مدرسة في الكويت.
في منطقة السالمية المليئة بالأسواق التجارية والمطاعم والمقاهي، افتتحت الصين مركزها الثقافي بالكويت، ليكون الأول من نوعه في الخليج، سعياً لنشر الثقافة واللغة الصينية.
يقول شيا جيانفنغ، الملحق الثقافي الصيني بالكويت ورئيس المركز الثقافي الصيني لوكالة "رويترز" إنَّ إنشاء المركز جاء ثمرة لاتفاقية تعاون وقعتها الحكومتان في 2017، وهو "رمز للصداقة" بين الكويت وبكين.
وذكر أن "هذا المركز هو الأول من نوعه في دول مجلس التعاون الخليجي"، رغم أن هناك بعض المراكز الثقافية قيد الإنشاء في دول خليجية أخرى.
وأشار إلى أن المركز الذي تم افتتاحه العام الماضي أطلق في أيار (مايو) أول دورة رسمية لتعليم اللغة الصينية، مشيراً إلى أن المركز يضم حاليا نحو 60 دارساً.
وفي إحدى القاعات الواسعة بالمركز تجمع أكثر من 10 دارسين من مختلف الأعمار، يستمعون لتوجيهات المعلمة الصينية طيبة ما شينجنا التي تتحدث العربية.
ومن هؤلاء الدارسين فيصل راشد الغيص سفير الكويت الأسبق لدى بكين (خلال الفترة من 2003 إلى 2010)، الذي يكمل دراسته للغة الصينية مع زوجته بعد أن بدءاً تعلمها في الصين.
وقال الغيص لـ"رويترز" إنَّهما يتعلمان اللغة الصينية حالياً بعد تقاعدهما لأن لديهما شغفا لتعلم اللغات الأجنبية، مشيراً إلى أن الصينية هي اللغة التاسعة التي يتعلمها، أما زوجته فهي اللغة الخامسة بالنسبة لها.
وأكد الغيص أن الكويتيين مدركون لأهمية الصين السياسية والاقتصادية باعتبارها ثاني اقتصاد في العالم.
وقال الغيص: "مهم جداً أن نتعلم اللغة الصينية... بلد بحجم الصين وحضارة الصين وثقافة الصين... هم لهم مراكز ثقافية في بلدان كثيرة... جيد أنهم بدأوا هنا (في الكويت)".
وأوضحت زوجته عايشة عبدالعزيز العويش أنها تعلمت عدة لغات وقد أحبت الصين التي عاشت بها وأحبت اللغة الصينية رغم أنها أصعب لغة تعلمتها.
وقالت شيماء القاضي، المهندسة بوزارة الأشغال العامة، والتي تدرس بالمركز أيضاً إنَّ "الصدفة البحتة" هي التي قادتها لتعلم الصينية، حيث دلها زوجها على المركز وبدأت تعلم اللغة في البداية لأنها ترغب في السفر للصين لشراء أثاث منزلها من هناك.
وقالت المعلمة طيبة ما شينجنا، باللغة العربية، إنَّ تعلم اللغة الصينية يلقى نجاحاً كبيراً في الكويت، لأن الكويتيين يرغبون في زيارة الصين للسياحة أو الدراسة.
وقالت: "أريد أن أجعل اللغة الصينية والثقافة الصينية يعرفها كثير من الناس. هذا مهم. لأن اللغة والثقافة هي جسر بيننا وبين العرب. العلاقة بين الصين والعرب ودول الخليج الآن قوية جداً".
وقال جيانفنغ إنَّ الدارسين لهم أهداف متنوعة فبعضهم يريد السفر والسياحة وآخرون يخططون للدراسة في الصين، ويرغبون في معرفة "المعلومات الأساسية عن اللغة" قبل السفر.
وأضاف أن بعض المشاركين يدرسون اللغة الصينية لأغراض مهنية، خاصة في مجال التكنولوجيا، كما يقبل عليها بعض رجال الأعمال لأن العديد من الكويتيين لديهم روابط مع الصين أو يعملون مع شركات صينية في الكويت.
وتنتقد أصوات غربية المساعي الصينية لتعزيز الروابط مع الدول العربية، من خلال المشاريع والتكنولوجيا، معتبرين أن هدفها "اختراق" هذه الدول لأغراض سياسية واستراتيجية.
لكن جيانفنج نفى هذا الادعاء، قائلاً: "نحن لا نجبر أحداً، هذا أمر اختياري... لن نجبر أحداً على القيام بشيء لا يرغب فيه".
وأضاف: "الثقافة هي قوة تدعم تطور البلد. الكويت والصين لديهما ثقافات مختلفة، لكن كلا البلدين طوراً حضارات عريقة، وكل حضارة لديها العديد من النقاط الرائعة التي يمكن أن نتعلمها من بعضنا البعض. وهذا هو السبب الرئيسي لوجودنا هنا".
وقال إنَّ تعليم اللغة الصينية لا يأتي فقط لأننا نريد أن ننشر ثقافتنا، ولكن أيضاً لأن الكثيرين يرغبون في ذلك، "كما يقول المثل: حيث يجري الماء، تتشكل القناة".