلة، متفجرة وسريعة، إلى مقتل 134 بحارًا وإصابة 161 آخرين، الامر الذي يجعله أحد أكثر الحوادث دموية في تاريخ البحرية الأميركية.

وكان السبب الرئيسي وراء الكارثة مشكلة كهربائية. ففي صباح 29 تموز، وبينما كانت السفينة تستعد لعمليات قتالية، حدث ارتفاع مفاجئ في التيار الكهربائي، يرجع على الأرجح إلى خلل كهربائي، وتسبب بإطلاق صاروخ زوني عن طريق الخطأ من طائرة مقاتلة من طراز إف-4 بي فانتوم 2 كانت متوقفة على سطح السفينة.

وكانت الطائرة إف-4 بي، مثل غيرها من الطائرات على متن فورستال، مستعدة للقتال بأسلحتها... واقترحت التحقيقات لاحقًا أن الأسلاك في الطائرة ربما كانت معيبة أو تالفة، مما ساهم في إطلاق الصاروخ عن غير قصد.

اما الصاروخ زوني، فقد مر عبر سطح السفينة وضرب خزان الوقود الخارجي لطائرة A-4 Skyhawk ومزقه، مما تسبب بتسرب هائل من وقود الطائرات الذي اشتعل بسرعة، مما أدى إلى نشوب حريق شديد وانتشار سريع للنار على سطح السفينة.

وكان وجود قنابل AN-M65 Composition B من حقبة الحرب العالمية الثانية والمحملة في طائرات من أجل المهمة، سبباً في تفاقم الكارثة. ففي الحريق الذي أعقب ضربة الصاروخ، بدأت هذه القنابل في الاشتعال... الامر الذي تسبب بانفجارات هائلة أدت إلى تأجيج الحريق، واوقعت إصابات وأضرارا إضافية.

والى جانب الخسائر البشرية الفادحة، كانت الأضرار المادية التي لحقت بحاملة الطائرات يو إس إس فورستال جسيمة، اذ تم تدمير 21 طائرة من 73 كانت على متنها، وتضرر 40 أخرى. كذلك تضررت أجزاء كبيرة من السطح ومناطق أخرى من السفينة أو دمرت بشدة.

وقد دفعت هذه الكارثة إلى إجراء مراجعة فورية وشاملة لبروتوكولات السلامة البحرية، وإجراءات السيطرة على الأضرار، وتدابير الاستجابة للطوارئ.   

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الصورة المتناقلة تظهر "حاملة الطائرات الأميركيّة أبراهام لينكولن بعدما استهدفها الحوثيون" أخيرا. في الحقيقة، الصورة قديمة، اذ تعود الى عام 1967، وتظهر فرقا تعمل على إصلاح سطح السفينة الحربية الأميركية يو إس إس فورستال المتضررة بعد حريق مميت في خليج تونكين، خلال حرب فيتنام.