النهار

"الإمارات" وعناوين النجاح
راية الإمارات خفاقة بالإنجازات
A+   A-

لوسيان شهوان

انطلاقاً من أهميّة "الاستهلاك المسؤول" وترشيده، خاصة في الطاقة والمياه، مروراً بـ "النقل الأخضر"، وصولاً إلى "الوعي الزراعي"، أرادت دولة الإمارات العربية المتحدّة تمديداً لما سمّته "عام الاستدامة" في العام الذي سبق، في عام 2024. لذلك، اختارت أن يكون العام الحالي الذي دخلنا شهره الأخير "عام الاستدامة" أيضاً. وما حملته من عناوين لإدارة الداخل الإماراتي، أرادته الإمارات في مساهماتها الإقليمية والدوليّة وتحديداً في الجهود الكبيرة التي وضعتها في مؤتمر الأمم المتحدّة للمناخ "كوب 29" الذي انعقد الشهر الماضي في باكو في دولة أذربيجان. 

فلطالما اعتبر رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، أن تسريع العمل المناخي أمر أساسيّ، لذلك أبدى استعداده الدائم لالتزام التوصيات المناخية انطلاقاً من شراكات استراتيجية تعمل عليها الإمارات مع مختلف الأطراف الدولية لابتكار تقنيات صديقة للبيئة. 

ففي مؤتمر "كوب 29" بأذربيجان، التزمت الإمارات تحقيق كل المطلوب للمساهمة الجديّة في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، والحدّ من ارتفاع درجات حرارة الأرض. وكان قد سبق الإنجاز العالميّ، إنجاز آخر تحقق في أيلول (سبتمبر) الماضي مع اكتمال التشغيل التجاري لمحطة "براكة" للطاقة النووية، الأولى من نوعها في العالم العربي، مع بدء التشغيل التجاري للمحطة الرابعة. وتنتج محطات "براكة" الأربع الآن 40 تيراواط في الساعة من الكهرباء سنوياً، وما يصل إلى 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء من دون انبعاثات كربونية. وتحدّ محطات "براكة" من 22,4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية في كل عام. وساهم تشغيلها في انخفاض استهلاك الغاز الطبيعي لإنتاج الطاقة في أبو ظبي إلى أدنى مستوى له منذ 13 عاماً. 

"ستقود XRG النمو الاقتصادي المستدام، وتعزز الابتكار التكنولوجي، وتوفر الطاقة والمنتجات اللازمة لتحسين حياة الناس حول العالم." هذا ما قاله الدكتور سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لمجموعة أدنوك ووزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، فإن شركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) أطلقت في الأسبوع الماضي شركةXRG ، وهي شركة استثمار دولية متخصصة في الطاقة منخفضة الكربون والكيماويات، بقيمة مؤسسية تتجاوز 80 مليار دولار.

من التعاون المناخي العالميّ وانجازاته والمساهمة الجدّية في حماية كوكب الأرض ومستقبل الأجيال الإماراتية والعالمية، إلى التقدّم العالمي في مؤشر القوّة التنافسيّة. ففي التقرير السنوي الصادر في منتصف العام الحالي عن المعهد الدولي للتنمية الاداريّة في سويسرا، أظهرت الأرقام أن دولة الامرات تقدّمت ثلاث مراتب، من المرتبة العاشرة عالمياً إلى السابعة. فاحتلّت المركز الثاني عالمياً في "الأداء الاقتصادي"، والرابع عالمياً في "كفاءة الحكومات" وانتزعت المركز العاشر عالمياً في محور "كفاءة بيئة الاعمال". وحرصاً منها على متابعة التقدّم، نُظمت في الأسبوع الأوّل من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) "الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024" بحضور أكثر من 500 شخصية من قيادات الدولة والمسؤولين الاتحاديين والمحليين. وهدفت الاجتماعات التي امتدت ليومين إلى وضع رؤى وخطط تواكب الأهداف الإماراتية فيما يعني "التنافسية العالمية" وتعزيز المسيرة التنمويّة للدولة. 

بعد الهند والولايات المتحدّة الأميركية، تأتي الإمارات في المراتب الأولى عالمياً في تجارة "الألماس" التي يتوقّع أن تتخطى قيمتها 40 مليار دولار في عام 2024. وها هي الدولة تعزز مكانتها الدولية في القطاع لاستضافتها للمرّة الثانية وترؤسها عمليّة "كيمبرلي" في "أسبوع دبي التاريخي" للألماس، والذي جمع ممثلي القطاع من مختلف أنحاء العالم. ما تحقق في اللقاء العالميّ تاريخي، مع رفع الحظر الذي استمرّ لسنوات عديدة على صادرات الألماس الخام من أفريقيا الوسطى، وهذا انتصار يُسجّل للإمارات بعد مساعي حثيثة خاضتها في هذا الاتجاه. وقد جرى العمل أيضاً على تقديم نموذج لتحويل عمليّة إصدار شهادات "كيمبرلي" إلى نظام رقمي، الأمر الذي يساعد في التحقق من أصول الألماس ويمنع التزوير. 

"أن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية"، هو هدف رئيسي في استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي باتجاه تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071. فالإنجاز الإماراتيّ مستمر ولن يتوقف على هذا الصعيد، وأمثلة عام 2024 كثيرة، منها إعلان "غوغل" عن مبادرة "فرص الذكاء الاصطناعي" خلال فعالية AI Connect  التي أقيمت في الشهر الماضي بمتحف الاتحاد في دبي. وتعدّ مبادرة "غوغل" أكبر مبادرة لها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تطرح منتجات جديدة في مجالات متعدّدة تستند على الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى بناء القدرات المطلوبة في هذا المجال وتمويل الأبحاث اللازمة وصولاً إلى مساهمة "غوغل" في بناء بنية تحتية لتطوير "الذكاء الاصطناعي" في المنطقة. ويستكمل "مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي" أعماله المهمّة ضمن المرحلة الثانية من استراتيجية الدولة للذكاء الاصطناعي التي تركز على اعتماده في القطاعات الحيوية منها الجهات الحكومية الاتحادية منها والمحليّة، وصولاً إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي أسلوب عمل في مختلف القطاعات. 

من الاستدامة البيئية إلى التقدم التكنولوجي، ومن قيادة التجارة العالمية إلى تطوير الطاقة النظيفة، تقدم الإمارات نموذجاً عالمياً في الإدارة والابتكار. في عام 2024، لم يكن مجرد عام مليء بالإنجازات، بل محطة أخرى تثبت فيها الإمارات قدرتها على تحقيق التوازن بين التطور المحلي والمساهمة في قضايا عالمية تهم الإنسانية بأكملها.

اقرأ في النهار Premium