النهار

المدربون الأجانب للمنتخبات... هل يدعم التاريخ توخيل؟
المصدر: النهار
منذ الإعلان عن تعيين توماس توخيل لتولي مهمة منتخب إنكلترا، لم تتوقف انتقادات الصحافة الإنكليزية لهذا القرار، حيث وصفت صحيفة "ديلي ميل" الحدث بأنه "يوم أسود"، وفي ألمانيا، سخروا أيضًا من هذا القرار، وأشارت صحيفة "بيلد" إلى أن "اليأس في إنكلترا يجب أن يكون هائلًا إذا تخيلوا أن الألماني يمكنه مساعدتهم الآن"، وقد أبدوا اندهاشهم من قلة المدربين الإنكليز في هذه المرحلة، والتي جعلتهم يلجأون إلى مدرب أجنبي.
المدربون الأجانب للمنتخبات... هل يدعم التاريخ توخيل؟
توماس توخيل.(ا ف ب)
A+   A-

في إنكلترا، وفي معظم الدول، لا يُفضل أن يدرب أجنبي المنتخب الوطني، حيث إن الافتقار إلى الشعور بالهوية والانتماء يثير الشكوك حول أي شخص أجنبي مهما كان اسمه، وهذا ما أعلنه توخيل بعد حديثه في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، رداً على الانتقادات التي تلقاها: "أنا آسف لأنني لا أملك جواز سفر إنكليزي". لكن الأمر لم يكن هكذا دائمًا، فقبل التجديد مع ريال مدريد، حاول المنتخب البرازيلي إقناع كارلو أنشيلوتي بتدريب "السيليساو"، وهي الأخبار التي طال انتظارها من قبل المشجعين، لكنها لم تصبح رسمية بعد.

وهذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي يتولى فيها مدرب أجنبي مسؤولية تدريب منتخب وطني.

قاد إريكسون وكابيلو منتخب إنكلترا
كان وصول سفين غوران إريكسون في عام 2001 بمثابة نقطة تحول بالنسبة لمنتخب إنكلترا، حيث اعتبره الاتحاد الإنكليزي ثاني أفضل مدرب في تاريخ "الأسود الثلاثة"، ولم يتفوق عليه سوى ألف رامسي، الذي قاد إنكلترا إلى لقبها العالمي الأول والوحيد في مونديال 1966، وخلال فترة عمله، قاد إريكسون الفريق إلى الدور ربع النهائي في نهائيات كأس العالم في كوريا واليابان 2002 وألمانيا 2006، وكذلك بطولة كأس أمم أوروبا 2004 في البرتغال.

ومهّد السويدي الطريق أمام فابيو كابيلو ليتولى قيادة الفريق بعد ذلك بعامين، ومع ذلك، لم ينجح المدرب الإيطالي، حيث سقط منتخب "الأسود الثلاثة" تحت قيادته أمام ألمانيا في دور الـ16 لكأس العالم 2010 بنتيجة 4-1، ولم تسمح له خبرته الإنكليزية القصيرة بالمنافسة في المسابقة الأوروبية، حيث قدم كابيلو استقالته من تدريب منتخب إنكلترا قبل أربعة أشهر من كأس أمم أوروبا 2012، وكانت "قضية تيري" حاسمة في قراره، وأعلن حينها: "لقد أهانني الاتحاد وكسر سلطتي".

النموذج الإسباني: كوبالا وروبرتو مارتينيز
تولى المجري كوبالا، خامس هدافي برشلونة التاريخيين، قيادة المنتخب الإسباني بين عامي 1969 و1980، ليصبح المدرب الذي قضى أطول فترة في تدريب "لاروخا"، رغم أن البيانات تشير إلى أنها كانت فترة مظلمة في تاريخ الإسبان، حيث فشل الماتادور في التأهل لكأس العالم 1970 أو 1974 وحقق 31 إنتصاراً و21 تعادلاً و16 خسارة.

لكن يبدو أن تدريب الأجانب للمنتخبات الوطنية ليس بالأمر السيئ دائمًا، فهناك العديد من الحالات التي جرى فيها إزالة الحواجز الثقافية بنجاح، حيث أصبح الإسباني روبرتو مارتينيز، مدرب البرتغال حالياً، مرجعًا في بلجيكا، بعد أن تولى مسؤولية "الشياطين الحمر" في عام 2016، في الفريق الذهبي الذي ضم دي بروين وكورتوا ولوكاكو وهازارد ورفاقهم، حيث حقق المركز الثالث في كأس العالم 2018، وهي أفضل نتيجة في تاريخه، كما قاد الفريق إلى قمة تصنيف الفيفا في عدة مناسبات.

غوس هيدينك وميلوتينوفيتش: الحلم الكوري والمكسيكي
تولى الهولندي غوس هيدينك قيادة المنتخب الكوري الجنوبي في عام 2001، المعروف بأسلوبه التكتيكي وقدرته على توحيد اللاعبين، ووصل إلى بلد متحمس لكرة القدم، ولكنه دون تاريخ مميز في المنافسات الدولية، وفي نهائيات كأس العالم 2002، وصلت كوريا الجنوبية إلى الدور نصف النهائي، بفوزها على منتخبات قوية مثل إيطاليا وإسبانيا، وأصبح نجم التدريب المخضرم بطلاً لدولة كانت تحلم ذات يوم برفع كأس العالم.

وحدث شيء مماثل مع الصربي بورا ميلوتينوفيتش الذي ترك بصمته على كرة القدم المكسيكية، حيث تزامن قيادته للفريق في عام 1985 مع فترة سيئة، لكنه سرعان ما حول الفريق إلى وحدة تنافسية، و خلال كأس العالم 1986، التي أقيمت في المكسيك، وصل ميلوتينوفيتش إلى الدور ربع النهائي.

لا يوجد أجنبي فاز بكأس العالم
لكن ليس كل ما يلمع ذهباً، لأنه على الرغم من وجود العديد من القصص السعيدة، إلا أن القليل منها كان له نهاية رائعة، على الأقل في أوروبا، وبالكشف عن الألقاب التي فاز بها المدربون الأجانب، ندرك أن هناك القليل ممن حققوا إنجازات، فمثلاً على مستوى كأس العالم، لم يتمكن أي فريق من الفوز بكأس العالم مع مدرب أجنبي.

في أوروبا، كان الألماني ريهاغل هو الذي قاد حلم منتخب اليونان في عام 2004 للفوز ببطولة كأس أمم أوروبا التي أقيمت في البرتغال، ضد الشاب كريستيانو رونالدو، الذي لا تزال صورته وهو يبكي بعد الهزيمة في الأذهان، ويحلم توخيل بمطابقة إنجاز مواطنه.

تاريخ الأجانب في أميركا الجنوبية
صنع الإسباني خوسيه لاغو التاريخ في عام 1927 عندما أصبح أول مدرب أجنبي يفوز بكأس أميركا الجنوبية مع الأرجنتين، وفي عام 1939، أصبح البريطاني جاك غرينويل ثاني أوروبي يحقق ذلك، وقاد بيرو لأول لقب لها بفوزها على أوروغواي في النهائي.

وبعد 24 عامًا، حقق البرازيلي دانيلو ألفيم نفس الإنجاز مع بوليفيا، ورفع سامباولي وخوان أنطونيو بيزي اللقب مع تشيلي، بفوزهما على موطنهما الأرجنتين في كلتا المناسبتين، وقال سامباولي في مقابلة مع صحيفة "البايس": "كان الأرجنتينيون مهتمين بي عندما فزنا بكأس أميركا الجنوبية مع تشيلي في عام 2015".

ومن أوروبا إلى أميركا، لا تحدد جنسية المدرب دائمًا مدى نجاحه مع المنتخب الوطني، حيث يقول التاريخ الأوروبي، وخاصة الأميركي، إنه من الممكن للمدرب أن يفوز بالألقاب (على الأقل القارية) مع دول ليست بلده، وفي الوقف الذي تحيط فيه الشكوك بتوماس توخيل، فإن إنكلترا التي لم تفز بلقب دولي منذ 58 عامًا، فالوقت وحده هو الذي سيحدد ما نجاحه أو فشله.

اقرأ في النهار Premium