فتيات تحت التدريب في مركز فاطمة بنت مبارك في بلوشستان
تعاني النساء في مقاطعة بلوشستان الباكستانية، وتحديداً في القسم الجنوبي منها، الكثير من الويلات جراء الأزمات الأمنية هناك، أبرزها حرمانهن من التعليم وإرغامهن على الزواج المبكّر، وفي حالات أسوأ تجنيد بعضهن للانخراط في صفوف الانفصاليين الذين يستغلونهن عبر عدة وسائل ابتزاز لتفجير أنفسهن في المقاطعة التي تشهد نزاعات بين الانفصاليين البلوش وحكومة باكستان منذ عام 2003.
في داخل المحافظة التي تصنف الأكبر في البلاد، تتكاثر حالات مأساوية لفتيات يعشن في مناطق الخطر، مثل توربات وكيتا وقوادر وغيرها.
ودعماً لهن وُلدت مبادرة من بين مبادرات عدة قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة لباكستان، لكن مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك كانت المميزة من "أم الإمارات" إلى بنات بلوشستان، حيث ساهمت في بناء أكاديمية تمكّن الفتيات وتوفر لهن التعليم وتحضّرهن للدخول إلى الجامعات بدلاً من استغلالهن في أعمال خطيرة.
في عام 2018، بدأت أعمال بناء المركز الضخم في منطقة "توربات" ليكون جاهزاً بعد سنة لاستقبال نحو 78 فتاة. ومنذ إنطلاقته حتى اليوم، تخرّج فيه أكثر من 400 فتاة، تتراوح أعمارهن من ـ14 و18 عاماً، تتدربن في دورات مكثفة في كافة المجالات العلمية قبل دخولهن المراحل الجامعية في باكستان وفي خارجها. وتتوفر في المركز مناهج تعليمية عالية الجودة عن الطب والبرمجة الحاسوبية والتمريض إضافة إلى علوم الشرطة، بحسب يروي رئيس المركز معاز نيسار لـ"النهار".
خدمات تعليم ورفاهية حياة
يوفر المركز العديد من الخدمات، أبرزها مكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب العلمية والأدبية، فضلاً عن مكاتب شاسعة للدراسة وتحضير البحوث بواسطة 20 حاسوباً حديثاً. كل الخدمات هذه ممولة من الإمارات، بدعم من الشيخة فاطمة بنت مبارك التي حرصت على أن يكون المكان ملائماً لسكن الطالبات اللواتي حصلن على منح. وقد إرتأت تأمين مساكن داخلية للطالبات مرفقة بغرف طعام ومطابخ كبيرة للواتي يواجهن صعوبة في التنقل من منطقة إلى أخرى بسبب المسافات البعيدة في بلوشستان.
يقول نيسار: "تكاليف التسجيل والإقامة زهيدة جداً على الطالبات اللواتي يتحدرن من عائلات ذات دخل محدود، وفي هذا العام، استقبلنا 80 طالبة، ونتوقع في السنوات المقبلة أن يرتفع العدد، لذا نعتمد سياسة الاختيار الدقيق كي لا نظلم أي فتاة، حيث نجري لقاءات واختبارات لكل مرشحة، وفي النهاية نختار أفضل 70 أو 80 فتاة لدخول الأكاديمية".
حياتهن تحسنت كثيراً
تساهم حكومة بلوشستان في دعم المركز بتخصيصها ميزانية محددة سنوياً، زيادة على الدعم المالي الأساسي الذي يلقاه من الإمارات. واللافت أنه يشهد إقبالاً كبيراً في منطقة تعاني الفقر والاضطراب الأمني والحياة المجحفة للفتيات، وهو ما تؤكده إحدى الطالبات التي التقتهن "النهار". تقول رحيمة عمران: "المركز ليس للتأهيل إلى مراحل تعليمية أخرى فحسب، بل هذا مكان لتنمية الشخصية خصوصاً أننا نعيش في مجتمع محافظ يحد من حرية الفتاة في مجال التعلّم، ولا سيما إتقان اللغة الإنكليزية التي يتحدثها عدد محدود جداً في هذه المحافظة".
وتضيف: "تغيّرت حياة كثيرات، وحصلنا على لغة جديدة ومهارات تقنية في مجال الكومبيوتر والتأقلم على العيش مع الذات، وهذا هو التحدي الكبير".