يحيى السنوار. (أ ف ب)
أعرب العديد من سكّان غزة الخميس عن رغبتهم في انتهاء الحرب المدمّرة التي يشهدها القطاع منذ أكثر من عام، في اليوم الذي أعلنت إسرائيل فيه أنّها قتلت زعيم حركة "حماس" يحيى السنوار، وواصلت شنّ الضربات الدامية التي تسبب معاناة إنسانية هائلة.
منذ بعد ظهر الخميس، انتشرت الأنباء سريعاَ بين الغزيّين بشأن السنوار الذي تولّى منذ 2017 زعامة الحركة في القطاع، قبل أن يتمّ اختياره في آب (أغسطس) الماضي رئيساً لمكتبها السياسي خلفاً لاسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران بعملية نسبت لإسرائيل.
وأعلن الجيش الإسرائيلي بداية أنّه يحقّق في احتمال مقتل السنوار، قبل أن يؤكّد مسؤولون إسرائيليون أنه قُتِل.
وعلى رغم تلك الأنباء وتداول صور عبر منصّات التواصل ووسائل إعلام إسرائيلية قيل إنّها للسنوار بعد مقتله، شكّل النبأ مفاجأة للعديد من سكان القطاع.
وقالت أمل الحناوي (28 عاماً) التي نزحت من شمال القطاع الى منطقة النصيرات في الوسط، لوكالة "فرانس برس"، إن "اغتيال يحيى السنوار فاجعة لأهل غزة... لم نتوقّع ذلك".
أضافت "شعوري بأن حماس انتهت، لم تعد هناك مقاومة قوية، لقد تفكّكت... وهذا ما يريده نتنياهو، يريد إنهاء المقاومة في غزة باغتيال قادتها".
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته "حماس" على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023. وتوعّدت إسرائيل التي تعتبر السنوار مهندس هذا الهجوم، بالقضاء على الحركة.
وأسفر الهجوم في إسرائيل عن مقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيّون، حسب إحصاء لوكالة "فرانس برس" يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل أسرى ماتوا أو قتِلوا في الأسر في غزة.
ومن أصل 251 شخصاً خطفوا خلال الهجوم، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنّهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة، تسبّبت بمقتل ما لا يقل عن 42438 فلسطينياً، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحّة التابعة لـ"حماس"، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وتسبّبت الحرب بدمار هائل في القطاع المحاصر، وتسبّبت بنزوح غالبية سكّانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل، بحسب الأمم المتحدة.
"مات في ساحة القتال"
وأثار مقتل السنوار تساؤلات عمّا إذا كانت ثمّة نهاية للحرب تلوح في الأفق.
وقال مؤمن أبو وسام (22 عاماً) من حي التفاح في شرق غزة "استشهاد السنوار خسارة للشعب الفلسطيني لكن أنا أتصوّر ستنتهي الحرب كما بدأت".
أضاف "السنوار مات مثل كثير من الشهداء من شعبنا، لم يبقَ عذر لـ (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو ليواصل حرب الإبادة".
وتابع "إن شاء الله تعود العائلات التي ذهبت إلى جنوب غزة لبيوتها... وتنتهي الحرب ونرى إعماراً وبناء لغزة".
واعتبر نتنياهو أن "الشر تلقّى ضربة شديدة" بمقتل السنوار، مشيراً إلى أن "تصفيته محطّة مهمّة في تراجع حكم حماس الشرير". لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أكّد أن "الحرب (..) لم تنتهِ بعد وهي صعبة وتكلّفنا ثمناً باهظاً".
وقبل ورود الأنباء عن مقتل السنوار، تعرّضت مناطق عدّة في قطاع غزة لغارات جوية مكثّفة وقصف مدفعي طوال يوم الخميس خصوصاً في منطقة جباليا حيث تكثّف إسرائيل عمليّاتها منذ أيام.
وأعلن مستشفيان في القطاع أن غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في جباليا أدّت إلى مقتل 14 شخصاً على الاقل، بينما أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه استهدف عناصر من "حماس".
وسأل شادي نوفل أبو ماهر (23عاماً) "السنوار حسب نتنياهو كان السبب في الحرب... والآن استشهد، ماذا يريد الإسرائيليون؟ نحن نريد العيش كباقي الشعوب، لا نريد حروباً ولا مآسي".
وتابع "تعبنا وزادت الحرب عن حدها وأخذت الأخضر واليابس... أمامنا فقط الدمار والقتل والتخريب والانتقام"، طالباً "أن يتدخّل العالم لوقفها وكفّ الاحتلال عن القتل والدمار بحق شعبنا".
وأشاد فلسطينيون بالسنوار الذي أمضى أكثر من عقدين معتقلاً في إسرائيل، وتحوّل إلى أحد "رموز" المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل. ولفتوا إلى أن الصور التي انتشرت لما قيل إنّها جثته، أظهرت أنّه كان يضع كوفية وجعبة عسكرية، وقاتل حتى النهاية.
وقال أحمد عمر (36 عاماً) النازح من مدينة غزة في الشمال الى خان يونس في الجنوب "يحسب له أنه القيادي الوحيد الذي مات وهو في ساحة القتال".
واستعاد كثيرون من سكّان القطاع صورة للسنوار بعد نهاية حرب العام 2021 في قطاع غزة، ظهر فيها مع ابتسامة عريضة على وجهه، جالساً إلى أريكة في وسط دمار ناتج عن القصف الإسرائيلي.
وأعاد كثيرون نشر هذه الصورة ليل الخميس بعد إعلان إسرائيل قتل السنوار، أو نشروا صورا لأنفسهم يجلسون في وضعية مشابهة.
لكن أحداً لم يكن يحمل إجابة عما اذا كان قتل السنوار سيعني نهاية الحرب.
وقالت أم أحمد أبو عيطة (42 عاماً) النازحة في دير البلح "كل الحروب السابقة استشهد فيها قادة كبار ولم تتوقّف الحرب نتيجة اغتيالهم".
وتابعت "لا نعلم متى ستنتهي الحرب".