أندريس إنييستا. (إكس)
آية جبر
لم تكن بداية الرسام أندريس إنييستا مكللة بالورود، بل أنه عانى حتى تمكن من أن يصبح واحداً من أعظم لاعبي خط الوسط في التاريخ - إن لم يكن الأعظم - ويرجع ذلك إلى نشأته البسيطة في إحدى القرى الصغيرة المعروفة باسم بـ"فوينتيالبيا"، إحدى قرى مقاطعة ألباسيتي، كاستيا-لا مانشا، والتي لم يكن يتوفر فيها الملاعب، ما كان يُجبر جميع الفتية على لعب كرة الصالات، ومن بينهم إنييستا الذي لم يجد نفسه أبداً في هذه اللعبة حتى نجح والده في إقناع أحد الكشافين التابعين لأكاديمية برشلونة "لا ماسيا" بضمه، عندما كان يبلغ 12 عاماً.
علماً أنّ إنييستا كان يشجع ريال مدريد ويرغب في تحقيق حلمه بالانضمام إلى النادي الملكي، لكنّ القدر خبأ له تاريخاً مزخرفاً بالذهب مع الغريم التقليدي ليصبح أحد أساطير نادي برشلونة.
وبالفعل نجح اللاعب في جذب الأنظار إليه منذ البداية بسبب مهارته ورزانته في تسلم الكرة والتحرّك بها في أضيق المساحات، الأمر الذي جعله يتدرج في الفئات العمرية لفرق شباب برشلونة، وصولاً إلى الفريق الأوّل عام 2002، وهو كان لا يزال بعمر الـ18 عاماً.
وبفضل موهبته الفذة التي لم يختلف عليها أي مدرب فور رؤيته، فإنّ إنييستا قضى 16 عاماً مع الفريق الأوّل داخل جدران النادي الكاتالوني، لعب خلالها 442 مباراة، سجل خلالهم 32 هدفاً، وخلال هذه اللقاءات كان الرسام الإسباني واحداً من أبرز النجوم الذهبيين لبرشلونة الذين قادوا الفريق نحو الهيمنة على البطولات المحلية والقارية والدولية برفقة ليونيل ميسي وتشافي هيرنانديز وسيرجيو بوسكيتس وغيرهم... واستحق خلال هذه الفترة أن يكون اللاعب الإسباني الأكثر تتويجاً على مر العصور بعدما حصد 35 لقباً مع برشلونة، من بينهم 22 لقباً محلياً: (9 ألقاب في الليغا، و6 من كأس ملك إسبانيا و7 آخرين في السوبر الإسباني)، و7 ألقاب أخرى قارية: 4 ألقاب من دوري أبطال أوروبا و3 في كأس السوبر الأوروبية، بالإضافة إلى 3 ألقاب دولية ببطولة كأس العالم للأندية.
ولم تكن مسيرة إنييستا مكللة بالنجاح على المستوى الجماعي فقط، بل أنه نجح في حصد العديد من الألقاب الفردية في مختلف المسابقات، وبفضل ذلك دخل المنافسة على لقب الكرة الذهبية ثلاثة أعوام متتالية: (2010، 2011، 2012)، لكنه لم يُكتب له أن يتوّج بها، بل اكتفى بالتواجد بالمركز الثاني في العام الأوّل، والمركز الرابع في العام الثاني، والثالث في عام 2012.
مسيرة تاريخية مع منتخب إسبانيا
بينما كان يتألق البعض مع فرقهم ولا يتمكنون من تحقيق إنجاز يُضاف إلى تاريخهم برفقة منتخب بلادهم، كان الرسام إنييستا يكتب تاريخاً آخر، مفاده النجاح في كلا الأمرّين. فبعد أن ظهر اللاعب بمستواه المميز منذ الصغر، انضم إلى صفوف منتخب إسبانيا 15 عاماً، ونجح في التتويج بلقب كأس أمم أوروبا مرّتين مع منتخبات ما دون 17 عاماً، وما دون 19 عاماً، وتمكن من أن يصعد تدريجياً في الفئات العمرية حتى وصل إلى المنتخب الأوّل، وهو لا يزال في بداية عقده الثاني عام 2006، واستمر في تمثيل منتخب "لا روخا" في مختلف المعسكرات الدولية، حيث كان واحداً من الركائز الأساسية حتى عام 2018.
وطوال المواسم التي لعبها مع منتخب بلاده، شارك في 131 مباراة، أحرز خلالها 13 هدفاً، بالإضافة إلى مساهمته في صناعة العديد من الأهداف، كما أنه ساهم بصورة مباشرة في تتويج منتخب إسبانيا بلقبي من كأس أمم أوروبا عامي 2008 و2012، ليكون اللاعب الإسباني الوحيد الذي نجح في حصد أربعة ألقاب يورو في مراحل عمرية مختلفة، بالإضافة إلى تتويجه بالبطولة الأكبر في عالم المستديرة، ألا وهي كأس العالم عام 2010، ليحصد اللاعب طوال مسيرته في أوروبا 35 لقباً، إلى جانب لقبين مع منتخبات الشباب.
محطات أخيرة في حياة إنييستا الكروية
انتهت المسيرة الكروية المكللة بالذهب للرسام أندريس إنييستا داخل قلعة برشلونة عام 2018، بعد قضى 16 عاماً مع الفريق الأوّل، و22 عاماً منذ انضمامه إلى الأكاديمية وهو بعمر الـ12، لينتقل بعد ذلك إلى نادي فيسيل كوبي الياباني الذي استمر معه حتى موسم 2022-2023، خاص خلال هذه الفترة 114 مباراة، مسجلاً 21 هدفاً، لينتقل بعدها إلى نادي الإمارات الإماراتي الذي لعب معه موسماً واحداً، مشاركاً في 20 مباراة، ومحرزاً 5 أهداف.
وبعد مسيرة حافلة بالنجاحات لعب خلالها الرسام أندريس إنييستا 1016 مباراة، أحرز خلالها 107 أهداف وصنع 191 آخرين، قرّر أحد أعظم لاعبي خط الوسط في تاريخ كرة القدم الاعتزال بعمر 40 عاماً.