النهار

رشيد المخلوفي... أيقونة التحرير الجزائرية
أحمد محي الدين
المصدر: النهار
لقب الأسطورة في عالم الرياضة وخصوصاً كرة القدم، لا يقتصر على عطاء اللاعب في أرض الملعب، إنما يكتسبها من مآثره في محيطه، على غرار نصرة الراحل الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا للفقراء دوماً.
رشيد المخلوفي... أيقونة التحرير الجزائرية
رشيد المخلوفي
A+   A-

وعربياً ثمة اسم لمع نجمه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كمهاجم وهداف مميز في أرض الملعب، وهو رشيد المخلوفي الذي ودع الحياة قبل يومين، إلا أن أسمى أهدافه كان عندما تخلى عن جنسية المستعمر الفرنسي ليساهم في استقلال بلاده عام 1962.

الشق النضالي في مسيرته غلب على الطابع الرياضي، فإبن مدينة سطيف الذي ولد عام 1936، كان من أبرز المواهب في الملاعب الفرنسية ونادي سانت اتيان العريق، حيث ساهم في تحقيق الفريق الأخضر ألقاباً عديدة، وارتدى قميص المنتخب الفرنسي في أربع مباريات عامي 1956 و1957، وبعد عام واحد تخلى عن الاحتراف في أوروبا ليعود الى الجذور، حيث ساهم في تأسيس فريق جبهة التحرير الوطني، الذي تشكّل من لاعبين جزائريين محترفين لدعم الثورة الجزائرية، حيث أراد الفريق إيصال رسائل سياسية من خلال كرة القدم، ونشر دعوة النضال الجزائري من أجل استقلال البلاد وتحررها من الاستعمار، حيث خاض الفريق مباريات عديدة مع منتخبات عالمية غالبيتها من الدول الاشتراكية والعربية مثل تونس والمغرب والعراق والأردن وبلغاريا ورومانيا والمجر وبولندا والاتحاد السوفييتي وتشيكوسلوفاكيا. للترويج للقضية الجزائرية، وتجمع الفريق من عدة مدن فرنسية وغادروا سراً الى تونس في آذار (مارس) 1958 إذ اختارت جبهة التحرير الوطني هذا التوقيت لإحداث وقع إعلامي وتأثير نفسي، حيث كان المنتخب الفرنسي يستعد لنهائيات كأس العالم في السويد، بإجراء مواجهة ودية مع نظيره السويسري، وكان كل من مصطفى زيتوني ورشيد مخلوفي ضمن تشكيلة "الديوك".

 

وكتبت صحيفة "ليكيب" حينها عن الحادثة "الرياضة أداة رائعة للتقريب بين الأفراد، إنهم يتعلمون في الملاعب كيف يتعرفون ويتفاهمون بأفضل صورة، لكن من العبث أن نعتقد أنهم من الممكن أن يكونوا في مأمن من تأثير التيارات السياسية المولدة للنزاعات العالمية الحالية".  وأردفت "من غير المجدي أن ننكر الدوي الذي سيحدثه هذا التصرف (فرار اللاعبين وفق تعبيرها). العدوى قد تتوسع، في ذهننا بعض الأسماء الكبيرة للرياضات الأخرى".

 

بعد نيل الجزائر استقلالها، عاد المخلوفي إلى سانت اتيان، ليقوده الى ألقاب عدة، إذ يُعد ثاني أفضل هداف في تاريخ النادي العريق (150 هدفاً)، واعتزل اللعب عام 1970، حيث لعب مع منتخب الجزائر عشر مباريات مسجلاً خمسة أهداف.

 

لم يترك المخلوفي الجزائر، انتقل الى مجال التدريب فتولى منتخب "الخضر" وتوج معه بالميدالية الذهبية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط  عام 1975 في الجزائر، ثم حقق ذهبية دورة الألعاب الإفريقية عام 1978، قبل أن ينضم إلى الجهاز الفني إلى جانب محيي الدين خالف في كأس العالم 1982 في إسبانيا، وسجل فوزًا مميزًا على منتخب ألمانيا حينها 2-1، حيث تم إقصاؤه بـ"فضيحة خيخون". وتنقّل مخلوفي كمدرب بين فريق باستيا الفرنسي ونادي المرسى التونسي، ليحط عام 1996 في لبنان إذ أشرف على تدريب نادي النجمة أحد أكثر الاندية شعبية في بلاد الأرز، وساهم في إطلاق جيل جديد من اللاعبين المحليين أبرزهم "المايسترو" موسى حجيج ومحمد حلاوي وتوج مع الفريق النبيذي بأربعة ألقاب كأس لبنان (1997 و1998)، وكأس النخبة (1996 و1998). كما تمكن من قيادة الفريق إلى فوز تاريخي على النصر السعودي 1-0 ببطولة خلال كأس الكؤوس العربية عام 1997، كما حقق النتائج المميزة مع النجمة خلال استضافة كأس الكؤوس العربية 1998 في المدينة الرياضية في بيروت.

 

وترك المخلوفي "إرثا لا يقدر بثمن يتجاوز الرياضة، ويجمع بين العاطفة الكروية والالتزام الوطني"، مشيرا إليه كـ "أسطورة كرة القدم الجزائرية ورمز النضال من أجل الاستقلال".

اقرأ في النهار Premium