عمر مرموش نجم فرانكفورت.(أ ف ب)
وبات مرموش محط اهتمام كبار الأندية الأوروبية في الفترة الأخيرة لعل أبرزهم مانشستر يونايتد، والذي أنفق الملايين من الجنيهات الاسترلينية مقابل لاعبين لا يسجلون الأهداف بشكل كافٍ، فعلى مدار الصيفين الماضيين فقط، أنفق النادي مبالغ ضخمة على أتالانتا مقابل راسموس هويلوند وبولونيا مقابل جوشوا زيركزي، لكنه لم يجن ثمار مثل هذه الإنفاقات بعد.
يخبرنا التاريخ الحديث لكرة القدم أن الصفقات الأكثر تكلفة في خط الهجوم لا تصنع النجاح المضمون دائمًا، فهناك قيمة أفضل في السوق يمكن العثور عليها في أماكن أخرى، حيث يتألق بعض اللاعبين ويكونوا دائما على استعداد لإحداث فارق كبير مع الأندية الكبرى، ولعل مرموش أفضل مثال على ذلك.
ولا يعد مانشستر يونايتد النادي الوحيد الذي ارتبط اسمه بالتعاقد مع مرموش، حيث ترددت أنباء منذ فترة طويلة عن اهتمام ليفربول بالتعاقد معه كبديل لمواطنه محمد صلاح أو كشريك له، كما أن آرسنال أيضًا من بين المرشحين، ويتوقع كثيرون بإنه سيكون خيارًا جذابًا لناديه المقبل.
الانطلاقة المميزة
بعد فترة مميزة مع نادي فولفسبورغ أدرك النادي إمكانيات مرموش، لكنه أراد منه أن يختبره في مكان آخر بالبوندسليغا قبل العودة لارتداء ألوانه الخضراء، وقال مارسيل شافر المدير السابق لفولفسبورغ في ذلك الوقت: "خلال العام الماضي، حقق عمر تقدمًا كبيرًا من خلال الأداء الجيد في فريق تحت 23 عامًا، وقد جعله ذلك يخوض غمار البوندسليغا ومع الفريق الأول، والآن يحتاج إلى التعود تدريجيًا على اللعب على مستوى مميز، حتى يتمكن من الانتقال إلى الخطوة التالية".
تمت إعارة مرموش إلى شتوتغارت في موسم 2021-22، وعلى الرغم من أن الظروف لم تكن مثالية بالنسبة له لكي يتألق، فقد قضى الموسم في محاربة الهبوط واحتل المركز الخامس عشر مما يشير إلى معاناة النادي، ورغم تراجع نتائج الفريق، إلا أن مرموش كان النقطة المضيئة.
وبعد عودته، كان الأمر مخيبا للآمال عندما لم يسجل مرموش سوى خمسة أهداف رغم غيابه عن مباراة واحدة فقط في الدوري طيلة الموسم ولعبه في مركز المهاجم الصريح.
وقرر فولفسبورج قطع العلاقات والسماح لمرموش بالرحيل مجانا عند نهاية عقده، مع تقدم آينتراخت فرانكفورت لمنحه فرصة جديدة.
الانفجار مع فرانكفورت
لا شك أن مرموش أصبح الآن من بين أفضل المهاجمين في الدوري الألماني، فبعد انضمامه إلى آينتراخت في موسم 2023-2024، تمكن من معادلة أفضل حصيلة موسمية في مسيرته بسبعة أهداف وثلاث تمريرات حاسمة في 14 مباراة فقط، وأنهى الموسم بأرقام مثيرة بواقع 16 هدفًا وست تمريرات حاسمة في جميع المسابقات.
وأوصى أحمد حسام ميدو، الذي لا يزال يراقب أحد أبنائه المفضلين في عالم كرة القدم من بعيد، من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ناديه السابق توتنهام للتعاقد مع مرموش، وقارن هذه التوصية بتوصية سابقة بشأن محمد صلاح لم تجد صدى لدى توتنهام.
وترددت أنباء عن اهتمام عمالقة أوروبيين آخرين، ولا سيما مانشستر يونايتد وليفربول، لكنه ظل في ملعب "دويتشه بارك".
وقال مرموش في تموز (يوليو): "الأهداف التي أحرزتها والأداء الخاص بي خلال الموسم لم يكن بالصدفة، لقد عملت بجد من أجل كل هذا، هنا في النادي، تحصل على دعم كبير وأفضل مساعدة لتطوير موهبتك".
وواصل:"لدي شعور جيد للغاية تجاه فريقي، يبدو لي وكأنه عائلة، وهذه هي الطريقة التي يتعين علينا بها التعامل مع مبارياتنا لاحقًا".
آينتراخت الآن في وضع أفضل بعد تمكنهم من الاحتفاظ بمرموش دون ضجة كبيرة بعد أن بدأ الموسم بشكل لا يصدق، بتقديم ثلاثة مساهمات في المباراة الأخيرة فقط ضد العملاق بايرن ميونيخ، وهو ما يعني بإنه افتتح الموسم بتسعة أهداف مذهلة وست تمريرات حاسمة في تسع مباريات فقط في جميع المسابقات، بينما يتقدم بثلاثة أهداف على هاري كاين في ترتيب هدافي الدوري الألماني.
أكبر نقاط القوة
المقارنة الكسولة هي أن نقول إن مرموش يلعب مثل محمد صلاح لأنهما ينتمنيان إلى وطن واحد، لكنهما يتشاركان في بعض أوجه التشابه، ربما تكون سرعة مرموش هي السمة الأكثر تميزًا، على الرغم من أنه يحب أن يجلس المدافع أو حارس المرمى على ظهره قبل التسديد في المرمى بنفس أسلوب "الملك المصري" الحالي في ليفربول.
عندما يركض نحو المرمى ، يصعب إيقافه، ولعل دايوت أوباميكانو مدافع بايرن ميونيخ أحدث مثال على ذلك.
لكن على عكس صلاح، فإن سرعة مرموش أكثر مباشرة وتسمح له بتشكيل تهديد على أي من الجناحين وكذلك من خلال الوسط، في حين أنه أكثر نكرانًا للذات في سعيه لتحقيق الانتصارات.
وعلق مرموش في وقت سابق: "إذا كانت هناك فرصة 30% لتسجيل هدف، وزميلي لديه فرصة أفضل وفي وضع أفضل، فسأمرر الكرة حتى نتمكن من تسجيل هدف كفريق، وليس عمر فقط".
وقال دينو توبمولر مدرب آينتراخت مؤخرا عن نجمه: "إنه مسؤول عن خلق الخطر في المقدمة، وإحراز الأهداف وصنع الفرص، ومن الصعب للغاية الدفاع ضده بسبب سرعته في الركض إلى العمق، كما أنه قادر على التسلل من مسافة قريبة، والتعامل مع الكرة بشكل رائع، ولعب بعض التمريرات الرائعة".
وواصل:"إنه في حالة رائعة في الوقت الحالي، ويشعر بالراحة، وهذا هو مفتاح نجاحه هذه الأيام".
تجدر الإشارة أيضًا إلى أن مرموش يتميز بالضغط الشديد والعدوانية، هي ما أصبحت السمة السائدة بين نجوم كرة القدم البارزين، فهو لا يخشى القيام بهذا العمل".
قابل للتطور
ربما يكون الانتقاد الأكثر صحة الذي يمكن أن يوجه إلى مرموش هو أننا ربما نحتاج إلى رؤيته يلعب لفترة أطول قبل أن نحكم عليه بأنه يمكن أن يكون المنقذ الذي تنتظره أندية النخبة في أوروبا.
من الواضح أن موهبته وقدراته بدأت تظهر الآن على الشاشة، ولكن لن يضر الأمر إذا تمكن من إكمال موسمه التهديفي الرائع قبل اتخاذ الخطوة التالية.
وكما هو الحال عادة مع مهاجمي الدوري الألماني، هناك تساؤلات حول كيفية تكيف مرموش مع اللعب في دوري لا تلعب فيه الدفاعات عالية أو مفتوحة، على الرغم من أنه يمكن مواجهة هذا من خلال قدرته الدقيقة على تغيير وتيرة المراوغة.
يبلغ طول مرموش ستة أقدام، وهو لا يستغل طوله إلى أقصى حد بقدر سرعته، وقليل جدًا من أهدافه بالرأس، ومتوسط نجاحه في الكرات الهوائية أقل من مرة واحدة في المباراة، وهو رقم صادم للغاية بالنسبة لمهاجم مركزي، حيث لعب أغلب الوقت هذا الموسم كمهاجم صريح.
ورغم أنه سبق وأن كشف عن طموحاته باللعب في الدوري الإنكليزي الممتاز، إلا أن تركيز مرموش يظل منصبا على إنجازاته مع ناديه الحالي.
مستقبل مميز
لا شك أن استمراره في هذا المستوى المتميز من التألق سيضع النادي الألماني أمام مهمة صعبة تتمثل في محاولة إطالة مدة بقائه.
وفتح المدير الرياضي في آينتراخت ماركوس كروش مؤخرًا الباب أمام البيع ، قائلًا: "بالنسبة لنا، لا نريد أن نخسر العديد من اللاعبين الأساسيين. يجب أن أقول بصراحة أنه لا يوجد لاعب في آينتراخت غير قابل للبيع، لكننا نريد الحفاظ على الفريق معًا".
وأضاف:"أتحدث عن مرموش بعد كل مباراة، لكن هذا شيء جيد، يمنحنا عمر قدرًا لا يصدق من اللعب".
وسواء استمر في تسجيل الأهداف بهذا المعدل أم لا، فإن مرموش لاعب مثير للاهتمام للغاية لمشاهدته وهو يتألق، ولا ينبغي أن يستغرق الأمر تغريدة أخرى من ميدو لتسريع عملية بدء مغامرة جديدة في إنكلترا.